ما أحدثته زيارة الرئيس لمأرب!

د. علي العسلي
الثلاثاء ، ٣٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٠٥ مساءً

 

المفروض أن الزيارات والتحركات لرئيس جمهورية شرعي معترف به لا تعمل ضجيجاً، ولا تثير تساؤلات، ولا تجلب تكهنّات وتخمينات.. ولا تُضخم، ولا تقلل من أهميتها.. وتوضع في سياقها!

غير أن زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي، لمأرب، كانت مختلفة في التوقيت والدلالات والمآلات. فأحدثتحراكاً، مؤيداً محباً ومرحباً، ورافضاً كارهاً ومعارضاً.

 البعض اعتبرها زيارة لبدأ انطلاق ساعة الصفر لتحرير العاصمة صنعاء، والبعض رأها ثمرة من ثمرات عملية السلام الآتي على اليمنيين.. فكل يغتي على ليلاه، وكل يُدندن من مشاربه وتمنياتهم!

والحقيقة أن الزيارة أتت بعدما استقر ومكث الأخ الرئيس بالعاصمة المؤقتة عدن طيلة شهر رمضان الماضي وما بعد العيد، وكان تواجده حافلاً باللقاءات الرسمية المحلية والدولية، وكان حافلا أيضا بلقاءات تلفزيونية وصحفية، إذ أجمل فيها الاستمرار في عملية الإصلاح وتثبيت وتفعيل الدولة من الداخل، والإشراف على تنفيذ أولويات المرحلة التي تنفذها الحكومة، وأجمل الموقف في القضايا الداخلية والخارجية، وبيّن الأولويات ومسار العمل في الواقع اليمني، والتعاطي معه بشعاره الذي رفعه هو، كقائد لإدارة المرحلة : "يد تبني وتُمَدُّ إلى السلام، واليد الأخزى قابضة على الزناد"!

وبرهن على شعاره بهذه الزيارة، وقد تكون هناك دوافع أخرى، ومهما كانت، فإن التوقيت ربما هو الأهم، والذي جلب التفسيرات والتاويلات والاستنتاجات والجدل الواسع.

واعتقد أن همية الزيارة تنبع من أهمية الرسالة للأخر؛ والذي طالما أسهب كثيراً بالحديث عن الشرعية، بأنها شرعية الفنادق، وتعمل تحت مكيفات ولا تدري ما يجري على الواقع وليس لها صلة به، فلا حضور ولا وزن لها في أراضي الجمهورية اليمنية، فها هي تقول له ولغيره، انها موجودة وتعمل من على مشارف صنعاء، ولا تأبه بالحوثي وتهديداته للعالم، فالشرعية باقية وحريصه على عدم تسليم اليمن لإيران مهما بلغت التضحيات..

هاهي القيادة تزور مأرب ، التي هي على بعد عشرات الكيلومترات من العاصمة صنعاء، وزيارته هذه أرّقت الحوثي، وبات يتمنى لو أنه لم يتفوّة بحقها بشيء..

 

 الشرعية لديها قيادة شجاعة تتصدي للحوثي في الميدان، وتفضحه وتعرّي سرديته إعلامياً سواءاً في افتراءاته عليها، أو على غزة، وليعلموا أن افتراءاتهم المتكرر ، قد قرّب بيوم رحيلهم.. وغدا سيصل الرئيس إلى العاصمة صنعاء، وسيزور بإذن الله كلية الشرطة التي طالما كان يتواجد فيها، وسيزور كل منجزاته التي نفّذها عندما كان وزيراً للدخلية.. سيصل قريباً بالسلم أو بالحرب!

إن مأرب المستقبلة، والقادة أصحاب الزيارة، قد شكلوا لوحة جميلة يمانية جمهورية .. وشكلوا وجبة شهيّة للتناول.. وهذه الوجبة كانت عند المؤيدين لها طعم ومذاق خاص، يمني جمهوري أصيل، وعند الخصوم ومن صفّ صفهم، يتناولوها وتأتي لهم بالحموضة ..

إن زيارة الرئيس حرّكت الدماء والعقول عند المؤيدين وعند الخصوم، ومخمخت عقول الأغلبية الصامتة التي بصمتها أخّرت استحقاقات إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة، فلربما الزيارة احدثت في وجدانهم زلزلاً وعواصفاً وصواغقاً، بحيث ستجتثّ الحوثية وأفكارها الإرهابية من الوجود!!

وأرى أنه من المبكر الحديث عن نتائج الزيارة قبل انتهائها.. ساترك الأمر وأتريث قليلا حتى تنجلى الصورة، وتأتي الزيارة بثمارها المرجوة، قرارات وإجراءات.. وقد قيل عن الزيارة من المطّلعين، أن الزيارة ما بعدها غير ما قبلها.. لننتظر جميعاً لنرى ما بعدها!

وفي هذه العجالة سأتكلم فقط، عن بعض ما رأيته في هذه تنفيذ الزيارة المباركة، لأقول أن:-

- الزيارة قد حققت بعضاً من اهدافها قبل انتهائها، منها، إن القيادة موحدة وعازمة على أنها الانقلاب، وهاهي متواجدة في نقاط التماس مع المنقلب، ومن أن مناطق الشرعية ليست جزر معزولة كما يتوهم الخصوم والقليل في صفوف مناطق الشرعية.. وهنا اسمح لي أخي الرئيس أن أطالبك بزيارة مماثلة للمحور الأكثر سخونة هذه الأيام، محور تعز وتهامة، محور الساحل الغربي لليمن. أخي الرئيس زور المخا التي يتضجر منها الحوثي ويهدد باستهدافها، زور المخا، للاطلاع على المنجزات هناك، والتي لم تنجز في الحالمة منذ عام 1962، زورها لترى انها أنجزت مشاريع عملاقة بمدّة قياسية، وترى كم كانت تعز مظلومة؟!؛ ومن أنها قد جمّْهرت دَيْناً حتى وقت قريب.

- الزيارة أكدت أن محافظة مأرب ليست محافظة للمساومة أو المقايضة أو المحاصصة ، بل هي في عقل ووجدان الرجل الأول بالدولة، بأنها معقل الثورة والجمهورية والمقاومة، والحصن المنيع ضد المشروع الإمامي الكهنوتي المدعوم من النظام الإيراني.

- الزيارة جاءت متزامنة مع تحركات إقليمية - دولية، واتفاقها على ضرورة تخفيض التصعيد، ولا يتم ذلك، إلا بإيقاف الحوثي عن استهدافاته للبحار، ولن يتحقق ذلك إلا باستعادة كامل التراب اليمني إلى سيطرة السلطة الشرعية ، وهذه هي فلسفة ومعادلات الأخ الرئيس؛ ففي الزيارة رأينا الحوثي يرتعب ويرتجف!؛ فالحوثي بحماقته عسكر البحر الأحمر، وبغبائه هو ومن يسلحه قد جعل الجيران يعقدون اتفاقات آمنية وقد يصنعون أسلحة تفوق ما قامت به إيران الفارسية والمستهدفة فقط أمن المنطقة ومصالح الدول العربية.

- الزيارة لمأرب من قبل الأخ الرئيس، قد شقلبت عندهم العقول، وانهت معادلاتهم القائمة، فجنّ جنونهم، ولم يستسيغوا ولم يرتاحوا للزيارة، فانقلبوا عن أخوتهم في المملكة لمجرد زيارة قام بها الاخ الرئيس، وتحولوا من الأخوة للتهديد، فهاهم يهددون المملكة ويعلنون عن تشكيل تحالف لهم، أسموه تحالف: "الشام واليمن"، ويطالبون ويدعون للبراءة من تحالف المملكة، وحذروها من تقديم مصالح أمريكا على مصالحها، وكأن مصلحتها فقط مرتبطة بهم.. وينشرون مشاهد تمثيلية للسخرية من دول مجلس التعاون الخليجي.. هؤلاء أناس لا يؤمنون بالسلام ولا بحق واحترم الجوار، ولاعهد لهم ولا ذمّة.

- الزيارة أظهرت الحوثيين على حقيقته، وآزالت المكياج من على وجوههم، وعرّت الــ" التقيه" التي جمّلوا بها وجوههم من شهور في مسألة تقاربهم مع المملكة!

- الزيارة لها وقع وتأثير على الحوثة والمتحوثين، فها هو متحوثهم المأربي (الشيخ حسين حازب)، يعاتب العليمي على دمه في دار الرئاسة، ونسي انه وزعيمهم قد انجاهما الله من تلك العملية، لكن من قتل الزعيم هو الحوثي ودمّه في رقبتهم ولم يقاومهم (حازب)، بل قبل أن يكون تابعاً لهم ، ويحرض ابناء مارب على (العليمي) وعلى أولاده، ويخرج أسوأ ما فيه، بالمناطقية ويدعو ابناء مارب لعدم الترحيب بالضيف والتحريض عليه.. أرأيتم كيف وصل حالهم وقلقهم وخوفهم من الزيارة؟!

- الزيارة شاهدنا فيها الجمهورية اليمنية ومؤسساتها وجيشها الوطني بلباسه العسكري وهندامه الرائع.. فسررنا كثيرا بذلك، واستبشرنا خيراً بأن الجمهورية إلى خير، ولا تموت ولا تتلاشى وأن الجيش والمقاومة على أهبة الاستعداد لاسترداد ما تبقى.

- الزيارة رأينا فيها، زيارة الأخ الرئيس لكلية الطيران والدفاع الجوي في محافظة مأرب. فأزددنا فخرًا واطمئناناً.

- الزيارة رأينا فيها العلم الوطني دون غيره، يرفرف في كل اتجاه وفي كل مكان.. اكتفي بهذ.. واختم بــ:

التحية كل التحية للأخ الرئيس ورفقائه، وبانتظار زيارة المخا وتعز وتهامة، التي تستحق منك الكثير يافخامة الرئيس..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي