في تطور لافت للعلاقات اليمنية الصينية عقد القائم بأعمال السفير الصيني لدى اليمن، السيد شاو تشنغ، مؤتمرًا صحفيًا في العاصمة السعودية الرياض، بحضور كوكبة من الإعلاميين والصحفيين اليمنيين. وقد شكّل المؤتمر منصة مهمة للإعلان عن عدد من المبادرات الاقتصادية والإنسانية والسياسية، التي تعكس حرص الصين على تعميق شراكتها مع اليمن، رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
كان أبرز ما أُعلن في المؤتمر هو القرار الصيني بإعفاء جميع المنتجات اليمنية المصدّرة إلى السوق الصينية من أي رسوم جمركية، ابتداءً من الأحد 13 أبريل 2025م. واعتبر السفير تشنغ أن هذا القرار يأتي في إطار توجه بكين لدعم الاقتصاد اليمني المتعثر، وتمكين المنتجين اليمنيين من الوصول إلى الأسواق العالمية، خاصة السوق الصينية التي تعد من أكبر أسواق الاستهلاك في العالم.
ويُنظر إلى هذا القرار على أنه فرصة تاريخية أمام القطاع التجاري والإنتاجي اليمني، لتعزيز الصادرات وخلق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الصادرات اليمنية إلى الدول الأخرى نتيجة الحرب وتراجع البنية التحتية.
وأشار السفير إلى أن المنتجات السمكية اليمنية ستكون على رأس قائمة الصادرات ذات الأولوية لدى الحكومة الصينية، لما تتمتع به من جودة عالية وطلب متزايد في السوق الآسيوية. كما أوضح أن الصين تتطلع إلى تعزيز الشراكة في هذا القطاع من خلال تقديم الدعم الفني والتقني للمؤسسات اليمنية العاملة في مجال الصيد البحري.
وتُعد هذه الخطوة محورية في إنعاش قطاع الثروة السمكية في اليمن، الذي يُعد أحد أكبر القطاعات إنتاجًا وتشغيلًا، ويمكن أن يسهم بفعالية في تقليل نسب البطالة في المناطق الساحلية، ورفع حجم الإيرادات الوطنية من العملة الصعبة.
وفي جانب متصل بالشأن الإقليمي، شدد السفير على موقف بلاده الواضح تجاه أمن البحر الأحمر، مؤكدًا أن الصين ترفض أعمال القرصنة التي تمارسها ميليشيا الحوثي، وتعتبرها تهديدًا مباشرًا للتجارة العالمية وسلاسل الإمداد. وأضاف أن الصين تؤمن بأن حماية الممرات المائية مسؤولية جماعية، داعيًا إلى تعاون دولي فعال يضمن سلامة السفن والمصالح التجارية.د
وذكر أن الصين قامت منذ عام 2008م بتنفيذ أكثر من 1000 دورية بحرية لتأمين السفن التجارية، وهو ما يعكس التزامها المستمر بأمن الملاحة في هذه المنطقة الحيوية. كما ردّ السفير على التلميحات الأمريكية بشأن حياد الموقف الصيني، مؤكدًا أن بلاده ترفض هذه الاتهامات، وتتمسك بدورها الفاعل في تأمين الملاحة الدولية دون الانحياز لطرف سياسي على حساب آخر.
كشف السفير عن وجود حوالي 30 ألف يمني مقيم في الصين، بينهم 6 آلاف طالب يمني يتلقون تعليمهم في الجامعات الصينية. وأشار إلى أن العلاقات التعليمية والثقافية بين البلدين في تطور مستمر، وأن بلاده تقدم منحًا وفرصًا تعليمية لليمنيين بشكل سنوي.
كما أوضح أن الصين كانت تدير قبل الحرب أكثر من 100 مشروع تنموي داخل اليمن، في مجالات البنية التحتية والطاقة والاتصالات، وأنها مستعدة اليوم لاستئناف نشاطها والمشاركة في جهود إعادة الإعمار، وفق رؤية شاملة تدعم استقرار اليمن وتنميته.
ولم يغفل السفير الجانب الإنساني، حيث تحدث عن دعم صيني مستمر لليمن في مجالات متعددة، خاصة القطاع الصحي. وقال إن زيارته الأخيرة إلى اليمن مكنته من الاطلاع عن كثب على معاناة الشعب اليمني، وإن الحكومة الصينية سلمت دفعات من المساعدات الطبية والإنسانية خلال الفترة الماضية.
في ختام المؤتمر أكد القائم بأعمال السفير الصيني أن بلاده لا تسعى فقط إلى تبادل تجاري، بل إلى شراكة استراتيجية طويلة الأمد مع اليمن، تقوم على الاحترام المتبادل والتنمية المشتركة. وأضاف: "الصين ستواجه أي رسوم جمركية فرضتها إدارة ترمب، ولدينا دائمًا حلول وبدائل تضمن استقرار السوق وتحافظ على مصالح شركائنا.
يمثل هذا المؤتمر لحظة مفصلية في مسار العلاقات اليمنية الصينية، ويبعث برسائل أمل لليمنيين بأن هناك من يقف إلى جانبهم في وقت الأزمات، ليس بالشعارات، وإنما بمواقف عملية وخطط واضحة قابلة للتنفيذ.
-->