مشروع الدولة الوطنية يقام بالقضاء على مشاريع العصبية وصراعها

د. عبده مغلس
السبت ، ٠٨ فبراير ٢٠٢٥ الساعة ١٢:٠٢ صباحاً

 

 

بداية القول والمقال.

﴿أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَیِّنَةࣲ مِّن رَّبِّهِۦ كَمَن زُیِّنَ لَهُۥ سُوۤءُ عَمَلِهِۦ وَٱتَّبَعُوۤا۟ أَهۡوَاۤءَهُم﴾ [محمد ١٤]

 

تمهيد:

١-ألد اعداء الإنسان هو الإنسان نفسه، عندما يصيبه الجهل والجشع، فجهل آدم وجشعه أخرجه من جنة الاختبار، والإنسان اليمني، صانع لمأساته وحروبه بجهله وجشعه.

٢-جذور أزمات اليمن وأسباب حروب اليمنيين هي الإمامة، والعصبيات الهادفة للهيمنة على السلطة والثروة.

فالإمامة تقوم على العنصرية الهاشمية، التي ترى أن ابناء الحسن والحسين، لهم مكانة فوق المسلمين، ولهم الحق في احتكار السلطتين السياسية والدينية وامتيازاتهما، وهذا يعطيهم الحق في الهيمنة على السلطة والثروة.

وكذلك العصبيات القبلية والمذهبية والمناطقية والحزبية في الماضي والحاضر، قامت على مبدأ وهدف الهيمنة على السلطة والثروة.

والإمامة والعصبية، لا تسمحا بقيام دولة يمنية وطنية جامعة، وانقلبتا على مشروع الدولة الاتحادية، وحين تمتلك الإمامة والعصبيات مليشيات مسلحة، تعملان على اسقاط الدولة الوطنية، وإقامة دولة الإمامة، أو دولة العصببة، وتعملان على رفض مشاركة السلطة والثروة مع الأخرين.

 

التاريخ يعيد نفسه.

في حروب اليمنييين عبر التاريخ، نجد مفارقة ملحوظة، بأن صراع العصبيات دوماً يكون لصالح الإمامة، فصراع العصبيات، يضعفها جميعاً -لصالح عنصرية الإمامة- ويمكنها من الهيمنة على السلطة والثروة، كونها الأكثر تنظيماً وتماسكاً، وهذا ما يحدث اليوم، في حرب الشرعية، مع إمامة مليشيا الحوثي الإرهابية، فهذه العصبيات بمشاريعها المختلفة، أعاقت الشرعية من توحيد صفها، لمواجهة الإمامة الحوثية، ومشروع ايران التوسعي، حيث عملت هذه العصبيات على تنفيذ مشاريعها الخاصة، الحزبية، والقبلية، والمناطقية، وهذا الصراع بينها يعد معيقاً للشرعية اليمنية وخذلان لها، في معركة اليمنيين ضد الإمامة، كونه يعمل على تقويض قدرة الشرعية ودورها في الحسم والنصر، وقد يصل لحد التآمر.

 

حقيقة الحرب اليمنية.

الحرب الدائرة في اليمن، منذ إعلان الإنقلاب الإمامي بقيادة مليشيا الحوثي الارهابية على الشرعية اليمنية، واختطاف مشروع اليمن الاتحادي، والذي تم في يوم تنصيب البدر إماماً على اليمن، وفي شهر ثورة سبتمبر الذي به أُسقطت الإمامة وأُعلنت الجمهورية، هي حرب تتداخل فيها عوامل عدة أبرزها:

أولا: عوامل سياسية تهدف إلى ما يلي:

١-إنقلاب الإمامة، على شرعية الجمهورية اليمنية.

٢- إخراج اليمن من محيطه الخليجي والعربي لمحيط مشروع الهيمنة الإيرانية.

٣- تفكيك اليمن مذهبياً ومناطقياً ضمن اطار مشروع تفكيك المنطقة خدمة لمشروع رأسمالية التوحش في المنطقة.

ثانيا: عوامل دينية تهدف إلى ما يلي:

١-تمكين دين العصبية والعنصرية القائم على الفقه المغلوط، للإمامة، والهاشمية، وآل محمد، وأهل البيت، الذي لا وجود له في دين الله الحق، بأخوته الإيمانيّة والإنسانية، والمساواة بين الناس، تمهيداً لتمزيق الأمة الإسلامية.

٢-إثارة الصراع المذهبي بإعادة دور الإمامة وإدخال اليمن ضمن مخطط اشعال الشرق الأوسط، بحروب الشيعة والسنة، والتي بدات ببروز ظاهرة التطرف والإرهاب في المعسكر السني، وتطرف وإرهاب إمامة ولاية الفقيه في المعسكر الشيعي.

ثالثا: عوامل اقتصادية.

اليمن في جغرافيته السياسية، وموقعه ومساحته البحرية، التي تعادل مساحة اليابسة، وتمتد لحوالي 500,500 كم مربع، يعتبر اشبه ببارجة حربية على اليابسة، ويلعب دوراً هاماً في الإقتصاد البحري، سواء من خلال الثروات التي تحويها هذه المساحة الكبيرة، او بتحكمه في طرق الملاحة البحرية، وأثار أزمة البحر الأحمر التي أشعلتها مليشيا الحوثي الإرهابية، بزعم دعم غزة، تؤكد هذه الأهمية الاقتصادية.

 

المخرج لهذه الحرب.

مثلت الشرعية اليمنية وتحالف دعمها بقيادة المملكة والإمارات، الطريق الأمثل لمواجهة الإمامة، والمشروع الإيراني في اليمن، وأداته الحوثية الإرهابية، وما أعاق مسألة الحسم والنصر، هو صراع العصبيات بين بعض مكونات الشرعية اليمنية، وامتداداتها الإقليمية، هذا الصراع منع سرعة الحسم والنصر للشرعية وتحالف دعمها، كما برز عامل جديد قديم في هذا المنع، هو هيمنة ثقافة الفيد والغنيمة والفساد التي أسست لتجارة الحرب، والتي لعبت دوراً إضافياً في تأجيل الحسم والنصر.

اليوم تأتي فرصة تاريخيّة للشرعية والتحالف، بالتصنيف الدولي لمليشيا الحوثي بالإرهاب، مما يمهد الطريق للحسم والنصر أمام الشرعية وتحالف دعمها.

 

طريق الحسم والنصر.

ليس أمام الشرعية من خيار، غير طريق الحسم والنصر فهو الخيار الوحيد، للتوجه لصنعاء، وبناء الدولة اليمنية بمشروعها الاتحادي، دولة الوطن الواحد، والمواطنة الواحدة المتساوية، والتوزيع العادل للسلطة والثروة، واعادة اليمن لمحيطها الخليجي والعربي، وهذا الطريق يقوم على ثلاثة مرتكزات:

الأول: إيقاف صراع مشاريع العصبيات بين مكونات الشرعية، وتغليب مشروع الدولة على مشاريع العصبيات، وهذه مسؤولية مجلس القيادة الرئاسي بكل اعضائه والحكومة، وقبل ذلك مسؤوليات مكونات الشرعية، التي ينتمي لها اعضاء مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، فهذه المكونات تتحمل مسؤوليتها التاريخية، بقياداتها وأعضائها المشاركين في الشرعية، الذين رشحتهم، ودفعت بهم ليكونوا في مراكز القرار في كل مناصب الدولة، فهل توقف قيادات هذه المكونات، صراع مشاريع عصبياتها، وارتباطاتها الإقليمية، أم ستمنع الحسم والنصر على مشروع الإمامة بصراعاتها المستمرة، وفقدانها لميزة تصنيف مليشيا الإمامة من المجتمع الدولي بالإرهاب.

الثاني: تفعيل مؤسسات المحاسبة لمحاربة الفساد، ومحاسبة الفاسدين وتقديمهم للعدالة، ومحاسبة تجارة الحرب والعملة، حماية للاقتصاد ورفع المعانات عن الناس.

الثالث: تمتين عرى التحالف، بين الشرعية وتحالف دعمها، بقيادة دولتي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

 

خلاصة الخلاصة.

١-لا طريق لمشروع الدولة، دون الخلاص من مشاريع العصبيات. 

٢-ليدرك الجميع أن صراع مشاريع العصبيات والمصالح، هو المعيق الوحيد لاستعادة الدولة وإسقاط المشروع الإيراني في اليمن، ورفع المعاناة عن المواطنين.

٣-خذلان الشرعية هو تآمر على اليمن وشعبه ومشروع نهضته وكرامته.

 

ختام القول والمقال.

إذا التعصب نادى القوم فاجتمعوا يوما وأيقظ فيهم نائم الفتن

أفنوا خيارهم قتلا وتهلكة 

وصيروا الجهل فوق الدين والوطن

الشاعر نقولا رزق الله.

جمعتكم وعي بخطورة صراع العصبية، ودوره في منع استعادة الدولة، وتحقيق الاستقرار ورفع المعانات عن الناس.

د عبده سعيد المغلس

٧-٢- ٢٠٢٥

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي