هذا ينتظركم بعد سنوات!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
السبت ، ٢٣ سبتمبر ٢٠٢٣ الساعة ١١:٤٩ صباحاً

 

رجعت من السفر واحتاج الآن إجازة برغم أنني لم احتاج إجازة ولم اخذ اجازة من 8 سنوات، فاخر إجازة رسمية لي كانت قبل الحرب في شهر فبراير عام 2015،  لكن الانسان يتغير بعد 40 من عمره وأنا تجاوزت الخمسين، واجد هناك محرك داخلي بدأ يسحبني إلى الهدوء في وتيرة العمل، وترتيب الذات على نمط وسلوك آخر في ال 14 إلى 15 سنة القادمة قبل التقاعد، برغم أنني اقنع نفسي أنه قد قلعت العداد عند عمر 35 سنة كما قال أحد الاخوة ويمكن استمر بنفس النشاط والانشغال. فتقدم العمر الى مرحلة الشيخوخة تجلب تغيرات في القدرات البدنية والمعرفية والادراك، لا يمكن ان ندركها بسرعة، وبالذات والمخ يكمل المعلومات الناقصة من عنده حسب الخبرات المكتسبة، لكن ليس بالضرورة الصورة الحقيقية أو الواقع، التي تشاهدها أو تعيشه انت كشاب الان. 

فمن عمر 24 عاما تبدأ عملية الشيخوخة نظريا، والتي تختلف من شخص الى اخر ولكن ينطبق على الجميع هذه الاشياء، مثل ان السمع ، الرؤية، الشم، التذوق، اللمس، و ايضا مهارات القوة المحركة و الذاكرة تفقد قدرتها بالتدريج. فحدة البصر تتراجع ويزيد خطر العمى بسبب الضوء الساطع مثل أضواء النيون والأرضيات اللامعة. التكيف مع ضوء الظلام من حوالي عمر 45 سنة يكون أمر صعب لاسيما ورؤية الألوان تنخفض وعدسة العيون تصير مصفرة و غائمة. الضوء البنفسجي يمنع من الدخول الى العين والألوان مثل الأزرق والأخضر والبنفسجي يصعب تمييزها بسهولة، في المقابل يتم التمييز بين درجة ألوان اللون الاصفر بشكل افضل. ايضا من بعد 55 سنة تضيق افق الرؤية فالحركة الأفقية والرأسية للعيون تقل وايضا الرؤية المكانية.

في السمع ايضا تظهر مشاكل مشابه، فمجموعة من الأصوات، التي يمكن سماعها تقل وتختفي وبالذات التي تحتوي ذبذبات عالية اي ان الانسان لا يسمع الاصوات الناعمة وانما كله وش مثل صوت السيارة من ما يتطلب منك الحديث بنوع من البطئ مع كبار السن و بوضوح اكثر من دون بلع المقاطع، لذلك خف عليهم بسرعة الهدرة والتعقيدات. الاصوات المتعددة في وقت واحد يعقد التصور للمعنى و الادراك، لذلك فقط واحد يتكلم وليس عشرة . تغير الطعم و الرائحة تظهر عند تقدم السن اي تقل القدرة على التمييز لكن المخ يظل يغالطه في ادراك التغيير وفي وظيفة الحركة وسرعتها وقوة العضلات والذاكرة حتى البت في امور بسيطة يأخذ المزيد من الوقت، وايضا ينقطع التفكير في الحلول، اذا لم يلحقوا الاخرين في الادراك بسبب قلة التركيز ونسيان العديد من الأشياء المهمة، لذا تشاهدون الاباء صامتين طول الوقت او يتكلمون في موضوع اخر. لكن لا يعني عدم القدرة عن التفكير، وانما يحتاجون المزيد من الوقت لاسيما والذاكرة القصيرة تتأثر بشكل واضح بتقدم السن. المعلومات في الذاكرة طويلة الأمد لا تتأثر بسهولة بتقدم السن فهي أكثر عمقاً ومرتبطة بمعلومات اخرى مخزنة، اي ان كل ماتعلتمه في أي وقت من حياتك يمكن استرجاعه لو وجدت الوسيلة المناسبة حيث أنها محفوظة مما يساعد كبار السن على التذكر، و بخلاف ذاكرة المدى القصير، فذاكرة المدى الطويل ليس لها حدود معروفة .

اما عن الذكاء فيمكن ان اقول ان الذكاء السائل يقل من سن ال 20 مثل خفة الحركة، او الجمع بين القدرة و التوجه في مواقف جديدة. لكن هناك ذكاء يسمى المتبلور يزيد مع تقدم السن مثل المعرفة العامة والمعرفة التجريبية، والمفردات واللغة والفهم للحياة. واخيرا كيف تصير العواطف معهم فمن تلك الناحية ايضا هناك تغييرات كثيرة في مجرى الحياة، لكن اثناء الشيخوخة يتجنب الشخص استدعاء الإثارات الصغيرة لانها تنتج مشاعر قوية لايريدها. لذلك كبار السن يحاولون تجنب الحالات الغير معروفة. يعتمدون أكثر على القرارات الآمنة والذكريات المحفوظة تجنبا للمخاطرة.

ايضا مع تقدم السن سوف تجد ان الايام صارت تمشي بسرعة، اي ما يصدق يبدأ الشهر او الاسبوع حتى تحس انه انتهى، اي ادراكك ان سرعة وتيرة الشهور و الايام والساعات صارت غير. هنا لتسهيل الامر لماذا اختلف التصور الزمني؟ فذلك بشكل بسيط يعود الى كيفية الشعور به، فالوقت يبدو لنا انه يمر ببطء، اذا كان مخنا بحاجة إلى معالجة الكثير من المعلومات الجديدة و الغير مألوفة، التي تصل اليه بطرق مختلفة كما في مرحلة الطفولة و الشباب و الدراسة وبداية الزواج والاطفال. فاذا كانت المعلومات والاحداث مكررة بنفس النمط والاخبار نفسها كما عند كبار السن، فيشعرنا المخ ان نبض الزمن سريع والايام والشهور لا نشعر بها كنتيجة، وهذه مرحلة الاستقرار، اي بعد 35 سنة الى 65 سنة. الان اعتقد قد تفهمون كيف كبار السن يدركون المكان والزمن والتغيير حولهم و تفهمون، لماذا هم يتصرفون هكذا؟ وسوف تعرفون، ماذا ينتظركم بعد سنوات !!!!!

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي