الخميس ، ٠٢ ديسمبر ٢٠٢١ الساعة ٠١:٥١ صباحاً

من وجهة نظري.. أعتبر إن اللقاح هو المنقذ الرئيس للبشرية.. عبر تاريخ البشرية ومنذ مئات بل آلاف السنين كانت البشرية فريسة سهلة للأمراض الوبائية.. وكان الموت المبكر مرافق دائم لكل أسرة.. لقد حصدت هذه الأمراض أنفس الملايين من البشر وهم لا يملكون في جعبتهم سوى الإستسلام أو بعض الأعشاب كعشبة الخشخاش مثلا.. إن مرض كالجذري مثلا قد قضى على حوالى ثلاثمئة مليون إنسان غير الذين شوههم.. وماذا عن الطاعون الذي كان يبيد بلدان بالكامل.. وحتى أمراض كالحصبة والأنفلونزا وشلل الأطفال.. كم فتكت وكم أعاقت من أجيال.. حسنا كل هذه الكوابيس والأهوال قد تم التغلب عليها بفضل اللقاح .

إن منتصف القرن العشرين قد شهد طفرة غير مسبوقة في العلوم.. في التكنولوجيا والمعمار وغيره.. وعلى رأسها الطفرة الطبية المتمثلة باللقاح.. كما قلت إن اللقاح يمثل لي المنقذ الرئيس للبشرية واهم عوامل سعادتها.. فلا يخفى على أحد إن نعمة الصحة هي اهم عوامل السعادة.. إننا وإذ نمثل جيل نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين لا نستشعر بقيمة خلو حياتنا من تلكم الأوبئة الغابرة.. ولو أنصفنا لعلمنا أن جميع العلاجات والبروتوكولات الطبية والعمليات في العالم لو وضعت في كفة.. ووضع اللقاح في كفة أخرى.. لرجحت كفة اللقاح بفارق كبير جدا .

في مشهد جميل من المسلسل الطبي الشهير ER يذهب طبيبان إلى أفريقيا للمشاركة في إحدى حملات اللقاح.. يتذمر أحدهم وهو يتذكر مناوباته في قسم الطوارئ الراقي في نيويورك ويحدث صديقه قائلا :( كنا نقوم هناك بعمليات إنقاذ كبرى.. من جراحات قلب وأعصاب وغيرها.. فماذا نفعل هنا ؟ )..  قال له صديقه الأكثر الحكمة :( كم كنت تنقذ حياة في مناوبتك الواحدة ؟) رد عليه ببساطة :( واحدة.. إثنتين على الأكثر ).. ربت عليه صديقه مبتسما قائلا :( لقد قمت اليوم بإعطاء اللقاح لخمسمئة طفل.. أي أنك أنقذت خمسمئة حياة حرفيا ).. مشهد مثل هذا يوضح بإختصار مدى أهمية اللقاح..واللقاح يا سادة ليس عملية جراحية ترى نتيجتها بعد ساعة أو إثنتين.. بل هو نوع من العمليات المناعية المعقدة تأتي ثمارها مع الزمن وعلى شريحة كبيرة من المجتمع.. فمن الظلم أن تقيم اللقاح كل شهر بشهره كما يقولون.. أو تحكم بناء على تجربتك الشخصية في التعامل مع بيئتك الصغيرة والمحدودة.. كما أن أخذ اللقاح - كلقاح كورونا مثلا - ليس حصانة فورية لك من المرض.. وأيضا عدم أخذه ليس حكم بالإعدام الفوري عليك.. كلا لا تُأخذ الأمور هكذا.. إنما هو بروتوكول يظهر أثره على مدى سنوات.. فلقاح الكورونا مثلا لم يكمل السنة بعد وها نحن نتقاذف الإتهامات حوله.. هذا غير منطقي.. ندعو الله أن نرى فائدته القصوى على أطفالنا عبر السنين.. فجيل يسلم جيل كما يقولون .

أخي.. إنك إذا أردت أن تحصل على شهادة علمية أو تطور مهاراتك العلمية فأنت تلجأ حتما للمراجع والبروتوكولات والأدوات الأميركية أو الأوروبية.. هذا منطقي.. فهم سادة العلم في الوقت الراهن.. فمن غير المنطقي أخي أن تجادل ضد اللقاح مستعملا مقاطع فيديو من رئيس برازيلي أو وزير أفريقي أو من أشخاص لا علاقة لهم بالبحوث العلمية البحتة.. يجب أن نتحلى ببعض الحكمة والصبر.. ونضع ثقتنا في العلماء.. ألم يمتدحهم الله سبحانه وتعالى في كتابه ؟.. ألم يقل عنهم نبينا الكريم أنهم ورثة الأنبياء ؟ أليسوا هم المصباح الذي يضيء حياتنا ؟.. نعم نعم أتفق أن هناك نوعا من المصالح توجه الشركات الجبارة للأدوية .. هذا موجود منذ القدم وسيظل.. ولكن هناك حدود.. لا تدع نظرية المؤامرة تسيطر على كل أحكامك.. فهم قد يكونوا تجارا ولكنهم ليسوا حمقى كي يفسدوا حياتهم بأنفسهم .

أخيرا إن رحمة ربي وسعت كل شيء.. إنك وإن لم تأخذ أي لقاح في حياتك لا أنت ولا أسرتك.. وما زلتم بصحة وعافية والحمدلله فهذا لا يعني أنك أنتهجت الطريق الصحيح.. فنبينا الكريم قال أيضا ( إعقلها وتوكل ).. وكم أشياء ما زال يجهلها العلماء.. ولكن يجب عليك أخي العزيز أن تكون قدوة.. وتسير على خطى العلماء.. وفي الطريق الذي سلكه الحكماء قبلك.. وأن تساهم ولو بالقليل من إنقاذ.. البشرية .

1- 12 - 2021 مـ

عدن

الحجر الصحفي في زمن الحوثي