إعقلها وتوكل

عمار البذيجي
الخميس ، ٢٦ مايو ٢٠٢٢ الساعة ٠٨:٢٠ صباحاً

 

حين قص الملك رؤيته على الملأ من حوله قال الخراصون "أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين". بالمعنى البلدي " خرابيط .. الظاهر إنك اتعيشت زيادة" .  قالوا ذلك وبهذه الصيغة وهو ملكهم وربيب نعمتهم، فكيف لو كان صاحب الرؤيا من عامة الناس؟ بالتأكيد سيكون جوابهم في قمة السخرية والاستهزاء، اقله ان يقولوا له  "إنت بتتعاطى حاجة قبل النوم؟ .. قال بقر بتأكل بقر قال".

لكن حين قص رسول الملك الرؤيا على يوسف الصديق الذي أتاه الله العلم، استشرف من الرؤيا أن مجاعة طويلة تتهدد مصر وسوف تمتد لسبع سنوات متصلة، ولكنها لن تكون إلا بعد سبع سنوات خصب.

لذلك و بناء على القراءة التحليلية للرؤيا واستشراف المستقبل من خلالها وضع يوسف الصديق لهم خطة إقتصادية محكمة، وإجراءات عملية تخفف عنهم حدة المجاعة البعيدة المتوقعة، بل وطلب من الملك حين قربه إليه أن يتولى بنفسه إدارة وتنفيذ الخطة " قال إجعلني على خزائن الإرض إني حفيظ عليم".

ما فعله يوسف الصديق عليه السلام مع مصر وشعبه وهو النبي المرسل سليل الانبياء عليهم السلام لم يكن يخدش في حسن توكله على الله ولايناقض الايمان بأن الامر كله لله ولا يتصادم مع ما أكده القرآن " قل إن الأمر كله لله فأعبده وتوكل عليه" بل كان في صميم التوكل ومن مقتضيات الإيمان.

وفي ديننا الإسلامي الشواهد والادلة كثيرة وصريحة للتفريق بين التوكل والتواكل والجميع يعرفها ويحفظها ويرددها، بل في الاسلام الحث على التخطيط للمستقبل والعمل لاتقاء الحدثان ونوائب الدهر لأجيال قادمة، وهذا توجه واضح في قصة الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن التصدق بماله لكونه ليس له من يرثه سوى بنت واحدة أأتصدق بثلثي مالي؟ 

قال: لا، أأتصدق بنصف مالي؟ قال : لا أأتصدق بثلث مالي؟

قال: الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس

#الخلاصة : التوكل في شرعنا الحنيف يقوم على مبدأ " إعقلها وتوكل" وما عدا ذلك فهو تواكل.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي