تكوين رأي عام إجتماعي فاضل وإيجابي ..!!

ابراهيم ناصر الجرافي
السبت ، ١٨ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١٠ مساءً

 

إن بناء مجتمع إنساني راقي وحضاري تسود فيه المثالية والفضيلة والخيرية والتآلف والتآخي بين أفراده ، يتطلب القيام بالعديد من العمليات والإجراءات الاجتماعية الإيجابية ، وفي مقدمتها العمل على تكوين وإيجاد رأي عام فاضل وإيجابي ، لأن ذلك سوف يساهم بشكل كبير في انتشار وتفشي السلوكيات الإيجابية والحسنة في أوساط المجتمع ، وسوف يكون له دور كبير في إعلاء شأن جوانب الخير في كل العمليات والتفاعلات الاجتماعية وتنميتها وتطويرها ، وفي نفس الوقت سوف يحاصر جوانب الشر ويضعفها ويضيق الخناق عليها ، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية العظيمة والنبيلة ، هناك عدد من الإجراءات التي يجب العمل بها وتطبيقها على أرض الواقع بشكل سليم لتكوين رأي عام فاضل وإيجابي وحضاري ، يكون له دور فاعل في تنمية العلاقات الاجتماعية الايجابية وتطويرها ، وأول تلك الإجراءات توقف أفراد المجتمع عن تكوين أي رأي عام قائم على الظن السيء ، قال تعالى (( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم )) ، وما أكثر الاشاعات والاخبار القائمة على الظنون في حياة المجتمعات البشرية ، وما أفدح الاضرار الناتجة عنها على التفاعلات والعلاقات الاجتماعية ، فالكراهية والبغضاء والعداوة بين أفراد المجتمع هي بعضاً من ثمارها السلبية ..!! 

 

والنهي عن تكوين رأي عام قائم على الظن والشك هو في نفس الوقت دعوة صريحة لكل أفراد المجتمع بعدم المشاركة في نشر أي أخبار أو معلومات أو إشاعات لا تستند على الأدلة والبراهين والبينات والحجج الدامغة ، وثاني تلك الإجراءات توقف أفراد المجتمع عن المشاركة بأي شكل من الأشكال في إشاعة ونشر الأخبار السلبية والغير أخلاقية والترويج لها ، قال تعالى (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )) ، وفي هذا المجال حدث ولا حرج فمعظم المصائب والكوارث والصدامات والعداوات والخلافات الفردية والأسرية والمجتمعية هي نتيجة الإشاعات والأخبار الكاذبة والفاسدة التي يتناقلها الناس دون أي شعور بالحرج والذنب ، وهم لا يعرفون أنهم بتصرفاتهم تلك يصنعون رأي عام سلبي وفاسد في المجتمع ، ويقوضون كل قيم الخير والايجابية ، وفي نفس الوقت يساهمون في نشر قيم الشر والرذيلة والسلبية في المجتمع بطريقة غير مباشرة ، فنشر الأخبار السلبية التي تمس أعراض الناس وسمعتهم وتنتهك خصوصياتهم والترويج لها هي إشاعة للفاحشة للرذيلة بصورة أو بأخرى ، لذلك توعد الله تعالى الذين يقومون بتكوين رأي عام فاسد وسلبي في المجتمع الاسلامي بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة ، وذلك لما يترتب عليه من نتائج سلبية وكارثية على الفرد والأسرة والمجتمع ..!! 

 

أما الإجراء الثالث لتكوين رأي عام فاضل وحضاري ، فهو إجراء عقابي ضد كل من يصنع أو يشارك في تكوين رأي عام سلبي في المجتمع ، كإتهام الأبرياء بالسوء على سبيل المثال ، قال تعالى (( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون )) ، وفي ذلك حفاظ على سمعة الأفراد وحماية لها وصوناً لأعراضهم ضد كل من تسول له نفسه المساس بها أو التطاول عليها أو تشويهها بأي أسلوب كان ، وفي ذلك حماية لسمعة المجتمع بشكل عام ، وردع لكل من يستهين بالنتائج السلبية لتكوين رأي عام سلبي ، ويظن أن باستطاعته تشويه سمعة الأبرياء من أفراد المجتمع بدون أن ينال العقاب الرادع ، وبالنظر إلى الأحكام والتشريعات والتوجيهات السابقة يمكننا أن ندرك النتائج الايجابية الكثيرة المترتبة من إصلاح الرأي العام الاجتماعي ، والمسلم الحق هو الذي ينأى بنفسه عن الخوض في ذلك ، استجابة لقول الرسول عليه الصلاة والسلام ( المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ) ، فالتحكم في اللسان يتم من خلال منعه عن الخوض في الإشاعات التي تنتهك خصوصيات الناس وأعراض الناس وسمعة الناس ، وأن يجعل لسانه مصدر إعلامي لنشر الخير والفضيلة والأخبار الاجتماعية الايجابية التي تقارب بين أفراد المجتمع ، والتي تساهم في تصفية وتنقية الأجواء الاجتماعية ، من خلال التصدي لكل الإشاعات السلبية الفاسدة التي تكدر العلاقات الأخوية والأسرية بين أفراد المجتمع ، فهو بذلك يساهم بشكل كبير في تكوين رأي عام اجتماعي فاضل وايجابي وحضاري ، وهكذا سلوكيات فاضلة تساهم بشكل كبير في تعزيز وتقوية العلاقات والروايط الاجتماعية ، والتي بدورها تساهم في تطوير وتنمية قدرات المجتمع في شتى مجالات الحياة التقدمية والحضارية ..!!

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي