تعاكس بنت هذا خطأ- بسببها ضاع علم الرقمنة والتحكم والمنطق عند جيلنا!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الاثنين ، ١٣ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٤٨ صباحاً

اطلعت بالتفصيل على المناهج الالمانية للمدارس الى الثانوية العامة، وفهمت سر تفوق الطلاب الالمان في الجامعة وسر ارتباطهم العلمي بالأمور التطبيقية صناعية أو طبية. ويجوز لي بعد مشوار ٣٤ سنة بينهم أن اقول انني افهم التفاصيل الدقيقة لابداع النظام التعليمي والصناعي عندهم. فقد راقبت ذلك بصمت منذ كنت طالب هنا وباحث ومشرف وبرفيسور جامعة اعمل في بلدهم لتخريج مهندسين ودكاترة، كثير منهم صاروا برفسورات ومدراء أقسام ومراكز وشركات وغيره.

فمن يريد يعرف سر المجتمع يبحث عن محتوى مناهجهم في المدرسة واقول في المدرسة كونها الأساس للتفكير الصناعي فيهم، وسوف يجد العجب، فما ننشره من ابحاث ومشاريع صناعية أو طبية حتى بشكل قبل ان يكون حقيقة مطلقة تجد طريقها للمناهج كونها توسع افق الطالب في المدرسة وتحفزه. ولا انكركم انني اشعر برتياح عندما اجد سرعة مواكبة المنهج لما يصل اليه البحث والاستخدام مثل الطاقة المتجددة، والخلايا العصبية، ومفهوم المعلومة وتنقيح المعلومات في المخ مثلا، اي امور طالب الجامعة الاجنبي يحتاج له وقت يفهمها وقد وصلت لمنهج المدرسة الثانوية هنا، مما يعني سوف يصل لنا جيل للجامعة بامكانيات افضل.

المانيا دولة منتجة وسوف تكون افضل، والسبب ليس الجامعات فقط، وانما المدرسة واهتمامهم بالاطفال. فالمدرسة فهمت وظيفتها بدفع الطفل الى تعلم مهارات، واقول مهارات يحمي نفسه وينمي قدرته، ويجعله قادر ان يقف لوحده في الحياة دون اسرته متزن، ومتلائم فكر وقدرة، يشق طريقه كمكينة مكتملة يعرف اين يتجه. والاسرة عرفت ان مهمتها توصيل ابنها او ابنتها للاستقرار والاستقلال، اي لايدخروا لهم مال، وانما طريق تعليم او تأهيل.

الطفل في الصف التاسع في المانيا مثلا يكون مدرك بشكل طفولي، ماذا يريد؟ ولكي ينضج ويدرك الواقع حيث يتم بعثهم في بداية الصف العاشر لعمل تطبيق في مختلف الاتجاهات في الجامعات والمعامل والمصانع والعيادات والرعاية وغيرها. كل طفل يعود بعد اسبوعين تطبيق ليعرف، اذا كان هذا طريقه ام يغير. طبعا مدرسة اللغة تعلمهم كيف يكتبوا تقديم طلب للشركات والمصانع والجامعات مع ترتيب السيرة الذاتية حقهم وانا اذكر كتبت السيرة الذاتية لي بعد سنة ثالثة جامعة ويليت سع الخلق لاني لو نظرت لها الان لضحكت على حالتي وقتها. وتجد السيرة الذاتية لطلاب وطالبات صف ٩ بسيطة، كون الطالبة او الطالب يتحدث انه يعرف يتعامل مع الحاسوب ودرس للغة انجليزي وغيره.

وفي الجامعة أو الشركة يعملوا مع الطلاب والطالبات مقابلة ويأخذون الأمر بمحمل الجد أو يعطون الطلاب والطالبات حق صف عاشر الانطباع أنهم في مقابلة مهمة. الرائع أن مراكز الأبحاث والعيادات والمستشفيات وحتى الورش والمصانع والمحاكم ومكاتب المحاماة يستقبلون طلاب وطالبات الصف العاشر للتطبيق العملي عندهم أسبوعين ويأخذون الأمر بمحمل الجد من مقابلة وإشراف وشرح. المدرسة تقوم بزيارة طلابها في الشركات خلال الأسبوعين ليتابعوا، ماذا استفادوا ويتحدثون مع المشرفين. مايجعل الشركات والجامعات تعمل لنفسها شغل أسبوعين مع طالب أو طالبة هو التزام أخلاقي، كون كل شخص ينظر أن ابنه أو ابنته سوف يحتاج مثل هذه العناية.

وحتى لايصيب الطالب أو الطالبة أي حادث تقوم الشركات أو الجامعات بعمل تأمين على الطالب أو الطالبة مع مشرف ملزم يكون معه في المعمل أو المكتب ويشرح له دون ملل ويتعامل مع الطالب بنوع ابوي. بعد انتهاء الأسبوعين يكتب الطلاب والطالبات تقاريرهم مع النتائج بشكل برتوكول، ونتائج وصور ويسلم ذلك التقرير لمدرسة اللغة الألمانية للتقيم وإعطاء علامات بناء على أسلوب التوثيق والعرض. والى هنا فهمنا تناغم المدرسة مع البيت والمجتمع لتأهيل أبنائهم وبناتهم.

اما المناهج الالمانية فهي من وجهة نظري رائعة، كونها تصنع مكينة انتاج، اقصد شخص بمهارات وقدرات. وحتى التاريخ والجغرافيا تم صياغتهم بشكل احترافي وعلمي يجعل العقل يفهم ما حوله من ظواهر او سلوك او احداث، يجعل الشخص يحلل ويستنبط ويربط وينتقد ويتجرد في التحليل بعيد عن رغبته، كيف يريد الشيء ان يراه؟.

وعلى سبيل السرد، الجغرافيا هنا في المدرسة تهدف الى تفسير الظواهر البيئية والطبيعية والديمغرافية بشكل علمي والعولمة وتشكيل المدن وتفككها واعادة تخطيطها من منطلقات اقتصادية وديمغرافية وبيئية، بنظريات يفهم الطالب والطالبة بموجبها الارض من مركزها الى كل شيء في سطحها الى ظواهر الغلاف الجوي وترابط العوامل المناخية والطبيعية في انظمة بيئة معقدة، اي من دراستي للجغرافيا لقيت العمليات الفزيائية والكيمائية وغيرها في المنهج، وكأنك تدرس علوم لدرجة اني تعلمت اشياء لم اكون اعرفها وفهمت اكثر التطور الاقتصادي الصناعي والسكاني والعولمة البيئة والاقتصادية والثقافية، وانواع الانظمة البيئة والهجرات واثارها في تشكل الاحياء والمدن وغيرها.

اما التاريخ فهو ليس سرد باسلوب قصصي وفقط للجوانب الجميلة كما ندرس في تاريخنا، وانما تحليل لما حصل في التاريخ الانساني كما حصل ودون زيادة، الذي وصل الحضارة لما نحن فيها. الطالب هو من يستنتج ويحلل ويضيف ويناقش، ومهمة منهج التاريخ زرع افكار مهمة، مثل اهمية الحفاظ على ما نحن عليه من ثوابت ودستور وسلام وتعايش كون ذلك اهم انجاز بشري وصلنا اليه. ولذلك التاريخ مادة اساسية الى نهاية الثانوية مثلها مثل الرياضيات بموجبه يعرف الطالب تطور الثورات الصناعية واساس ذلك وتغير اوروبا، وعصر التنوير والحركات الثورية كمنهج تغيير والحروب الكونية وتشكل الدولة الوطنية والمرحلة الاستعمارية والمعاناة البشرية وغير ذلك، ليؤمن ان المستقبل لن يكون افضل من الماضي والحاضر، الا اذا تجنبنا ما اخفقنا به ومنعنا عدم تكرر كوارث الماضي.

اما مادة المجتمع يفهم الطالب فيها تركيب الدولة ومفاصلها والعلاقات والقانون والثوابت ومنظمات المجتمع المختلفة وانظمة الانتخابات والاحزاب وصناعة القرارات والبرامج الانتخابية والهياكل المجتمعية، وهناك مواد اختيارية في المدرسة مثل علم النفس او الاقتصاد او الحاسوب او غير ذلك.

واما المواد العلمية ففيها ما هو حديث من ما ترسخ في الجامعة والصناعة، وبصراحة لا تقارن من حيث الحداثة وجودة المعلومة واشياء درستها انا في الجامعة كطالب وكنت استغرب وقتها، ليش الالمان فاهمين الموضوع وابعاده وانا جالس اعك واتجعثث وكان مافيش طريق مع بعض المواضيع الا البصم الى ان نجد مخرج ومخارج، فمرة كنت أحفظ ومرة افتعل انني فهمت المغزى، واكتشف بعد فترة انني في عالم اخر اسمه ماهلنيش؟

وعلى سبيل المثال دوائر التحكم الالي من الانظمة البيولوجية او النظريات الاحتمالية ومفهوم التوزيع الطبيعي الاحتمالي او الزمرة ومنطقها والعلاقات المنطقية المختلفة او الدلات التفاضلية ومدلولها أو دالة التكامل او دلالة الدالة الخطية وغيره، وماذا يعني ذلك وأيضا حساب الأسهم والأرباح وغيرها، والعمليات الكيمائية البيولوجية المختلفة. وكل ذلك يفهمه الطالب كون المنهج يستخدم الكلمات، التي يستخدمها هو يعني لايوجد أمامه طلاسم. اتذكر مدرس الرياضيات وهو يشرح ادوات الربط اي الزمرة لنا وهي كيف خطأ اوصواب يعطينا صواب فكان قوله تعاكس بنت هذا خطأ لكن بعدها تذهب تخطبها هذا صواب والنتيجة من الخطأ اوالصواب هو الصواب. المهم في سنة ثانية استوعبت الكارثة للتعليم لانه لم يتعلم انه هدم علم الرقمنة والمنطق للتحكم، وهذا مثال يوضح بيئة التعليم لدينا، فماذا نتوقع أن يكون المنتج.

اما اللغات الاجنبية فتجد الطفل او الطالب يتعامل مع الانجليزي ولغة او لغتين حسب ميوله وعندما اقول يتعلم فهو يجيدها نطق وكتابة. اما الرسم او مادة الفن فهي تفجر مواهب الطفل ويكفي ان تعرفوا ان في مادة الرسم في صف ثالث ثانوي يتعلمون فيها المناظير والمجسمات والتقسيمات الهندسية كأنهم معمارين اي عمارة مع تقسيمها حسب مخطط معين وهكذا، وفي صفوف مبكرة يتعلمون صناعة الافلام والاعلانات والرسوم المتحركة.

واما الرياضة ففي الصف الثاني والثالث ابتدائي يكون سباحة اي مهارة السباحة، ويكفي ان تعرفوا انني تعلمت السباحة هنا وانا في الجامعة وهم في الصف الثاني والثالث، وكانوا الاطفال يضحكون علينا اننا كبار وننزل بمسبح الاطفال، والمدربة تشرح لنا.

ولا يكتفي الامر هنا فطلاب المدرسة يعتمدون بشكل مستمر على مشروعات بحث مع مصادر، اي تجميع معلومات وتنسيقها وتحليلها والدفاع عن ذلك كمحاضرة يعملها الطالب أو الطالبة تعزز ثقته أو ثقتها بنفسه او بنفسها يقف امام غيره وغير ذلك وهذه الموضوعات في المواد المختلفة. ويعلمون أيضا العمل معا في مشروع متكامل كفريق ويدافعون معا على مشروعهم وكأنهم فريق واحد.

ومختصر الموضوع الرياضة والموسيقة والرسم يخرج لنا هنا جيل صحيح ، وذو امكانيات وهويات مختلفة. والمناهج تختلف من ولاية لاخرى في التفاصل، وليس في الاتجاهات والاهداف والثوابت المجتمعية والدولة والمهارات، التي يجب ان يتعلمها الطالب والطالبة وحتى الآلات الحاسبة يجيد الطالب والطالبة استخدامها والمضحك أن كل مدرسة تشترط من الطلاب يشتروا نوع معين من الالة الحاسبة، ولو معك عشر في البيت لابد تشتري لابنك أو ابنتك ما قالت المدرسة، والسبب توحيد الصف وأثناء الشرح تقول لهم خطوات هم يعملوها لان الفصل "كومبتيبل" في الأجهزة والاطلس فيسهل التخاطب دون تضيع وقت.

واخيرا نحن نفهم العملية التعلمية في اليمن بشكل عبثي، نرتكب كارثة دون ان نشعر بحق ابنائنا وبناتنا بمناهج لا تواكب العصر، وموضوعات لا تفيد، وسرد ممل ومعلومات قديمة ومثاليات كاذبة وخطابات ذات نكهة مريضة وعدائية تصنع وعى مزيف. نشغل ابنائنا بصراعات وتفكير مليشيات مذهبية ومناطقية، وباشياء غير حقيقة لا تنمي مهارة ولا تفجر طاقة ابداع، ولا تجعل الطالب معتمد على ذاته في استنباط الحقيقة، ولا تجعله قادر يواجه مجتمع بفكر وليس بلوك و مكارحة، ولا تجعله معتمد على ذاته ويستعد للدخول عالم المهن والجامعات والمنافسة وغير ذلك.

طلابنا في اليمن لا نجهزهم للننافس بهم في صراع العقول، كون تنتهي العملية التعليمية في المدرسة بالغش او الحفظ والبصم، وتنتهي بداية الدخول للجامعة بالوساطة، وهذا يكون في يوم ما مقرر تنمية او تخطيط، وهو مجرد كارثة متنقلة، عندما يصل لمفصل في الدولة يتصرف بغريزة انانية وبالاصح حيوانية لا تهدف الا الاستحواذ على الوظيفة وامكانيتها له ولاهله حتى لو تدمر المجتمع وهو متصور انه فلتة زمانة ولذا لم ينجح اي مسؤول لليوم.

البلد تشجع الفشل، فالدولة لم تكلف حالها تقول نجمع عقول اليمن في الخارج والداخل يجهزون طلابنا بالمناهج العصرية وينقلون افضل ما يكون. فعندنا برفيسورات في الخارج نفختر بهم يستطيعون عمل الكثير للبلد اقل عمل هو تطوير المناهج التعليمية في اليمن ونقل التجارب التعليمية الناجحة في بناء جيل يمني قادر على فهم العلوم والمعارف والقدرة على الابداع، جيل يعتمد على استخدام المنطق وتطوير المناهج عملية مرحلية معقدة تقتضي تطوير المدرس والبيئة والرقابة بجانب المنهج، ولكنها ليست مستحيلة، لو تم تحديد ذلك على مراحل نتكفل بها مع الحكومة بخطط ومهمات موزعة واضحة ومجدولة.

لذلك البرفيسورات في مقدمة المشهد العلمي في الخارج عليهم مهمة اصلاح المناهج التعليمية والتركيز على الشباب الصغير، الذين لن يقدروا على الصمود في الاسواق المفتوحة القادمة كعمالة منافسة وبالتعاون مع برفيسورات من الداخل. نخبة اليمن لابد ان تترك اثر في المجتمع والمناهج التعليمية هي البوابة الاولى في بناء جيل للثورة الصناعية القادمة.

الان بيطلع واحد يقول برفيسور ايوب بما انك تتفلسف طيب تحركوا ونحن معكم، وسوف نحاول نقنع فلان وعلان. والاجابة بالمختصر الدولة موجودة في هذه الصفحة كانت سلطة صنعاء او الشرعية، والتعليم مهمة الدولة، وهي خانة تصب في صميم الامن القومي، اي الموضوع استراتيجيات لابد تنهجها الحكومة ممثلة بوزارات التعليم المختلفة، ولا يمكن نقول لمغترب اترك عملك وقم بواجب الدولة ورجال الدولة يتفسحوا . لذا اكتب هنا لكي يتحسن عملهم ويدركون أن بناء الدولة مرتبط بقدرة ووقت وتخطيط وتنفيذ، ولانكتب للتعجيز والبحث عن ثغرات. وهنا يجب أن نضع مانطرح من الامور تحت المجهر، لكي نحدث أثر ونغير حالنا ولو أخذنا فقط ب ٥ في المائة مما اطرح ومما يعمل غيرنا فذلك مهم لنجد اثر او اقلها نخفف حدة السقوط عندما نرتطم باسواق المنافسة.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي