هناك فرق بين تكريم وتكريم _؟!

د. علي العسلي
الأحد ، ١٢ مايو ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٣٤ مساءً

كل يعمل على شاكلته، على طبيعته النفسية والتربوية، على ما تربّى عليه، وتعلّمه وسَلَكَهُ في حياته السياسية والعملية..

فالعصابات والميليشيات هي إرهاب، والإرهاب لا دين له.. وليس من طبعها وتربيتها احترام الدولة والقانون والدستور، فما يشابهها ويشاكلها هو فقط القتل والنهب والسلب والخطف والتخفّي..

.. تكريم الحوثي الإهانة..الإهانة إن قبل أحداً بتكريمه، والإهانة والتشويه يشملها عادة في تكريمه.. فمثلا.. يكرّم الحوثي المتحالفين معه بالغدر والخيانة.. ويكرّم المسنّين بجرّهم للتدريب والمناورات والرماية.. ويكرّم أبناء القبائل بتجنيد أبنائهم ودفعهم للموت دفاعاً عن عبد الملك وآله .. ويكرّم الموظفين بقطع رواتبهم وجعلهم عرضة للشحت والإهانة.. ويكرّم بعض المسؤولين باختيارهم للإفساد بعناية.. وأخرين يستخدمهم للوشاية، وبعضهم يدّخرهم للإتهام بالتجسس والعمالة والخيانة..

فتكريمه إن كرّم يشبه سلوكه وطبيعته.. فالإهانة من سيدهم يعتبرونها تكريم.. وقطع الرواتب تكريم، والجرع تكريم، وفرض إتاوات تكريم، وتحشيد الناس إلى السبعين تكريم، والتبرعات لهم ولمناسباتهم ومجهودهم الحربي تكريم، وأسواقهم السوداء تكريم، وتغيير المناهج تكريم، وإقامة المخيمات الصيفية للأطفال وتلقينهم الكراهية تكريم، ودفع أبناء القبائل للجبهات تكريم، وتعيين مشرفين على المسؤولين تكريم، ومحاكمة المستضعفين بتهمة التجسس تكريم. ومنع تصدير البترول والغاز تكريم، وحصار تعز تكريم..

وفي كل الأحوال.. فإن العصابات وقياداتها، بيئتها الإجرام والقتل والسلب والنهب، ولا يقبلون أن يكونوا مواطنين صالحين في الدولة القاطنين فيها!

وعلى العموم؛ فإن العصابات إن تمردت، أكثرت القتل، وإن أغتصبت أو انقلبت على مؤسسات الدولة؛ أسرفت في التدمير والنهب، وأفلست فيها، وداست على الدستور والقوانين النافذة تحت أقدامها، وجرّفت القيم والمعتقدات، وكل أشكال الحياة المدنية..

 ومن طبيعة العصابات، أنهم لا يعاملون رجالات الدولة الخاضعين لهم، إلا بالإهانة والدونية، والمواطنة من درجات أدنى، وبالتالي يذلّونهم ويشغّلونهم لحسابهم، حتى يتعلم عناصرهم كيفية تشغيل دواليب وادارة المؤسسات القائمة، فيستغنون عنهم ويرمون بهم تباعاً!؛

 وقد يحاكمونهم بحجة التخابر أو العمالة أو الارتزاق، فَتُهم العصابات معلّبة جاهزة!!

ومَنْ قَبِلَ الإهانة من المسؤولين السابقين، وأخلص الولاء لهم، يستمر معهم، لكن يمررون به لهم كل أنواع فسادهم وإفسادهم، وعند إكتشاف أمره يتنصّلون عنه، ويتهمونه بأنه من بقايا النظام السابق.. وما قاموا بما قاموا به، إلا لتغييره هو وأمثاله من الجذور... وهكذا..

وأولئك الذين قبلوا بحكم العصابات، ومن أراد المهانة والمذلة منهم، وبقي يعمل لصالح حكم العصابات، فلا ينبغي عليه أن يشتكي من فسادهم ولا من جررتهم له بما لا يحب، وليدرك أنه سيموت نفسياً وكمداً من معاملاتهم له أكثر مما لو حاكموه، فتفتخر به أسرته..

لذلك لا تستغرب إن رأيت عند الحوثيين؛ منح رتبة (مشير) لقاطع طريق، وإدارة المخابرات الحربية بتسليمها لسارق ، والأمن القومي لمارق، وتعيين مشرفين على الجامعات والوزارات والمؤسسات برتبة مقوّت أو دانق..

ويا آسفاه.. ففي مناطق سيطرة الحوثة، رجالات الدولة يساقون كالبعير، ويتطاول عليهم كل حقير، وأصبحوا لا لهم مقام ولا تقدير، وصار لزماً لهم التحرير!

أما تكريم السلطة الشرعية مختلف كلياً عمّا تقوم به العصابات والميليشيات .. فالسلطة الشرعية تكرّم الشهداء والجرحى والمقاومين والمعتقلين.. وتكرم من يرفع علم اليمن شامخاً من المعاقين(مثل الشاب الشجاع الذي بُترت يديه بالغام الحوثيين) .. وتكرم لمن للقرآن حافظين، وتكرم كل من يعمل لإستعادة الدولة من اليمنيين.. تكرمهم، اعتزازاً وعرفاناً بهم اجمعين.. تكرمهم بأوسمة الشجاعة والنياشين..

 

فهي تكرم كل من يناضل لإنهاء انقلاب الحوثيين.. وتكرم كل من يكافح ضد مشروع الإماميين.. وتكرم كل من يدافع عن الجمهورية والجمهوريين.. وتكرم كل من يناضل للقضاء على الميليشيات الحوثية الإرهابية التابعة للإيرانيين..

 

وتكرم العمال والطلاب والجنود والفلاحين.. وتكرم القادة والاحرار والسياسيين..وتريد تكريم كل الموظفين، بدفع رواتبهم من عائدات وثروات اليمنيين..

إن رجال الشرعية في دولة الجمهورية اليمنية، المغتصب عاصمتها ومؤسساتها.. نزعم – والمفروض- أنهم، ملتزمون أساساً بالدستور والقوانين والمواثيق الدولية، ولديهم مسؤوليات أخلاقية وقانونية تجاه شعبهم لرفع المعاناة عنهم، وتجاه الدول والمنظمات الدولية.. وهم رجال دولة يؤمنون بالمدنية، ولا يتعاملون إلا بها، ويناصلون في استعادة المؤسسات وتثبيت الشرعية ..

فعندهم، الدستور مقدّس، والقانون للإنفاذ، والعهود والاتفاقيات للتنفيذ.. السلام عندهم مسعى ، والاستقرار مبتغى، والتطوير والتنمية هدف وغاية..

 والحفاظ على النسيج الوطني عندهم واجب، والثوابت ليست للتلاعب أو التكتيك، بل للحفاظ عليها والتمسك بها، والاصطفاف يدعُون إليه ويُديرونه، وللشراكة والتوافق يسعون ويُفضلون..

السلام سبيلهم، والحوار خيارهم ، واستعادة الدولة هدفهم وميدانهم، وإنهاء الانقلاب غايتهم ، ولا يرون الناس أسياداً وعبيداً، بل هم من أجل شعبهم وإرضائه يتبارون ويتنافسون !

.. مثال للمقارنة .. أنظرو وقارنوا.. فوزير الاوقاق والإرشاد في الحكومة الشرعية(د. محمد بن عيضة شبيبة) ، يكرّم شاب معاق لرفع علم الجمهورية.. وصورة رئيس الجمهورية.. وإظهار ولائه للشرعية ( بمليون وبمسدسه الشخصي وحجّة بإذن الله مقبولة مقضية) .. فلله درك يا " شبيبة" بهذه العطيّة.. فانت تكرم بمسدسك الشخصي، وذاك يحصل فوق ما عنده مقابل حضور مناورة شكلية، على بندقية.. الفرق كبير أليس ذلك يا منصفين؟!

وفي معرض التكريم.. نشكر ونقدر تكريم رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي؛ للقادة الخارجين من سجون الحوثية، بوسام الشجاعة ووسام ٢٦ من الدرجة الأولى لثورتنا السبتمبرية.. وكذا لشهداء الواجب الجرحى، من منتسبي القوات المسلحة والمقاومة الشعبية ووزارة الداخلية وكافة الأجهزة الأمنية ، وكافة التشكيلات العسكرية..

ونثني عليه ترقية الصبيحي وتعينه هذا اليوم مستشارا لرئيس مجلس القيادة الرئاسي لشؤون الدفاع والامن، ونثني كذلك على ترقيته "هادي" و"رجب"، كل منهما إلى فريق.. ومنحهما وسام ٢٦سبتمبر العريق-من الدرجة الأولي- ..

والتكريم بنفس الوسام لمن لا يزال قابعاً في سجون الحوثية البطل المناضل السياسي المحنك محمد قحطان.. فمن يحتفظ بقامة سياسية كــ"محمد قحطان" الذي اختطفوه ليساوموا به.. لا يمكن ان يكونوا شركاء في صنع السلام، ولا يظن أحداً أنهم قد وصلوا لقناعة بابرام اتفاق سلام، طالما ولا يزال "قحطان" مغيباً في سجونهم.. لا يمكن ذلك!!

فصدقوني.. أن الحوثي ليس له من السلام إلا الزعيق.. وبدمويته وقتله وتجويعه للناس، فهو لا شك بأنه سيكون في النهاية هو الغريق.. ومفتاح كل سلام هو إطلاق قحطان وكل أخ واخت وصديق ورفيق!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي