العلاقة الأزلية بين اليهود والفرس

توفيق السامعي
الاربعاء ، ٢٤ يناير ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٥٦ مساءً

كلما قرأت الحديثين التاليين أقف كثيراً عندهما؛ ما سر الربط بين يهود أصفهان الإيرانيين الفرس وبين الدجال، مع أن إيران دولة (مسلمة)، ويثير ذلك حيرتي وتعجبي، وخاصة أن الدجال سيخرج من إيران!

لنقم بالسرد التاريخي للعلاقة بين اليهود والفرس ومعرفة سر هذا الربط والتشابك بين الصفيونية والصهيونية على السواء..

الحديث .. عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة". 

وعَن أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ الله عَنه- قال: حَدَّثنا رَسولُ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "الدَّجَّالُ يَخرُجُ من أرضٍ بالمَشرِقِ يُقالُ لَها: خُراسانُ".

أقف عند هذين الحديثين بشكل دائم متفكراً ومتدبراً عن ماهية الرابط بين اليهود وبين أرض فارس، بين اليهود والفرس فنجد عجباً.. تعالوا بنا نغوص في هذه الأفكار نستنبط الربط والمفاهيم والأحداث بينهما تاريخياً وسياسياً.

فأصفهان وخراسان من أهم مناطق ومدن الفرس وإيران، ولطالما كانتا معقلاً ومنطلقاً لكل التمردات والحروب والمؤامرات التي تحاك فيهما على الإسلام والمسلمين.

تذكر لنا الأحداث التاريخية التي دارت في المنطقة العربية قديماً بين الدول والحضارات المختلفة أن ثمة علاقة وطيدة كانت بين اليهود والفرس، بدأ تجذرها في العام 538 ق.م حينما خلص الملك الفارسي قورش الأخميني اليهود من الأسر البابلي حينما غزا ملك بابل نبوخذ نصر مملكة يهوذا جنوب القدس عام 586 ق.م ودمرها بعد أن هزم آخر ملوك اليهود صدقيا بن يوشيا في ذلك العام، ونقل من بقي فيها من اليهود أسرى إلى بابل بمن فيهم الملك صدقيا نفسه. 

ففي العام 538 ق.م استطاع قورش الأخميني هزيمة مملكة بابل وأعاد اليهود مرة أخرى إلى القدس، ولذلك اليهود يعظمون قورش الفارسي الأخميني ويعتبرونه منهم وملهماً لهم حتى أنهم رفعوه في نفوسهم وأدبياتهم إلى مقام الأنبياء وهم أول من قالوا بأنه ذو القرنين.

خلال تلك الفترة أنشأ اليهود التشيع اليهودي في صفوفهم للغة العبرية والدين، بعد أن كانت الآرامية قد طغت على العبرية وأزاحتها من الطريق، وصار حتى اليهود يتحدثون الآرامية ونسوا العبرية الأم. بعد ذلك صارت الشيعة اليهود تفرز اليهود على أساس عرقي، ويفرقون بين ما هو يهودي وما هو إسرائيلي، على اعتبار أن الإسرائيليين أنقى عرقاً ودماً وسلالة من عامة اليهود الذين تهودوا ديانةً فقط وليس نسباً وعرقا. 

من هنا ظهرت فكرة التشيع لأول مرة في العالم على عهد الملك قورش الأخميني سنة 516 ق.م، وانتقلت فكرة التشيع إلى العرق الفارسي التي أخذت تتصاعد في فارس وتتجذر فترة بعد أخرى، وتعصباً للعرق الآري، ثم اتخذت من العقيد الزراديشتية عقيدة دينية فكرية تتمحور حولها الدولة، ودعمتها الدولة الأخمينية بقوة إلا أنه بدأت عقيدة وعبادة النار تتسرب إليها لتصير هذه الأخيرة هي الطاغية في الحكم الساساني.

بلغت فكرة التشيع ذروتها عند اليهود في عهد ما يسمونه "المكابيم" في القرن الثالث قبل الميلاد، وظهر الشيعة اليهود الذين يطلق عليهم تسمية "الفروشيم"، وهم الذين أطلقوا لفظ (حبر) على كل متعلم من اليهود.

بعد ذلك ظهر الاعتزاز الفارسي بعرقيتهم الآرية، التي سيتلهمها هتلر بعد ألفي عام، وصاروا مقلدين لليهود في هذا الأمر، ثم العرق الساساني وإن كان هذا الأخير يصب في بوتقة الآرية.

من هنا تلاقحت أفكار الطرفين اليهودي والفارسي، وصار كل طرفٍ يدعم الآخر ويناصره ويواليه، ومن ذلك مثلاً أن اليهود في منطقة الجليل بفلسطين أمدّوا ‏الفرس بـ20 ألف جندي، وقيل 26 ألف جندي، ومهدوا لانتصار الفرس على الروم ودخولهم القدس واحتلالها بقوة السلاح عام 614م، ‏ونجح كسرى الثاني أنوشروان في احتلالها في الفترة من 614 إلى 628م، ومنحها لليهود مرة أخرى إلا أن اليهود عاثوا فيها فساداً وقتلوا 50 ألفاً من المسيحيين العرب والرومان هناك انتقاماً من الرومان لإجلائهم منها وقتلهم في الفترة الماضية؛ لأنهم كانوا ممنوعين من دخول المدينة من قبل الروم طيلة 700 عام تقريباً، وذلك على يد قائد جيش الرومان بومبيجي عام 63 ق.م، حتى ضج العرب المناذرة لدى كسرى نصرة لإخوانهم العرب المضطهدين، ثم استعادها الرومان مرة أخرى عام 628م وظلت بأيديهم حتى الفتح الإسلامي عام 633م، وتسلمها عمر بن الخطاب في ذلك العام، وقام بعمل العهدة العمرية للمسيحيين. 

كان القرآن الكريم قد صور هذه الأحداث في سورة الروم بقوله تعالى: ﴿ألم غُلِبَتِ‎ ‎الرُّومُ ﴿2﴾ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ‏‎ ‎‏﴿3﴾ فِي ‏بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ‎ ‎وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله﴾‎. سورة الروم، الآيات من 1-3، رغم أن للمعنى في الآيات حدثين أو إيحاءين مهمين في أن فرح المؤمنين يومها كان بانتصارهم في غزوة بدر في السنة الثانية للهجرة التي تزامنت مع انتصار الروم على الفرس. ‏

بعد إنهاء المسلمين للامبراطورية الفارسية سنة 633م حاك الفرس المكائد ضد الإسلام والمسلمين، ودعم الفرس حركة المنافقين العرب من اليهودية الباطنية بقيادة اليهودي عبدالله بن سبأ الصنعاني، والذي لم يكن شخصاً لوحده كما أظهرته بعض المصادر التاريخية، بل كان زعيماً لتنظيم سري فارسي يهودي استطاع ذلك التنظيم إحداث شرخ كبير في الإسلام وبين المسلمين عبر خلق الشيعة وشق صف المسلمين وأول من قال بالوصية لعلي بن أبي طالب، ولذلك نجد رواية من الروايات أن عليا بن أبي طالب لم يقتله بل نفاه إلى المدائن الفارسية التي كانت قد دخلت تحت الحكم الإسلامي ولكنها كانت معقل الباطنية الفارسية اليهودية تحاك منها المؤامرات ضد الخلافة الإسلامية والمسلمين.

ظل ذلك التنظيم السري، فيما بعد، وتطورت هذه الحركة الباطنية إلى ما صار يعرف بالشعوبية الفارسية داخل السكان المسلمين والشعوب الإسلامية، وصارت تنخر الصف الإسلامي وتغذي الانقسام عبر طرق شتى منها الحركات الفكرية التي تسللت إلى مجال الحديث والفقه واللغة والأدب والشعر وغيرها، ومنها ما تسلل عبر السياسة والولايات وكذلك الجيوش والأعمال المسلحة والتمردات التي كانت تقام تحت ظلال التشيع والمظلومية.

فعلى إثر تلك الأعمال والتغذيات الفكرية والانقسام إلى سنة وشيعة، وباطنية وفرق شتى، ظهرت فرق الاغتيالات الخطيرة من أرض فارس وتحديداً أصفهان في قلعة "ألموت" كفرقة الحشاشين الشهيرة التي أرعبت كل الدول والحكومات الإسلامية في عهدها؛ كونها كانت عبارة عن أول تنظيم دقيق وسري ومرعب، وكانت من أهم عوامل سقوط دولة السلاجقة، ولم يستطع القضاء عليها إلا صلاح الدين الأيوبي، ولو لم يقض عليها وعلى الفاطمية في مصر لما استطاع تحرير القدس؛ فقد كان هذان الطرفان يناصران الصليبيين ويتآمران معهما ضد الدول الإسلامية الحاكمة حينها.

لكن من أهم مظاهر تلك الشعوبية والعصبية الفارسية هي التحريش بين الأعراق الإسلامية في دولة الخلافة وعلى رأسها استغلال الخلاف بين الأخوين الأمين والمأمون وإشعال الحرب بينهما أدت إلى مقتل الأمين وانتصار المأمون لنصرته من قبل الفرس.

اعتبر كثير من المؤرخين أن تلك الحرب في الأساس كانت حرباً بين الفرس والعرب؛ إذ رمى الفرس بكل ثقلهم وقوتهم خلف المأمون، وتوالت الانشقاقات الفارسية ومحاربتهم الخلافة والمسلمين وخاصة العرب في أكثر من زمن حتى استقلوا ببعض الدول، ومنها الدولة الطاهرية، والدولة الصفارية، والدولة السامانية، والدولة البويهية وهي أخطر تلك الدول على الإطلاق التي كادت أن تقضي على الخلافة الإسلامية لولا تدخل السلاجقة الأتراك لدعم الخلافة والقضاء على الدولة البويهية. 

ومع تأسيس الدولة الصفوية، وخاصة الدولة الصفوية الثانية التي أسسها وقوى دعائمها الشاه عباس الصفوي؛ حفيد مؤسس الدولة الصفوية الشاه الصفوي إسماعيل، فتح الباب والمجال على مصراعيه للتبشير اليهودي والمسيحي على السواء، وأقام تحالفاً معهم ضد الأتراك السنة، وكان يبالغ أيما مبالغة في احترام وتبجيل المبشرين المسيحيين واليهود الذين استولوا على حركة التجارة في فارس إيران وخاصة طريق الحرير، وكان يبني لهم الكُنس والكنائس بنفسه، في الوقت الذي كان يدمر مساجد السنة، ويذبح العرب والسنة والشعوب الأخرى ويقيم أهرامات من جماجمهم لتأسيس المذهب الجعفري الاثني عشري، وكان اليهود والمسيحيون البريطانيون والروس مستشارين له مناصرين لتحركاته. 

لم يأتِ العصر الحديث في عهد الخميني وحربه ضد العراق في ثمانينيات القرن الماضي إلا واتخذ من إسرائيل حليفةً له ودولته، كانت تزوده بالسلاح لضرب العراق، وتحالفهما مع بعضهما لضرب المفاعل النووي العراقي، وكوّن معهم صداقات متينة أثرها باقٍ إلى قيام الساعة..

كان عدد اليهود الإيرانيين قبل انقلاب الخميني بين 80 ألفاً ومئة ألف يهودي، رحل منهم من رحل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة وإلى أمريكا، وبقي بعضهم في إيران. 

في انتخابات إيران الرئاسية، في عهد أحمدي نجاد، نجد من المراجع الشيعية الإيرانية، وهو مهدي خزعلي يصرح أن الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد جذروه يهودية و‏‏ينتمي إلى من وصفهم "حلقة المال والقوة والمراوغة"; في إشارة منه إلى اليهود، وأنه غيّر اسم "أسرته اليهودية" في شهادة الجنسية، مؤكداً أن هذا التغيير مسجل في الشهادة نفسها.

إذاً، فمن غير المستبعد أبداً أن يكون كثير من اليهود مستترين هناك تحت مظلات فرق شتى، خاصة أن جذورهم لم تنفد مطلقاً، ومنهم سيكون اليهود الذين يتبعون الدجال حال خروجه.

يبدو أن هناك يهوداً يعملون تحت الطاولة في إيران، لذلك تبقى جذورهم مشتعلة، وتنعكس في هذه التغذيات الشعوبية والتحريض عبر الإعلام والسياسة على الإسلام والمسلمين والطعن فيه، يتضح ذلك جلياً من خلال الكم الهائل من القنوات الشيعية التي لا تفتأ ليل نهار تطعن في الإسلام وتشوهه وتحرض عليه، وتنشر الخزعبلات والخرافات التي تجافي العقل والمنطق والقوانين والفطرة، وهي نفس الأفكار والآليات اليهودية التي تطعن في الإسلام، وتبث هذه القنوات من إسرائيل عبر أقمارها الصناعية. 

فقد كشفت المخابرات الروسية وكذلك وسائل الإعلام، معززة بمعطيات إسرائيلية، أن 6 قنوات إيرانية وأخرى موالية لها تبث الطائفية من على أقمار صناعية إسرائيلية باللغة العربية، وهذه القنوات الإيرانية الطائفية مثل آل البيت والأنوار والعالمية والغدير وغيرها من القمر عاموس، وفق الكشف الذي قدمته وسائل الإعلام الروسية مؤخراً.

وأثناء رئاسة روحاني أقام لليهود نصباً تذكارياً في إيران تخليداً لما أسماه شهداء ثورة الخميني (الإسلامية).

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي