في خطوة تعكس تصاعد التحديات التي تواجهها شركات التجارة الإلكترونية الصينية في السوق الأمريكية، خفّضت شركتا “تيمو” (Temu) و”شين” (Shein) بشكل كبير من إنفاقهما الإعلاني داخل الولايات المتحدة، في ظل التهديد بفرض رسوم جمركية حتى على أصغر المبيعات القادمة من الخارج.
ووفقًا لتقرير نُشر في صحيفة “الجارديان” البريطانية الخميس 17 أبريل 2025، فإن الشركتين، اللتين أصبحتا من أبرز اللاعبين في مجال التسوق السريع عبر الإنترنت، بدأتا بإعادة تقييم استراتيجياتهما التسويقية بعد التعديلات المقترحة على قوانين الإعفاء الجمركي في الولايات المتحدة.
شركات التجارة الإلكترونية الصينية تخفض انفاقها
السلطات الأمريكية، وخصوصًا الكونجرس، بدأت تنظر بشكل جدي في إلغاء أو تعديل ما يُعرف بثغرة “الإعفاء الجمركي للطرود الصغيرة” التي تسمح بدخول الشحنات التي تقل قيمتها عن 800 دولار دون دفع رسوم جمركية، وقد استفادت “تيمو” و”شين” من هذه الثغرة لتقديم أسعار تنافسية للغاية، وجذب ملايين المستهلكين الأمريكيين.
غير أن هذه السياسة أصبحت محل انتقاد متزايد من قبل السياسيين والنقابات الأمريكية، الذين يرون أنها تمنح الشركات الصينية ميزة غير عادلة وتؤثر سلبًا على الصناعات المحلية.
كما تثير المخاوف المتعلقة بالامتثال لقوانين العمل ومعايير المنتجات، خاصة أن معظم السلع التي تُباع من قبل “شين” و”تيمو” يتم تصنيعها في الصين، وقد تم توجيه اتهامات سابقة لبعض الموردين باستخدام عمالة قسرية.
تخفيض كبير في الإعلانات الرقمية
تشير البيانات إلى أن شركة “تيمو”، المملوكة لشركة “بيندودو” الصينية، قامت بتقليص إنفاقها على الإعلانات المدفوعة على محركات البحث والمنصات الاجتماعية بأكثر من 50% منذ بداية عام 2025.
أما “شين”، التي تستعد للاكتتاب العام في السوق الأمريكية، فقد خفضت بدورها نسبةً مماثلة من إنفاقها الإعلاني، مركّزةً على تحسين العمليات الداخلية واسترضاء الجهات التنظيمية الأمريكية.
ويرى خبراء أن هذا التوجه قد يُمثل بداية تحول في علاقة هذه الشركات بالأسواق الغربية، حيث يتعين عليها الآن التكيف مع قوانين أكثر صرامة وتدقيق أكبر في سلاسل التوريد.
مستقبل غير واضح
على الرغم من أن “تيمو” و”شين” لا تزالان تحافظان على قاعدة جماهيرية كبيرة في الولايات المتحدة، إلا أن هذه التغييرات قد تؤثر على نمط استهلاك العملاء، خاصة في حال فرضت رسوم جديدة تجعل الأسعار أقل جاذبية.
من جهتهم، يشير محللون إلى أن هذه الأزمة قد تفتح الباب أمام شركات أمريكية ومحلية أخرى للاستفادة من الفراغ الإعلاني والتسويقي، وتعزيز حضورها الرقمي في ظل تراجع عمالقة التجارة الإلكترونية الصينية.
بين تصاعد الحمائية الأمريكية والقلق من التجسس الصناعي أو التأثير الصيني المتزايد، تبدو العلاقة بين واشنطن وشركات التكنولوجيا الصينية أمام مفترق طرق، قد يعيد تشكيل معالم التجارة الإلكترونية العالمية.