رمضان التميُز على الموائد

د. محمد شداد
الخميس ، ٢٠ مارس ٢٠٢٥ الساعة ٠٦:٤٩ مساءً

 

الإكرام أمر مستحق لعامة الناس تحديدًا في رمضان، أما عِلية القوم فقد أصبح الأكل عندهم نوع من أنواع الترف الزائد والتقلب على الموائد عادة اجتماعية يغلب عليها خطأ النفاق على مبدأ الكرم، فإذ كان الإنسان حليمًا لا يميز بين ضيوفه ولا يقدم هذا على ذاك وتلك قيم عربية وتعاليم عززها الإسلام من قبل ومن بعد..

 

كيف يستسيغ الضيف صاحب الشأن تناول صنوف الطعام على مائدته وباقي الموائد دونها، وبين حضور أصغرهم طالب علم واعد وأعلاهم قامة علمية وكلهم ذوي شأن من الناحية العلمية والإنسانية وإن لم تكن اليوم فستكون غدًا.. 

 

فكيف بمن يجلس على رأس مائدة في مكان واحد علوها سمين وأسفلها شاحب، كيف يتسق ذلك وينسجم مع ما ورد في قصص الكرم والأخلاق النبيلة..مع مبدأ إسلامي كريم يقول "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه" كحديث شريف يعزز مبادئ التكافل الاجتماعي واحترام الإنسان لذاته والإنسان الآخر أيًا كان، 

 

قد يعتبرها البعض من باب التودد واستدرار كرم الضيف للدعم والعطاء وتلك عادة درج عليها المجتمع واكتسبت مبدأ عرفي صار بين الناس معتمدًا وبه معمول، فمتى سيقلع الناس عن مثل ذلك النفاق الاجتماعي والتداوي منه بتصحيح النفس وتهذيب السلوك والشعور بما يشعر به الآخرون.. ظاهرة قد لا تشكل لصاحب الشأن المتقلب الدائم بين أنواع الطعام شيء، ولكنها تشكل عند باقي الحضور المحرومين كثيراً من الآلام النفسية التي قد لا تظهر على السطح على التو وتصبح الضيافة سبيلا إلى الإهانة بدلاً عن الكرم وإدخال الحزن على باقي الضيوف.. 

 

مبادئ خرقاء وتصرفات تؤول إلى عكس الهدف من الضيافة، الكرم والإحسان إلى الكافة دون تمييز أتذكر عرسًا لأحد العصاميين من قامات جيل الشرف زوج ابنته وإذا بمسؤولي الدولة وعلى رأسهم عبدالعزيز عبدالغني حينها يحضرون كضيوف فوالله لم يعطهم شيئًا مما قدم لباقي الناس ولم يميزهم بصحنٍ واحد على غيرهم كنا انتقدناه حينها ونحن لا نعلم بالقيم التي حملها الرجل اعتقد بها وطبقها أنه لا فرق بين الضيوف على الموائد.. قال أحد العلماء عن التمييز "فإن في ذلك كسر للنفوس، وإثم يدخل عليه من جهتهم، فلا يفي إشباعهم بجفائهم"..

 

ويأتي ذلك تطبيقًا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "شَرُّ الطعام طعام الوليمة يدعى إليه الأغنياء ويترك الفقراء" وللتنبؤ بما قد يقع فيه الناس بعده صلى الله عليه وسلم، من مراعاة الأغنياء وتقديمهم في الولائم وتخصيصهم بالدعوة، وإيثارهم بطيب الطعام وأعذبه، وتقديم مجالسهم وإبرازها، وغير ذلك مما هو دارج فعله في الولائم والله واستغرب للعادات السيئة التي تمرر على كثير من الناس حتى المحسوبين على الصلاح وأصحاب القيم منهم والمتعلمين أصحاب الشهائد والرتب والناعقين مواعظ في كل نادٍ ومحفل..

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي