دلفين إيران..وابتلاع العروبة

د. محمد شداد
الأحد ، ٠٩ فبراير ٢٠٢٥ الساعة ٠٦:٣٦ مساءً

 

لا ندري في أي عالمٍ من عوالم التيه تعيشه الدول العربية التي تحيط بها إيران، وهي تعيش على مقرُبةٍ منها، ولم تدرك ما يضمره قادة الامبراطورية الفارسية من نوايا التوسع وإستعادة امبراطوريتهم التي امتد نفوذها في أزمنة ما قبل الإسلام من أعالي الشام شمالاً إلى جبال جنوب الجزيرة العربية جنوبًا، فكرةٌ أحيتها عمائم الولاية السوداء في العام 1979م عقب ثورتهم الخمينية الحاقدة..

 

الوحيد الذي كان يدرك استراتيجة إيران التوسعية من خلال تصدير الثورة ويجاهر بها علنًا هو الرئيس صدام حسين رحمه الله، نبه العرب منها وظل يحذر إلى ما قبل صعوده منصة الإعدام..أما الآخرين وإن علموا يبدو أن لهم رهانات واهمة لاتقاء ذلك الشر..

بعض الجوار الفردي والدولي يعدُ ابتلاءً ومصيبة يصاب الفرد أو الدولة على الدوام بشره وأذاه، يبقى غصة تاريخية ومصدر للترقب والقلق وثقبًا أسود... لصراع أوهام التوسع التاريخية والجغرافية، وشبق استغلال للثروات والتحكم بالمضايق والبحار..

 

تأرجحت البشرية بين قوى الإمبراطوريات التي كانت تسعى في العادة إلى تعزيز مقومات بقائها وانتشار نفوذها، من خلال السطو على مقدرات الشعوب وانتهاب ثرواتها، بعيدًا عن نظرية إلحاق الشعوب كليِّةً بها.. عدا جارة العرب إيران التي تسعى من خلال طمس هويات الشعوب العربية وتحويلها من أمة ذات إرث حضاري إلى شعوب مائعة تعمل ذيولاً لها، تنصهر في ذاتها وهويتها ذلك طموح العصابة الفارسية التي ما انفكت تحلم باستعادة الامبراطورية سالفة الذكر، جسد ذلك جنونها الجارف لابتلاع سوريا أرضًا وإنسان وإلحاقها بها لتصبح بالمجمل جزء منها وليست حتى كمستعمرة اعتيادية لبسط نفوذها وتمرير مصالحها.. ..

  أشار إلى ذلك الدكتور برهان غليون أستاذ علم الاجتماع السياسي المعاصر في جامعة السوربون والرئيس السابق للمجلس الوطني السوري أثناء قيام الثورة، في قصة مفادها أن إيران طلبت عبر وسيط لها اللقاء معهم سأل الدكتور برهان ما هو مطلب إيران حتى نعد أنفسنا، قال الوسيط بعد عودته تريد سوريا!! صُعق الرجل، أضاف وسيط الملالي أن سوريا امتداد للامبراطوريات البيزنطية الفارسية الرومانية وأنه ليس لها علاقة بعرب الجزيرة الذين أُلحقت بهم..

 عارضًا دعم إيران المضاعف لما ستمنحه دول الخليج للمعارضة وقال بالنص "إذا دفع العرب اثنين مليار سندفع أربعه وإذا دفعوا عشرة سندفع عشرين.. سأل الوسيط عن الرد قال غليون بالحرف أعلمهم أن " سوريا ليست للبيع ولن يتخلى السوريون عن هويتهم العربية تحت أي ضرف أيًا كانت شدته وقسوته..

 

 ومن خلال تلك المقابلة والعرض يتبين للباحث المهتم بالشأن القومي العربي مدى إيغال إيران بقوةٍ غاشمة وبطريقةٍ فاشية في الشأن السوري عندما أحست بتهاوي النظام، وحشدت مليشيات ومجرمي الأرض لاحقًا لقتل الشعب السوري وتعمُد تجريفه ديموجرافيًا دينيًا ومذاهبيا لتحقيق أهدافها التكتيكية والاستراتيجة في السيطرة على الشرق الأوسط وما كانت تعد سوريا إلا منصة للانطلاق ومعبرًا ستعبر من خلاله إلى باقي الدول..

 

 وما تصريحات الهالك حسن نصر الله علنًا بولائة الكامل لايران لا تدع مجالاً للشك في ذلك النهج وما كان يجري من تعطيل وفوضى في لبنان عن طريقه إلا مسعى خفي لضمها إلى سوريا بعد ابتلاعها من قِبل إيران ..

 

ذكر الدكتور عبدالله النفيس حادثة بنفس السياق حيث قال يبنما كنت في زيارة لإيران كممثلاً لمجلس الأمة الكويتي التقينا بحسن روحاني قبل أن يصبح رئيسًا، قال روحاني للنفيسي كل الدول المشاطئة للخليج الفارسي تابعة لإيران وستعود يوماً الفروع إلى الأصل باستغرب شديد سأله الدكتور أتعني أن أبلغ مجلس الأمة الكويتي بذلك قال أبلغ أميرك..انتهى الاقتباس..

 

وما يجري من تخزين للأسلحة الإيرانية في جبال الهضبة المحيطة بصنعاء والممتدة حتى جبال مرَّان في صعدة وباشرف مباشر من ملالي طهران إلا دلالة واضحة على استعدادات حثيثة لابتلاع اليمن وجعلها قاعدة عسكرية متقدمة لابتلاع الجزيرة العربية كلها من جهة الجنوب.. فهلا أدرك العرب الخطورة واستوعبوا الدرس واستعدوا للمواجهة قبل فوات الأوان؟؟

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي