لا تختفي مطولاً!

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٠٥ يونيو ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٠٩ مساءً

دولة رئيس مجلس الوزراء الزميل الدكتور  أحمد عوض بن مبارك.. أين أنت مختفي؟!؛ ولا لك وجود في الحرب الدائرة بين البنك  المركزي الرئيسي الشرعي  بالعاصمة المؤقتة عدن، وفرعه في العاصمة الأبدية  المخطوفة صنعاء؟  نعرفك صلباً قوياً شجاعاً شفافاً واضحاً ومحددا بوصلتك وموقفك.. تتصدي ولا تتوارى، تتحمل المسؤولية ولا تغيب عنها..

الحرب في أوجها مع الحوثة المنقلبين، البنك المركزي في قراراته واجراءاته يهاجم؛ ويحتاج منك الاستنفار والتأييد والمؤازرة والدعم..  ويا اخي الكريم.. لن تتقدم قيد انملة ، في مصفوفة الأولويات التي تبنيتها، إلا باستعادة المركز القانوني للبنك المركزي؛ إلا باستعادة هيبة الريال وتوحيد عملية الصرف والتحويلات على امتداد الخارطة اليمنية..

ولن تحل مشكلة الكهرباء وعدم انقطاعاتها المتكررة وديمومة إمداد الكهرباء والإضاءة؛  إلا بتوفير الموارد اللازمة بقوة شرائية معتبرة؛ إلا بالانتصار للبنك المركزي اليمني واجراءاته!

ولكي يستعيد البنك المركزي عافيته وينفذ سياسته النقدية والمصرفية، لابد للحكومة بادي ذي بدء، اقرار أولى الأولويات،  موازنة عامة، فالبلد من دون موازنة عامة للدولة؛ كالأعمى الذي  يسير بلا هدى ولا مرشد ولا عصا.. إن نجاحك كرئيس للحكومة هو قطعاً تنفيذ ما وعدت والتزمت بتحقيقه من  موجّهات الأخ الرئيس؛ وبما انك تحب أن تقدم شيء يلمسه المواطن..

عليك أن تثق أن المواطن  في هذه اللحظة التاريخية مهتم بـ"الكهرباء والعملة" ؛ فعليك أن تفلح في إعادة قيمة الريال اليمني إلى ما قبل انقلاب الحوثي المشئوم؛ اعدّ للريال قوته وهيبته وشرعيته، وثقة المواطنين به!؛ ثم ادفع رواتب كل الموظفين، خصوصا بعد إجراءات البنك المركزي الأخيرة!؛

 فالنجاح  يا دولة الأخ رئيس الوزراء، يحتاج خطط وبرامج وموارد ومستهدفات، وعمل على الأرض؛ لا أن تكون الحكومة جابية وجامعة فقط، تجمع فتسلم  رواتب موظفيها كالموفدين للدراسة على هيئة ارباع، الموظف مستقر وساكن وعليه التزامات، لابد أن تحلّوا مشكلة دفع الرواتب بانتظام  شهرياً، فهي التزامات حتمية؛ كما دائما تتحدثون!؛ 

اسهر يا دولة رئيس مجلس الوزراء مع حكومتك، على اعداد موازنة حتى ولو نصفية للعام 2024، بحسب مصفوفة الأولويات التي وجهكم بها  الأخ الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي. فإعداد موازنة عامة هي الخطوة الأهم لأي معالجة اقتصادية. 

اخر اطلالة لك يا دولة رئيس مجلس الوزراء، كانت في منتدى الإعلام العربي، الذي انعقد بدبي منذ عشرة أيام تقريبا؛ حيث كنت بحديثك مُلماً، فاهماً صريحاً، وحدوياً ومبدئياً.. منذ ذلكم الحين انقطعت اخباركم وعلومكم، لعلّ المانع خير!؛

 لم نعد نرى أو  نسمع أو نقرأ  من نشاط لكم يا دولة الرئيس؛ فإن كان لتجهيز وتحضير شيء مفيد لليمن، فلا بأس؛ 

وإن كان بخلاف ذلك، فمن غير المقبول من رئيس وزراء منذ تعيينه بدا نشيطاً مكثفاً، لاقى تأييداً منقطع النظير ، حيث ظهر بقوة، ونزل للناس يتلمس حاجاتهم وكما يقول يستمد العزم والعون والنشاط منهم، وهو الذي وعد بالمصارحة والمكاشفة والشفافية أن يغيب، ولو ليوم واحد!؛

المفاتيح  الحقيقية يا دولة رئيس مجلس الوزراء - الذي نحبه ونقدره-، يبدأ من معالجة التحدّي الاقتصادي وفي الطليعة منه (أس) المشكلة فيه "العملة" ، فالمطلوب حل سريع وجذري للإنقسام  المصرفي واسعار الصرف وتذبذب قيمة العملة بين المناطق اليمنية المحتلفة!؛  نعلم ان جذر المشكلة إختلال هيكلي وتضخم إداري، وصدمات اقتصادية وسياسية.. واليمنيون بعيدون عن إيجاد معالجات لها.. فلا نلوم العالم في توصيفه للحالة اليمنية..   هو لم  يلجأ للتعامل مع اليمن بطريقة (الأنسنة)، يا دولة رئيس الوزراء؛ إلا عندما رأى السياسين  يتخلون عن واجباتهم وعن إيجاد حل سياسي للأزمة القائمة، عميقة الجذور؛  إلا عندما رأى تخلى الاقتصاديين عن تقديم بدائل اقتصادية قابلة للتحقق وممكنة التتفيذ؛ إلا عندما رأى من يدّعون تمثيل اليمن،

يتسابقون للثراء على حساب شعبهم، يثرون من فتحهم للسوق السوداء، ومن المضاربة بالعملة، ومن رسوم تحويلات المغتربين، ومن تجميد الحسابات الجارية ومصادرة أموال المودعين؛ تاركين مواطنيهم في حالة طوارئ غذائية؛ 

إلا عندما رأى القوى المؤثرة والفاعلة على الأرض وكأنها دول، قادتها يُمولون وينفذون مشاريع وبرامج بمليارات الريالات، ومن خارج الحكومة ومن خارج البنك المركزي، ويدفعون رواتب غير الرواتب وحوافز غير الحوافز؛ وبغير العملة اليمنية.. ثم ناتي جميعاً لنقول أن العالم أخطأ التوصيف، وأننا نريد انعاش العملة وزيادة قيمتها.. فمن أين ستنتعش ياجماعة وهذا الذي سقناه إليكم هو حال بلدنا ؟!؛

وحدوا التعامل والمعاملات بالريال ومن نافذة البنك المركزي لا غير، فهذا هو المطلوب كما هو المطلوب بالضبط  توحيد غرفة عمليات مشتركة للعمل العسكري.. مطلوب كذلك إيداع الهبات والمساعدات من الدول، في إطار الدولة الشرعية، كي نبني وطن ونحافظ على عملة مستقرة.. أتفهمون؟!؛

في الأخير أقول.. تعودنا على حضورك وظهورك الدائم وزياراتك المفاجئة، يا دولة رئيس مجلس الوزراء.. فلا  تختفي عند أهم التحديات.. اظهر وادعم البنك المركزي وقراراته واجراءاته..

 كن عوناً وظهراً وسنداً وغطاءًا سياسياً لكل إجراءاته وقراراته.. كن كما عبّر عن ذلك كل  من رئيس واعضاء مجلس القيادة الرئاسي والمجلس الانتقالي، حين أعلنوا دعمهم لكل ما يتخذه البنك المركزي من إجراءات ..والله من وراء القصد.. أتمنى أن أرى تزايداً ملحوظا في القيمة الشرائية للريال، نتيجة للإجراءات المتخذة، بحيث تفضي القرارات المتخذة أو التي ستتخذ إلى تعافي الريال اليمني.. 

همسة.. لا تختفي طويلاً يا دولة رئيس مجلس الوزراء.. والسلام ختام..

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي