الفشل وصراع الأجنحة الحوثية.. يدفع أثمانه أبناء الحديدة.. فمتى سيُحررون؟!

د. علي العسلي
الثلاثاء ، ٠٧ مايو ٢٠٢٤ الساعة ١١:٥١ صباحاً

من الواضح أن الحوثي يكسب تعاطفاً عارضاً ومؤقتاً بسبب استغلاله لغزة ومظلوميتها، لكنه في الحقيقة مع مرور الأيام، يُرى فشله وعجزه في عدم تحقيق ما أعلنه من أهداف لمصلحة غزّة.. ونتيجة الخساره وتأكل المصداقية، يضطر كل خميس زعيم الحوثة للظهور، كي يحافظ على زخم التحشيد في كل جمعة.. وفي كل ظهور يضطر عبد الملك إظهار تصعيد وتوسيع جديد، فوق مستوى إمكانياته.. ويأتي الواقع ليؤكد تراجع الاستهدافات في الأماكن القريبة من سيطرة الحوثيين، وانعدام الفعل تماماً، فيما أعلن لتوسيعه إلى البحر الأبيض المتوسط مؤخراً!؛

وأسمحوا لي أن أذكركم فقط ببعض الأمثلة حول مظلومية أبناء الحديدة عند كل احتدام في الصراع بين أجنحة القيادة الحوثية.. فلا شك أنكم تذكرون كيف أن صراعهم قد أدّى إلى مصرع (صالح الصماد) في الـ 19 من أبريل 2018م، في مدينة الحديدة بغارة جوية، ولم يجدوا للخروج من تأمرهم على بعضهم غير تحميلها أناس أبرياء طيبون من أبناء الحديدة المكلومة على الدوام!؛

وأظنكم تذكرون تلك الصورة الحزينة التي شوهدت في ميدان التحرير بالعاصمة صنعاء، أثناء إعدام تسعة من أبناء تهامة في الــ 18/9/2021، عندما أقدمت ميليشيات الحوثي على إعدامهم، بينهم طفل قاصر، اسمه عبدالعزيز علي الأسود، والذي اعتقل وعمره 13سنة؛ أعتقلوا وسجنوا وحوكموا بتهمة المشاركة في اغتيال (صالح الصماد)، والذي كان حينها رئيساً للمجلس السياسي للحوثيين!؛

واليوم وبعد أن فشلت ميليشيات الحوثي في دعم وإسناد غرة بعسكرتها للبحر الأحمر دون أية استفادة تذكر للغزيين، إذ وصل عدد الشهداء إلى حوالي (35) ألف، وتجاوز عدد الجرحى (77) ألف إنسان، والفقر بلغ ذروته، والحصار مستمر، ولم تصل المساعدات الضرورية أيضاً..

 

 وراح الحوثي يُصعّد ويبالغ في إعلان التصعيد، فأعلن توسيع عملياته إلى البحر الأبيض المتوسط.. ولمّا لم ينفذ ما وعد وهدد به من بعد بيان (سريع) في السبعين الجمعة الماضية .. لم يجد غير أبناء الحديدة للتغطية والهروب للفشل والتهريج الذي قيل عن المرحلة الرابعة من التصعيد.. لذلك، أنتجوا مسرحية هزلية لخلية أدعوا أنها تجسسية تابعة لكيان استخباراتي يدعى (قوة 400)، يقوده(عمّار صالح عفاش)، يعمل لحساب المخابرات الأمريكية الإسرائيلية.. هذا التضخيم والتضليل قد يجعل بعض الناس تصدقهم، وهم كاذبون!؛

إن هذا الاعتراف الذي عرضوه اليوم، أظهروا فيه سخفهم وبدائياتهم في الإخراج، أظهروا اعترافات لا ترقى للخطر الداهم حتى وإن كانت قد حدثت، فالمواقع ورصدها من قبل أجهزة الامريكان أكثر دقة من إدلاء بعض الأفراد بالمعلومات بشأنها.. غير إن كان الشق الثاني هو المقصود، فإن كان قد حصل تفحيرات وما شابه، فلماذا لا يقولون أن جبهتم الداخلية مخترقة ومضروبة؟!؛

 

ومعلوم أن (عمار) و(طارق) و(كل الشرعية) يحاربون الحوثة، ولدى بيت عفاش ثأر مع الحوثة، ولو استطاعوا أن يخترقوا أو يغتالوا وينهوا سلطة الحوثة لفعلوا الآن؟!

لكن الحوثة لا يريدون الاعتراف بذلك.. فتراهم يضخمون مسألة التجسس لأمريكا لحساسية الشعب اليمني تجاه ذلك..

 فهم مستمرون في سردية الكذب والتضليل، من أنهم مضحين بسبب دعمهم لغزة وفلسطين، ولهذا تستهدفهم أمريكا وتزرع جواسيسها في أوساطهم هي وإسرائيل، فإن استطاعت فعلاً، فهم إلى زوال في القريب العاجل.. يضخمون موضوع التجسس لحساب أمريكا وإسرائيل لتمرير هذه الكذبة على اليمنيين!

والمشكلة في اعتقادي.. ان الامريكان قد استطاعوا إلى حد بعيد تقليل قدرات الحوثيين.. فتراجعت عملياتهم، ولا يعترفون بها؛ بخشوه عدم استمرار التحشيد في الجُمُع، التي صارت هدف رئيسي عند الحوثيين .. لذلك صنع الحوثي كذبة وصدقها. فقال عبد الملك الحوثي، إن تراجع العمليات في مسرح عملياته في البحر الأحمر، هي بسبب انتصاره على الأمريكان، فقال أن سبب التراجع هو انكماش انتشار السفن الأمريكية وتراجع سفنها التجارية في البحر الأحمر بنسبة 80٪ ؛ بل قال أكثر من ذلك أن القطع البحرية قد اختفت وغابت، وانتشرت في مناطق بعيدة في أطراف البحر الأحمر واصبحت بارجات الأمريكي والبريطاني تتخفى وراء سفن الاتحاد الأوروبي.. ولمّا هو هكذا الوضع..؟!؛ فلماذا الخشية واتهام مواطنين أبرياء بالتخابر والتجسس وتزويد الامريكان بالمواقع التي استهدفتها أمريكا؟!؛ قولوا الحقيقة ان أمريكا قد استطاعت استهداف بعض قدراتكم، خير لكم من اتهام ابناء تهامة، التي محافظتهم ترضعكم موارد وسلاح وشهرة، ولولاها لما كان لكم ذكر، ولما بقيتم تتحكّمون حتى اليوم!

إن الاعترافات السخيفة التي أظهرتموها، قد أظهرت معها أن (عبد الملك) لم يكن دقيقاً، عندما قال قبل عدة ايام بأن العمليات قد خفت لأن أمريكا تراجعت وانكمشت، فوجود خلايا تجسسية لا يدلّ على الانكماش وإنما علي التغلغل في صفوف قياداتكم يا حوثة.. فأقبضوا على تلك الخلايا إن كنتم جاديين..

والملفت للنظر، هو الضحك على الذقون، بأن أمريكا لا تعتمد إلا على مثل هؤلاء الذين تمّ عرضهم من قبل الحوثي،وبهذا الفعل كأن أجهزة الأمن الحوثية قد أفشلت المخطط.. ماهذا الهراء؟!

ولم يسعفهم كما يبدو محور المقاومة، ليخرجوا الموضوع بشكل يمكن تصديقه! حيث لم يكن الحوثة موفقين في الإخراج، فاظهروا أناس عاديين ليس لهم نفوذ ولا لهم القدرة والوجاهة للوصول للقيادة، ولا إلى الزوارق وأماكن تواجدها، ولا إلى القدرة للدخول لمواقع حساسة.. ثمٍ أيعقل أن المبالغ المرسلة مغرية لأن يخاطر المرء بروحه، مقابل الحصول على مبلغ 300 ريال سعودي فقط؟!

 أيضاً إن تقطيع الإعترافات للمتهمين، ولشيء قد تمّ، أكشنة لا معنى لها؛ فما المبرر الذي يجعلكم تقطّعون الأماكن يا حوثة؟؛ إلا إن أردتم لأمريكا أن تضرب تلك الأهداف مرّة أخرى.. وهذه المرّة لن يكون الضرب بسبب الجواسيس كما تزعمون؛ وإنما سيكون بسبب أجهزة الأمن الحوثية ذاتها التي تعمّدت التقطيع.. عندها لن يجد الحوثيين إلا اتهام بعضهم بعضا، ويشكك كل منهما الأخر بالتجسس لصالح الامريكان.. فتشوا بين أوساط قياداتكم وستجدون أن منكم وفيكم داء التجسس!

القصة كلها كلام في كلام ولا لها أصل.. ومِنْ عرْض اعتراف الضحايا، يتبيّن أن الذين أظهروهم بإعترافات؛ إما مرغمين أو قد تم شراؤهم لتمثيلية الاعتراف! وأكرر أن الاختلال في قياداتكم .. فأرونا محاكمات الخائنين الجواسيس فيكم، لا من أبناء تهامة الطيبين!

والخلاصة.. أناشد رئيس مجلس القيادة الدكتور (رشاد محمد العليمي)، وعضو مجلس القيادة الراسي (طارق عفاش) وكل الأعضاء الأخرين، بأن يسارعوا في اتخاذ قرار تحرير الحديدة، واحب ان أقول لهم أن هذه المحافظة قد ظلمت كثيراً، وتعرضت للإهمال والتهميش فقضيتها هي أم القضايا، وقد تعرضت أراضيها للمصادرة وناسها للتهجير القسري والاعتقالات، وحان الوقت لكي تنتصروا لها بتحريرها أولاً هي، وموانئها وناسها!؛ ولتكن مظلومية المظلومين من أبناء الحديدة، سبب لشحذ هممكم لتحرير هذه المحافظة التي عانت الكثير ولم تُظلم مثلها أية مخافظة أخرى!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي