جنون سياسي على سياسات حمقاء

أحمد الشامي
الاثنين ، ٠٢ يناير ٢٠٢٣ الساعة ٠٥:٥٥ مساءً

 

عندما سئل الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو ماهو الوطن ، أجاب الوطن هو المكان الذي لا يبلغ فيه مواطن من الثراء ما يجعله قادراً على شراء مواطن آخر ، ولا يبلغ فيه مواطن الفقر ما يجعله مضطراً أن يبيع نفسه أو كرامته ، الوطن هو رغيف الخبز والسقف والشعور بالانتماء والاحساس بالكرامة ، ليس الوطن أرضا فقط ولكنه الأرض والحق معآ .

انطلاقا من ما قيل يبدوا أن اليمنيين لا يعيشون في دولة تحمل خصائص الوطن والكرامة والأمان ، فيما تحكمهم نخبة سياسية فاشلة هم سبب اللازمات المالية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، الاكبر بتاريخ الجمهورية اليمنية بل بتاريخ العالم ، حيث لم يذكر في أي دولة ، تغير كامل لكل أركان الدولة كما حصل في اليمن ، علما أن أزمته لا تزال في منحنى الهبوط المتدرج تارة والمتسارع تارة أخرى ، حيث أنه لايوجد هناك أي نية صادقة لإصلاح الوضع السياسي والاقتصادي ، فيبدو المشهد لاي باحث عاقل أن ما يجري هو تدمير ممنهج لبنية الدولة ، وان ثمه من يريد إعادة هيكلة الدولة لصالح دول استعمار .

فما بين التغافي والتعافي أكثر من نقطة لتدمير الوطن ، وإجماع سياسي على عدم انتشال المجتمع التعيس من فقرة وبؤسه ، وعدم تحريره من القوى الرجعية المتمثلة بجماعة الحوثي أو كما يطلق عليهم " حركة أنصار الله " ، آن الأوان أن تضع السلطة السياسية نفسها أمام معيار النجاح والفشل ومحاسبتها على هذا الأساس ، فكل الأحزاب والقوى السياسية مصالحها لن تشبع جائعا أو تشفي مريضاً .

الواقع السياسي العام محاط بأسوار من المجاملة والأكاذيب والمنظومات الإنشائية لدى من يمسكون بالنظام وإختراق  هذه الأسوار ليس عملية سهلة ، خصوصاً إذا كان من يريد الإختراق يحرص على ألا يلحق به رذاذ هذه الجماعة الفاسدة باعتبار أنها تسئ إلى مناقشة عميقة وصريحة لهذا الواقع المازوم.

الخلل في العلاقات السياسية والاجتماعية في إطار الشرعية والخلل والعجز في رجالات السياسة عندنا دون شك وراء نجاح الغريب والوكيل في إدامة المصائب ، بل يحولان دون بناء السد اليمني الداخلي في وجه هذه التدخلات ، كما أن الإحتكام إلى الغوغائية ولغة السلاح فيما بيننا لحل أي صراع داخلي من جهة وتحويل المناطق التي تسيطر عليها الشرعية إلى ساحة لتصفية الحسابات سواء كانت عربية أو إقليمية أو دولية من جهة أخرى شكلا دون شك التربة الخصبة لنجاح مؤامرة الانصياع وفي إدامة هذه الفوضى وتسيع نطاق أضرارها على جميع المستويات.

إن التاريخ الحالي ملئ بالامثلة والشواهد التي تظهر كيف يعمل الغريب بغض النظر عن تسليح وتغذية مجموعات معينة بهدف تشجيع السيطرة واستمرارها وتدمير كل الأطراف المحلية على حد سواء ، كما أنه يتدخل بسرعة في حال احس أن الطرف المدعوم من قبله عاجز عن القيام بمهمة معينة علما أنه يطبق على كل إدارات الدولة بموجب مخطط مدروس بالكامل ، وينفذ على أكمل وجه ، والهدف استمرار السيطرة وبالتالي تفتيت ما تبقى من الدولة .

أمام هذا الواقع الأليم لابد من أن يتساءل اي مواطن شريف مخلص لبلده ، حريص على الدقة التاريخية والأمانة ، عن مدى التشويه الذي أصاب التفكير السياسي وعن فداحة الخسارة التي تواجه اليمنيين المؤمنين ببلدهم ، بلد مميزا ديمقراطياً .

نحن نعيش اليوم أمام نخبة سياسية متخندقة بالفساد المالي والإداري ، همهم الوحيد جمع الأرصدة وشراء العقارات وتعين أبنائهم في مناصب رفيعة في الدولة  ، ما يشاهده المواطن هو الموت فقط ، ماتت كرامة المواطن بعد أن تعود الاصطفاف في طوابير الذل ،ماتت العملة وتحت إنقاذها ماتت المدخرات وأصبح الجوع هو الباقي ، ماتت الرواتب فهوا يتبخر قبل أن يجف عرق الموظف والعاملين والكادحين ، ماتت المشافي وفر الأطباء وفرغت صيدلياته ، وأصبح الموت هو الدواء الشافي من كل أمراض هذا العهد المتخصصة في إنجازات الكوارث ، ماتت الجامعات والمدارس وأصبح الشارع هو المدرسة الوحيدة المتاحة للأبناء والأحفاد ، ماتت الكهرباء من زمن بعيد ، والمضحك قليلا والمبكي كثيراً ، إن كل النخب السياسية يختم كلامه بأكبر الأكاذيب كذباً: عشتم وعاش الوطن 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي