بينما يتعاظم الضغط الحقوقي الدولي على الجيش السوداني، بعد ارتكابه سلسة من الفظائع الإنسانية، والانتهاكات الحقوقية في كافة أنحاء البلاد، تقفز قيادة الجيش إلى الأمام، صوب محكمة العدل الدولية في لاهاي، لتقديم مزاعم واهية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويعتقد مراقبون أن قيادة الجيش السوداني تسعى إلى تحويل الانتباه عن التوجه الدولي الجاد نحو محاسبتها على الجرائم الموصوفة التي ارتكبت خلال عامي الصراع، وبلغت ذروتها في الأشهر الأولى من العام الحالي.
وارتكبت القوات المسلحة السودانية جرائم حرب موثقة من قبل جهات دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية ووسائل الإعلام الدولية، شملت القتل الجماعي للمدنيين واستخدام الأسلحة الكيميائية والهجمات العشوائية على المناطق المكتظة وتدمير البنية التحتية الأساسية والعنف الجنسي وتجنيد الأطفال.
وفُرضت على الجيش السوداني وقياداته العديد من العقوبات، أبرزها تلك التي أعلنتها وزارة الخزانة الأمريكية ضد قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في يناير/ كانون الثاني الماضي، لارتكابه جرائم حرب موثقة، وهو يؤكد بحسب مراقبين أن "هذه الجماعة غير مؤهلة لرمي الاتهامات على الدول الأخرى".
وكان السبب الرئيس في العقوبات الأمريكية على البرهان، اتهامه بقيادة عمليات عسكرية شملت هجمات على المدنيين، بما في ذلك قصف عشوائي للبنية التحتية المدنية مثل المدارس والأسواق والمستشفيات، إضافة إلى منع المساعدات الإنسانية واستخدام الطعام كسلاح حرب.
ووفق تقارير رسمية من وزارة الخزانة الأمريكية وتصريحات مسؤولين أمريكيين، تم تأكيد استخدام الجيش السوداني للأسلحة الكيميائية في مناسبتين على الأقل في مناطق نائية بالسودان خلال النزاع.
وفي قضيته ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، يرى مراقبون أن الجيش السوداني يستغل المنابر الدولية للترويج لقضايا ليست ذات صلة بما يدور من حرب أدت إلى معاناة إنسانية غير مقبولة، بهدف تخفيف الضغط الدولي عن وخاصة ما يتعلق بالعقوبات المفروضة عليه.
ويصف الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التي تقودها القوات المسلحة السودانية في محكمة العدل الدولية بـ "الهزلية"، مضيفاً أنها "ليست أكثر من لعبة سياسية وحيلة دعائية، وهي محاولة لجر صديق قديم للسودان وأفريقيا إلى الصراع الذي أججوه هم أنفسهم".
وتابع في مقال بصحيفة "ذا ناشونال" أن "الإجراءات السخيفة التي اتخذتها القوات المسلحة السودانية في مجلس الأمن الدولي، بنيت بالمثل على افتراءات وأكاذيب وخيال".
واستندت مزاعم الجيش السوداني تجاه الإمارات، بما تعمل عليه قيادة الجيش على أرض الواقع، عبر جر أطراف دولية أخرى للتدخل في النزاع الجاري في السودان، من خلال تقديم وعود لمنح صفقات وقواعد وموانئ في السودان بعد الحرب، مقابل الحصول على أسلحة فتاكة لقتل السودانيين، وهو ما وثقته تحقيقات نشرتها وسائل إعلام دولية.
ودعمت دولة الإمارات العربية المتحدة كافة الجهود الدولية والإقليمية الرامية لإحلال السلام في السودان وإيجاد تسوية سياسية تعيد الأمور الى مسار الدولة المدنية، مقابل رفض الجيش السوداني كل هذه الجهود، مع عدم التزامه بحضور المؤتمرات الدولية التي عقدت بهذا الشأن.
وبينما كانت دولة الإمارات تقدم وعلى مدى العقد الماضي أكثر من 3.5 مليار دولار كمساعدات للسودان، بما في ذلك أكثر من 600 مليون دولار منذ بدء النزاع، كان الجيش السوداني يتحمل بشكل مباشر ومعروف دولياً منع وصول المساعدات الإنسانية.
ورغم أن الأرقام الدولية تؤكد حاجة 30 مليون سوادني للمساعدة، ومواجهة نحو 600 ألف سوادني لظروف المجاعة، إلا أن الجيش السوداني أمعن في استخدام التجويع كسلاح في الحرب، في تحد مباشر للمجتمع الدولي والمواثيق والأعراف الدولية.