استئساد المُبندق على حامل القلم!

د. علي العسلي
الأحد ، ٣٠ يونيو ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٥٦ مساءً

 

سأستل بعض الكلمات في مقالي هذا من زميلي النقابي الصلب الدكتور محمد الظاهري، رئيس نقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم بجامعة صنعاء،ارجوه الإذن لي بذلك .. سائلا من الله أن يشفيه ويحفظه لنا وللوطن، عًلماً وطنِياً، صلباً شجاعاً وشامخاً ..

ليلة أمس أرسل لي أحد الأصدقاء، صورة لمتدربين من أعضاء هيئة التدريس على السلاح بجامعة صنعاء، سألني أن أدقق على الصورة للتعرف على شخص ظهر بالصورة ، ظاناً منه أنه شخص بعينه، هو زميلي وصديقي، وهو قريباً له؟؛

وبغض النظر عن الشخض، فلقد كان هو السبب لمقالي هذا .. والحقيقة، أن الوضع جدّ خطير، والعملية التعليمية في الهاوية، ومستقبل اليمن إلى خطر عظيم إذا ما بقى الوضع على حاله .. والحقيقة كذلك، أن الحوثي يُهين ويذلّ أعضاء هيئة التدريس قصداً وعمداً ، وينبغي من السلطة الشرعية سرعة إنقاذهم؛ فهم عقل الأمة وعلمائها، ولن تتحقق تنمية وتطور وبناء واقتصاد من دونهم!؛

لقد حزّ في نفسي المشهد؛ فقلبت الأحداث والصور في ذهني وفي الفيس والمواقع الأخرى، كي أرى صورة ناصعة ،تعيد لي توازني .. ولقد توقفت كثيرا عند صورة الزميل الذي به افتخر وأقدر، صورة للدكتور محمد الظاهري من أيام ثورة فبراير السلمية للشباب، والأستاذ الدكتور محمد صديقي وزميلي، أعرف عن قرب صلابة مواقفه، وأعرف حساسيته، عفته ونزاهته ، حيث تزاملنا معاً في الهيئة الإدارية لنقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم بجامعة صنعاء لسنين؛ فهو رئيسنا ونقيبنا الرائع والمميز، الصادق والوفيّ!؛

استعرضت الذكريات، ولم أجد أبلغ من ذلك اليوم البطولي الذي كان زميلنا في مقدمة مسيرة تحركت من ساحة التغيير ،و كان مسلحاً بسلمته ورافعاً قلمه الدال عن السلمية؛

كان يوم 18/9/2011، بوماً مميتاً لزميلنا لولا لطف الله، كان الاستهداف متعمداً، لأن الزميل كان رافعاً للقلم، وكأن الفاعلين وهم من نفس المدرسة التي تُهين عضو هيئة التدريس اليوم في الجامعات.. هم من نفس زمرة الحوثيين، ولا يُستبعد في أن يكون الفاعل حوثياً، وقد يكون الاستهدف شخصي؛ لكن من المؤكد أنه استهدف القلم بمعانيه الكبيرة.

وانظروا أنتم للحوثي وإمتهانه لحاملي الأقلام بالجامعات ، نفس البية والثقافة والعقيدة التي استهدفت دكتورنا المناضل محمد الظاهري!؛

متحكموا اليوم.. هم أميون.. هم جهلة متخلفون ومشعوذون.. لا يريدون أبداً في اليمن أن يُحمل القلم، ولا يؤدي دوره في التوعية ولا تبصير الناس بحقوقهم ، وكما قيل بأن (سيدهم) أكثر حساسية من حاملي القلم والرأي، ممن يوجهون بندقيتهم صوب عصابته!؛ أترون مقدار الحقد للعلم والعلماء، وأصحاب الرأي والفكر ؟!

لا يريدون القلم ،، ولا يريدون به رفع مكانة وكرامة وتفوق اليمني ..هؤلاء يريدون أن يبقى اليمني جاهلاً، ليتسنى لهم تجيشه ودفعه للقتل والقنص بلا وعي وبلا تعقل؛

ولذلك .. ترى الحوثة يعمدُون على إهانة الاستاذ بشتى الطرق ، وسوقه إلى ساحات التدريب وحمل (الكلاشنكوف) حتى وهو يناقش رسالة علمية ؛ أو القبول بمناقشة طالب لرسالة علمية ،وهو يحمل السلاح، وعلى الاستاذ المناقش ان يقبل دون ممانعة أو رفض!؛

وأظنكم تتابعون الأستاذ الجامعي وما يعاني، ترونه وهو يُساق اسبوعياً، - عنوة- إلى ميدان السبعين، استجابة لتوجيه عبد الملك الحوثي التحشيدي الاسبوعي، وهم كذلك مُلزمون بحضور دورات التثقيف بملازم الصريع (حسين الحوثي)، وهم يُقادون لساحات التدريب ويقام بهم مناورات ضرب النار..

ألا تشعرون معي بالإحباط والحزن والمرارة؟؛ ألا ترون الفارق بين الاستاذ واحترامه في الماضي، والأستاذ ومدى معاناته وإذلاله في حاضرنا؟؛

وإذا خيالكم ذهب بكم للمستقبل.. تخيلوا.. كيف ستكون المخرجات؟ كيف سيقودون قادة ذلكم الزمان في اليمن..؟ إذا كانت المدخلات كما تشاهدون تتابعون!؛

الأساتذة الذين يعلمون الجيل الحالي، الذين سيكونون قادة المستقبل، من يعلمهم: اساتذة جائعون، أمراض وبلا دواء، يصلون الجامعات سيرا على الاقدام، مقهورون ومكسورون، ومهزومون في دواخلهم، ومجبرون على اتباع مشرفين جهلة.. ، أساتذة بلا حرية شخصية، ولا حرية علمية ولا حرية أكاديمية، اساتذة، يتحكم بهم طلابهم ( ملتقى الطالب الحوثي، الأمر والناهي)، يرهبونهم وقد يعتقلونهم، وكثيراً ما تفاجأ استاذ مخطوف، بأن طالبه هو من يعذبه.. إذا كانت هذه هي المدخلات.. فتخيلوا مستثَقبل اليمن بما شئتم!؛ لو استمر هؤلاء الحوثة بالتحكم، واستمروا بإهانة وإذلال عضو هيئة التدَريس!؛

فالفرق إذاً كبير بين أمثال (الظاهري) ، وامثال أساتذة اليوم الخاضعين للحوثي المتبعيين لتعليماته وإملاءاته!

الدكتور الظاهري، نموذجاً للأستاذ الحاضر بلسانه وقلمه، فلقد قاد النقابة وقاوم مع زملائه الحوثة، وفرض رئيس للجامعة، مبندق غير منتخب ولا معين من سلطة شرعية.. عندما كان الجميع صامتاً؛ ومن قبل تم ّ استهدافه لانه كان يرفع قلم العلم ، قلم التطوير، قلم التنمية؛ أراد المستهدفون من استهدافهم ، إشاعة الجهل والتدجين ، وإخفاء الكلمة والقلم والعلم والحرية وكل المعاني القيمة التي ترفع الانسان والمجتمع للأفضل والأحسن..فأصيب في اليد الذي تكتب العلم والحق، وفي البطن النظيفة التي لم تأكل من مال حرام!؛

بعد هذا العرض البسيط.. قررت أن ارفق لكم مع هذا المقال بعض الصور؛فلربما تكون أبلغ من أي تعليق!؛

أختم للتدليل على الفرق في النموذج، انظروا لقوة المواجهة التي واجه بها نقيبنا، رئيس الجامعة الأول بعد الانقلاب الحوثي، المفروض على جامعة صنعاء بالقوة .. لقد واجه رئيس نقابتنا الدكتور محمد الظاهري، الدكتور فوزي الصغير المعيّن من قبل محمد الحوثي -، واجهه نقيبنا ذات مرّة، قائلاً له: "يا هذا أخفض صوتك، وتوقف عن التهديد. وأعلم أنني وزملائي قد حظينا بشرعية انتخابية، منحها لنا زملاؤنا أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم، أما أنت فلا شرعية لك ؛ فأنت نتاج قرار حركةٍ مُبندقة، تمارس سلطة الأمر الواقع" !؛ وفوزي حين عين، عين بصفة مؤقتة؛ كمحلل لمدة قصيرة كتهيئة لانتقال رئاسة الجامعة وكل المناصب الحساسة فيها إلى "القاسم عباس" من سلالتهم، ليتولى رئاسة الجامعة كحق إلهي دائم .. ولله درك يا بن الظاهري حين قلت: إن ساحة اليمن صارت مصابة بداء (شرعية اللاشرعية)؛

ولقد قلت كلمة يا دكتورنا الظاهري، تؤرخ بماء الذهب، ((لقد استئسد "المبندقُ"، وتأرنب كثيرٌ من "أهل القلم" )) !

فيا أيتها الشرعية.. المفروض ان الجميع مواطنين، وانت سلطة لهم جميعا.. وطبيعي أنك تؤمنين بالدولة وبالدستور وبالقانون، وانت سلطة مدنية ومهتمة بالعلم والعلماء.. أناشدك ألا تتأخري عن انقاذ اليمن، وفي الطليعة طبعاً ، عقل الأمة، لا تفرطوا بهم، حرروهم ليساعدوكم في بناء اليمن الجديد.. لا تتركوهم فريسة سهلة للحوثي، ادفعوا رواتبهم وحافظوا على كرامتهم واستوعبوهم في الجامعات بالمناطق المحررة وبشكل مؤقت..وانتم تتفاوضوا مع الحوثي، إجعلوا قضية التعليم أولوية في إبعادها عن الصراع، اجعلوا المعتقلين والمخطوفين من الأساتذة والمدرسين والطلاب أولوية أيضا في إطلاقهم..

فعلاً.. نحن في زمن الإستئساد للمبندق، وعلى من؟ على حامل القلم بالدرجة الأولى..!

وحسبنا الله فيكم أيها الحوثة، وأنتم تُهينون عقول الأمة!؛ وتجهلون اليمنيين! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي