في خضم التحديات السياسية الراهنة، يظهر دور حضرموت كركيزة أساسية تسهم في رسم مستقبل مشرق قائم على الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة إلى تحقيق توازن دقيق بين المطالبة بحقوق حضرموت التاريخية والحفاظ على روح التعايش والاندماج في بنية الدولة اليمنية.
على مستوى الحقوق، يمتلك أهل حضرموت الحق المشروع في التعبير عن هويتهم ومطالبهم التي أرست الأسس التاريخية والثقافية لهذه المنطقة. إن التأكيد على هذه الحقوق لا يعني اللجوء إلى سياسات الانفصال أو الانغماس في توجهات المناطقية، بل يمثل دعوة لصياغة نموذج يعتمد على تحقيق العدالة والمساواة في إطار وحدة الدولة. ويتطلب ذلك اعتماد منهج يربط بين المطالب المحلية والاهتمامات الوطنية، بحيث يبنى المستقبل على أسس من الثقة والشفافية.
من ناحية أخرى، يعد تعزيز ثقافة التعايش وتأكيد مبدأ الحوار أساساً لا يمكن تجاهله. فإرسال رسالة الثقة لأبناء حضرموت يحتاج إلى ممارسات سياسية راسخة تشجع على الاعتماد على الذات وتوفر بيئة آمنة للتعبير عن الرغبات والمطالب الشعبية. ويستوجب هذا التعاون البنّاء بين القوى السياسية المحلية والسلطات الوطنية لتكون الحقوق جزءًا لا يتجزأ من عملية التنمية والإصلاح، مما يعزز بدوره مصداقية هذه المطالب أمام المجتمع الدولي والإقليمي.
إن المسار الذي يتبعه أبناء حضرموت في المطالبة بحقوقهم يجب أن يكون واضحاً ومبنيًا على نهج توازني يجمع بين الالتزام بالقانون والروح الوطنية. وتظل الصورة الإيجابية للمنطقة مرتبطة بقدرتها على توفير بيئة يسودها السلام والاستقرار، وهو ما ينعكس إيجاباً على كافة الأصعدة الشعبية والرسمية. ومن هنا، فإن الثقة التي يبثها السكان في قياداتهم المحلية تُعد ركيزة أساسية لبناء مستقبل واعد يُحتذى به على المستوى الوطني.
وفي الختام، فإن رؤية حضرموت كمشروع وطني حقيقي تعتمد على توحيد الصفوف بين الحفاظ على الحقوق المكتسبة والعمل على تحقيق التنمية الشاملة. هذا النهج المتوازن يعكس قدرة أبناء حضرموت على المزج بين المطالبة بالحقوق والتزامهم بمسؤولياتهم الوطنية، مما يفتح آفاقاً جديدة للمشاركة الفاعلة في صياغة مستقبل أكثر إشراقاً للوطن.
بهذا نعيد التأكيد على أن طلب الحقوق، في إطار الوحدة الوطنية، ليس مجرد مطلب سياسي، بل هو خطوة نحو بناء مجتمع متماسك يسهم في تعزيز التنمية والاستقرار في اليمن.
-->