الحوثي واستجلاب العالم لمياهنا الإقليمية

موسى المقطري
الثلاثاء ، ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٣ الساعة ١١:٣٢ صباحاً

 

يمكننا القول أن العمليات الفوضوية للقرصنة البحرية وتهديد الملاحة الدولية والتي أحدثتها جماعة الحوثي الإرهابية تصنع مُناخاً ملائماً لاستجلاب المزيد من القوى الدولية إلى البحر الأحمر وباب المندب ، وتقدم لهذه القوى مبررات لممارسة هوايتها الاستعمارية القديمة الجديدة ، وهذه أول النتائج البارزة للنشاط الحوثي الذي يحاول الظهور كمناصر للقضية الفلسطينية بينما كل المؤشرات تقول أن من يشابه الصهاينة ويقتل ويشرد ويحاصر يستحيل عليه أن يكون نصيراً للمظلومين في فلسطين .

لاستجلاب المزيد من القوات والعتاد إلى المنطقة آثاراً سلبية ونتائج كارثية على الوضع في المنطقة فمن ناحية عسكرية يشكل هذا التواجد خطراً على الدول المشاطئة للبحر الأحمر ، وذلك فيما لو نشبت صراعات عسكرية أو حروب فإن المنطقة ستكون جزء من هذه الصراعات نتيجة وجود قوات وعتاد وترسانات في البحر الأحمر ، وهذه القوات والترسانات ستشارك إلى جانب قوات بلدانها بالتأكيد ، وبالتالي ستشكل مواقع استهداف للأطراف المناوئة وهذا كله لن تسلم من ناره دول المنطقة ، وقد تنجر مضطرة إلى المشاركة في هذه الحروب نتيجة ضغط عسكري من القوات التي تتواجد وتتحكم في مياهها الاقليمية .

سياسياً فإن استجلاب المزيد من القوات يتناسب عكسياً مع السيادة الوطنية لدى دول المنطقة ، وهذا لايعني أن لدينا دولا تتمتع بالسيادة الكاملة حالياً لكن ما تبقى من معالم هذه السيادة يمكن أن يتلاشى بفعل هذا التواجد ، فمن يتحكم بالبحر يضع في أولوياته السيطرة على البر لتأمين تواجده من جهة ، ومن جهة أخرى نهب الثروات وتحويلها كمصادر تمويل لقواته ، وهذا كله يقتضي السير في تشكيل الأنظمة السياسية في المنطقة وفق رغبة وصناعة هذه القوى التي تتواجد تحت ذريعة "تأمين ممرات الملاحة الدولية" وسيتم زراعة كيانات وأنظمة محلية شكلية بصبغة استعمارية .

من ناحية اقتصادية فإن استجلاب ونشر قوات جديدة يمثل كارثة اقتصادية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، وأقصد بذلك أن دول المنطقة ستجبر على دفع فواتير ضخمة تحت مبرر الحماية وبصور واشكال متعددة كالتزويد بالنفط بشكل مجاني او شراءه باسعار زهيدة ، وتوقيع اتفاقيات مجحفة سواء تحت لافتة التعاون الاقتصادي أو العقود والصفقات التجارية المختلفة ، وهذا كله سيزيد من الأعباء الاقتصادية التي تتحملها المنطقة كدول وكشعوب ويؤسس لحالة أكبر من الارتهان والاعتماد على اقتصادات خارجية والدخول تحت رحمة القروض والمساعدات الدولية المشروطة .

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هل يدرك الحوثي ومن يقف خلفه انهم يقدمون لقوى الهيمنة والسيطرة الدولية خدمات مجانية ومبررات جاهزة فيما يتبجحون زوراً وبهتاناً أنهم يقاومونها؟ وهل يمكننا الجزم أنها حالة تخادم أصيلة بين الطرفين يحصل فيها الحوثيون على صمت دولي عن جرائمهم وانتهاكاتهم بحق اليمن واليمنيين ، فيما يحصل الاستعماريون على مبررات لتحقيق أطماعهم في المنطقة؟ أما التساؤل الأهم فهو هل تعد سفينة "جالاكسي ليدر" جائزة أولى تلقاها الحوثيون من حلفائهم الدوليين مقابل نشاطهم الفوضوي في البحر الاحمر والذي تستثمره وتوجههه قوى الهيمنة الدولية ذات النزعة الاستعمارية .

المؤكد ان أذى هذه الجماعة الانقلابية يتجدد ويظهر كل يوم بأساليب وطرق مختلفة كلها تهدف إلى تدمير اليمن والمنطقة وإعاقة أي تحولات سياسية أو اقتصادية أو تنموية يمكن أن تخدمها حالة الاستقرار الذي يعد الحوثيون غرمائها الفعليين .

دمتم سالمين ..

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي