المساجد لله وحده وليست للإمامة والولاية والحسينيات

د. عبده مغلس
الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٢٨ مساءً

بدأت نكبات الأمة وويلاتها وتخلفها، مع بداية هجرها للقرآن، دين الله ومنهجه، لخلقه وصراطه المستقيم، بهجره جرى تأويل آياته، وفقاً لتدين التمذهب، وتدين الفرق المختلفة، وتدين العصبيات، وليس وفقاً لدين الله، ولا لبيان وتبيان وترتيل وتفصيل آياته في كتاب وحيه، وبهذا الهجر غيبت الأمة القرآن من حياتها ، ففرقت دينها شيعاً، وغابت عن فعلها ودورها، فتقاسمها العجم فرسهم ورومهم كما كانت قبل نزول القرآن.

 

 

الإسلام دين الله، الواحد، الأحد،الفرد، الصمد، القدوس فلا مقدس غيره، ولا إلاه ولا رب في الوجود غيره سبحانه، ولا دين في الوجود غير دينه.

 

 

لقد أختص الله من خلقه، رسلاً، وانبياء، ومنذرين، ومبشرين، لإبلاغ رسالات دينه، عبر تاريخ الإنسانية وتطورها، حتى ختم الله دينه، وأكمله، وأتمه، بالرسالة الخاتم، لتكون للعالمين وللناس كافة، واصطفى لها من عباده خاتم رسله وأنبيائه، محمد عليه الصلاة والسلام، وأمره أن يقول بأنه أول المسلمين من خلقه، لأنه أول الذين آمنوا بالإسلام الكامل والتام والخاتم.

 

 

لقد اقتصرت مهمة الرسل والأنبياء والمنذرين والمبشرين، بمهمة واحدة هي إبلاغ رسالات دين الله لخلقه، ولم يدعي أحداً منهم أنه شريكا لله في دينه وعبادته وشرعه وتشريعاته. 

 

 

 

وجميع هذه الرسالات حملت دين الله بمحتوياته الأربع:

 

١-أحادية الله وعبادته وحده، وأنه إله واحد، لا شريك له.

 

٢- شعائر الله ومناسكه، وعبادته، والصلاة له، والتي تحدد كيفية عبادته وتقديسه وحده، في مساجده ودنياه، وقد أراها الله وعلمها لرسله.

 

٣- تشريعات الله لخلقه مؤمنهم و مجرمهم (ملحدهم)، والتي تُنَظِّم وتُبَيِّن للجميع علاقاتهم بالله، وبالناس كل الناس، وهي خارطة صراط الله المستقيم، الهادفة لصلاح الإنسانية، وتعارفها ، واستخلافها، واستعمارها للأرض.

 

٤- قيم الله الرحمانية، الموجهة للإنسانية كلها، والتي تحدد المحبة والإخوة الإيمانية والإنسانية، للناس كافة، المُحددة والمُفصلة لكيفية تعاملهم مع بعضهم، بمختلف أعراقهم وألوانهم ودياناتهم، وأنهم من نفس واحدة، وما اختلاف ألوانهم وألسنتهم، سوى آية من آيات الله في خلقه.

 

 

 

لقد بيّن الله وفصّل في كتابه الخاتم، كيف يؤمن الإنسان به، وكيف يمارس دينه وعبادته، وصَلاته وصِلَته بالله، وصَلاته وصِلَته مع خلقه وكونه، وكيف يمارس دور الاستخلاف واستعمار الأرض.

 

وبيّن سبحانه كيف نعبد الله بمساجده، بأن نجعلها بيوتاً لله خالصة، نُخلص بها عبادتنا له، وأن نمارس بها أحد مهام العبادية له، في إقامة الصلاة، وأمرنا أمراً واضحاً لا لبس فيه، بأن هذه المساجد لتقديس أحاديته وتوحيده وعبادته فقط، وأن لا نجعل معه، أو وله، بها شركاء من دونه، نقدسهم، ونؤمن بهم، ونجعلهم أولياء، وشفعاء، نتقرب لهم، ونتقرب بهم، في مساجد الله دون الله، فعندما يقيم المسلم المؤمن الصلاة في مساجد الله، يبدؤها بتكبيرة الإحرام (الله أكبر)، فهو هنا يقف وحيداً بين يدي خالقه ومعبوده، إلاه ورب واحد لا شريك له، فهو الأكبر وحده، فليس في هذا المقام كبير، ولا شريك أكبر منه أو معه، يقول سبحانه:

 

 ﴿وَأَنَّ ٱلۡمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُوا۟ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدࣰا﴾ [الجن ١٨]، ليس هناك أحداً مع الله بالإطلاق أيا كان هذا الأحد.

 

الشرك بالله وصفه الله بأنه ظلم عظيم لن يُغفر، ولن يغفر الله لفرد أو شعب أو أمة تمارس الشرك بالله، فما بالكم أن يكون هذا الشرك باسم الله، ودينه، ورسوله، كما تدعي المليشيات الحوثية الإرهابية.

 

اليوم انظروا ما يحدث في مساجد الله في اليمن، أعمالا تهتز لها السماوات والأرض، أعمالا لا علاقة لها بالله، ولا برسوله، ولا بدينه، ولا بكتاب وحي دينه، فمساجد الله تحولت إلى الحسينيات، والمقايل والسمرات، والموالد، والاحتفاليات، بآل البيت، والأئمة والأولياء، ولم تعد مساجد لذكر الله وعبادته وحده، وهذه الأعمال ليست من دين الله، وبهذه الممارسات لم تعد المساجد لله وحده، لقد تحولت لمساجد علي وفاطمة، والحسن والحسين، وذريتهما، وللأئمة والأولياء، ولم تعد لله وحده.

 

 

وتحقيقاً لمنهج الله وقوانينه، يعيش اليمن واليمنيون عيشة الضنك والحروب، بسبب إعراضهم عن منهج الله بكتاب دينه، وبسبب تحويل مساجد الله لغيره سبحانه. لقد أغْضَبْنا الله، وظَلمنا أنفسنا، فحاق بنا غضب الله وعقابه، وجنينا نتائج ظُلمنا لأنفسنا، بتحويلنا مساجد الله للإمامة والولاية، وعشنا دورات متتابعة من الحروب والكراهية والتخلف، لم تتوقف منذ دخول الهادي وإمامته حتى اليوم،.

جمعتكم عودة لكتاب دين الله، وجعل مساجد الله له وحده، لنخرج من غضبه وعقابه.

د عبده سعيد المغلس

٢٦-٤-٢٠٢٤

الحجر الصحفي في زمن الحوثي