الدولة الحوثية!!

تيسير السامعي
الخميس ، ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٣ الساعة ١٢:٤٤ مساءً

 

الذي يعتقد أن حركة الحوثي تسعى إلى إلغاء الجمهورية وإعادة "الإمامة" لا يفهم الجذور والمحركات الأيديولوجية لهذه الجماعة.

من الناحية الأيديولوجية، جماعة الحوثي تنتمي إلى الخمينية أكثر مما تنتمي إلى الزيدية. لهذا فالإمامة على النمط اليمني ليست الهدف الذين تسعى الجماعة إليه، بل تسعى إلى شيء أخطر من ذلك: "الولاية".

الحوثيون عندما حاصروا الرئيس هادي في قصره، عرضوا عليه أن يستمر رئيسا للجمهورية مقابل أن يتلقى الأوامر مباشرة من عبدالملك الحوثي في صعدة، بصفته "صاحب الولاية"، أو "قائد الثورة"؛ على خطى النظام القائم فى إيران، الذي أسسه الخميني، وإن بمسمَّيات أخرى، يصبح فيه منصب الرئيس منصبا شكليا بلا صلاحيات، بينما الولي، أو القائد، يحكم ويملك كل شيء.

المجلس السياسي الأعلى التابع للجماعة في صنعاء حاليا يقوم بدور رئيس الجمهورية منزوع الصلاحيات، بينما السلطة الحقيقية يمارسها عبد الملك الحوثي من داخل كهفه في صعدة، ويحرّك كل شيء عبر إخوانه وأعمامه وأتباعه المقرّبين.

لن يتولَّى عبد الملك الحوثي أي منصب رسمي؛ لأن ذلك سيحوِّله إلى موظّف لدى الدولة، خاضعا للقانون والمساءلة والرّقابة، لكنه يريد أن يكون فوق الدولة والقانون والرقابة، وفوق الوطن.

ما يسعى إليه الحوثيون أسوأ من الإمامة؛ لأن الإمام يحيى كان قد حوَّل اليمن إلى مملكة، وحوَّل نفسه إلى ملك، والملك منصب سياسي، وليس منصبا دينيا. 

صحيح أنه ظل يحكم باسم الدين والسلالة، لكن تحوُّله من إمام إلى ملك خفف من هالة التقديس، وجعل معارضته السياسية مُمكنة.

ما يسعى إليه الحوثيون، أيضا، أسوأ من ولاية الفقيه في إيران؛ لأن ولاية الفقيه الإيرانية تعتمد على حكم رجال الدين، وانتقال الولاية -بالانتخاب المغلق- من ولي إلى آخر، بينما ولاية الفقيه الحوثية ولاية دينية - عائلية، تضع السلطة كلها في يد عائلة واحدة؛ هي عائلة الحوثي؛ ليحكموا باسم الدين والثورة والسلالة، فهو (عبدالملك الحوثي)، في الوقت نفسه، رجل دين، وقائد ثورة، وابن السماء، ومعصوم عن الخطأ!.

لقد بدأت الخطوات الأولى للدولة الحوثي من خلال ما يُسمى "التغييرات الجذرية"، التي أعلان عنها فى احتفالات المولد النبوي، التى تجاوز فيها الحوثى الدستور النافذ، والقوانين والتشريعات التي توافق عليها اليمنيون.

هذه الإجراءات ستكون لها نتائج خطيرة على وحدة البلاد، فإسقاط الجمهورية يعنى إسقاط الوحدة؛ لأن الوحدة اليمنية قامت على أساس الجمهورية.

إذا استمرار الحوثي بإجراءاته الانفصالية  وتنصيب نفسه حاكما لليمن دون مقاومة حقيقية، فإن ذلك سيُشجِّع إخواننا، فى المحافظات الجنوبية، على العمل لاستعادة دولتهم، التي كانت قبل 1990م؛ وسيكون حينذاك من حقهم ذلك.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي