كسب القلوب أولى من كسب المواقف

محمد بالفخر
الخميس ، ١٦ يونيو ٢٠٢٢ الساعة ٠٦:٠٦ مساءً

 يُروى أن الامام الشافعي رضي الله عنه كان في حلقة درسه حافظ من حفاظ كتاب الله من أهل مصر يسمى يونس بن عبد الأعلى، في يوم من الأيام اختلف الامام الشافعي مع يونس في مسألة من المسائل فغضب يونس وأخذ عدته وكتبه وترك الدرس وخرج غاضباً،  جاء الليل والامام الشافعي ما هان عليه الأمر طالب من طلاب العلم وحافظ لكتاب الله، هذا لا يترك حتى وإن زعل وإن غضب،

فإذا بالشافعي يسير بنفسه الى دار يونس في ساعة متأخرة من الليل ويطرق الباب، وعادة لا يطرق البيت أحد في تلك الساعة، فخرج يونس وقال من بالباب؟ فقال الشافعي محمد بن إدريس وهذا اسمه، 

يقول يونس تفكرت في كل من يحمل اسم محمد بن إدريس إلا الشافعي لم يخطر على بالي في تلك اللحظة، ففتحت الباب فاذا به الامام الشافعي فقال يا يونس تجمعنا مئات المسائل أو تفرقنا مسألة واحدة؟!

 يا يونس لا تحاول ان تنتصر في كل الاختلافات لئن تكسب قلباً أولى من أن تكسب موقفاً، يا يونس تلك الجسور التي بنيناها سوياً وعبرناها أنا وأنت،

 لا تهدمها فلعلك تحتاجها عند العودة، يا يونس اكره المعصية بكل قلبك وإياك ان تكره العاصي، يا يونس انتقد القول واحترم القائل، يا يونس همنا أن نقضي على المرض لا على المرضى. ما أجملها من قصة وما اروعه من درس عملي نفذه على أرض الواقع الامام الشافعي على مكانته وقدره، سجله التاريخ بأحرف من نور وسيبقى خالداً الى يوم القيامة، يُعلِّمُ فيه كل الأجيال أهمية التواضع وتبيان الحق وعدم الوقوف عند الجزئيات البسيطة، يوهمنا الشيطان والنفس انها كبيرة فنعلن مقاطعة هذا ونشتم ذاك ونقيم حدوداً وفواصلاً في علاقاتنا بالأخرين، ونشن حرباً لا هوادة فيها ننتقم لأنفسنا ورأينا وإن كان خطأً، ومن ينظر لما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي يرى كم بلغ الانحدار الأخلاقي  والبذاءة لدى كثير من الناس انتصاراً لرايه أو فكرته أو حزبه أو سيده لم يراعوا معروفاً ولا صداقة ولا زمالة بل ولا حتى صلة قربى، والمصيبة ان بعظهم ينفذ حرفياً ما يملى عليه من قبل المتحكمين بخلايا مستنقعات ما يسمى بالذباب الالكتروني التي أمعنت في اثارة الفتن وبث الأكاذيب والشائعات  والأراجيف والتفريق حتى بين الأخ وأخيه، فلم يسلم من أذاها أحد،

وهنا نقول لمن تولوا كبر هكذا افاعيل ما هو موقفكم وقد تغيرت مواقف قادتكم من هذه القضية أو تلك هل ستستمرون في الغباء وتبيعون لأتباعكم الأوهام ولا غيرها ثم تزينون لهم ولأنفسكم ما يفعله قادتكم بأنه انتصار عظيم وأنهم قد أتوا بما لم يستطعه الأوائل، هلا توقفتم وأرحتم أنفسكم وأرحتم غيركم،  ونذكركم في النهاية بقول الحق سبحانه وتعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ))  وايضاً ما قاله سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وبه أختم   «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ، وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ ؛ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صَدِيقًا ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ ؛ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا»

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي