العدل أساس الحكم والظلم ظلمات، مقولة خالدة تُلخص أهم مبادئ الحكم الرشيد. عندما يغيب العدل ويتفشى الظلم، تصبح المجتمعات عرضة للانهيار الأخلاقي والسياسي، وهذا ما نشهده اليوم في واقعنا المرير. لقد انتشر الفساد، وتزايدت معاناة الشعب الذي يعيش على حافة الجوع واليأس، بينما تظل قضايا المظلومين مهملة والمجرمون أحراراً دون حسيب أو رقيب.
إن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق القيادة، فهي المكلفة بتحقيق العدالة ومحاسبة الفاسدين وحماية حقوق الشعب. لكن ما يحدث اليوم يعكس غياب هذه المسؤولية، حيث تُركت السجون تكتظ بالمظلومين، وتُركت القضايا دون حل، وأصبح القتلة والمجرمون يعيشون بحرية تامة. هذا الوضع لا يمكن استمراره، فالشعب ينزف والظلم أصبح قاتلاً.
الوضع الحالي يتطلب وقفة جادة من القيادة. لا يمكن لأي دولة أن تنتصر أو تنهض إذا كانت تعاني من ظلم داخلي وانعدام العدالة. يجب مراجعة ملفات القضايا بعناية، وإعادة النظر في أوضاع السجون، والنزول إلى الميدان لمتابعة الأوضاع عن قرب. يجب أن تكون هناك إرادة حقيقية لإصلاح ما أفسده الفساد، وأن يتم تكليف شخصيات وطنية نزيهة بمهمة إصلاح الأوضاع وبث هذه الجهود عبر وسائل الإعلام لإعادة الثقة للشعب.
الشعب اليوم في حالة من الإحباط واليأس. الجوع يفتك بهم، والحقوق مسلوبة، والمجرمون يزدادون قوة وجشعاً. إذا لم تتحرك القيادة سريعاً، فإن انهياراً سياسياً وأخلاقياً سيحدث، ولن يكون هناك مفر من المحاسبة أمام الله ثم الشعب.
إن المناصب أمانة، ومسؤولية القيادة ليست مجرد منصب أو امتياز، بل هي خدمة للشعب ومحاسبة للنفس قبل الآخرين. كل راع مسؤول عن رعيته، وكل تقصير في أداء هذه المسؤولية هو خيانة للأمانة التي أُوكلت إليهم.
لا يمكن التغافل عن حقيقة أن استمرار الظلم والفساد سيؤدي إلى انهيار الدولة بأكملها. على القيادة أن تستنهض كل طاقاتها، وأن تبدأ بحملة واسعة النطاق لمحاربة الفساد وتحقيق العدالة. الشعب لن ينسى المواقف، ولن يغفر للمتخاذلين. إذا لم يتم إنصاف المظلومين ومحاسبة المجرمين، فإن الشعب سيجد طريقه للمطالبة بحقوقه، ولن يقف أحد أمام غضب المظلومين.
اخيرا، العدل هو الضامن الوحيد لبقاء الدول واستقرارها. القيادة مسؤولة أمام الله وأمام الشعب عن كل دم يسفك وعن كل مظلوم يُترك بلا نصير. الشعب في حالة انهيار ولا يحتمل أي تأخير.
-->