الإرهاب المنبري..واستهداف المخلافي

د. محمد شداد
الاربعاء ، ٢٩ يناير ٢٠٢٥ الساعة ٠١:٠٠ مساءً

 

الإرهاب في مفومه العام هو الإخافة، فمن لديه قدرة على زرع الخوف في نفسية أحد فقد مارس عليه الإرهاب، ويختلف الإرهاب باختلاف مستوياته وأدواته وقوة الجهة التي تمارسه..

 

فإرهاب الدولة يختلف عن إرهاب الفرد، وإرهاب الايديولوجيا يتمايز عن إرهاب الجماعة، وإرهاب مدعي التديُن يختلف في أدواته عن إرهاب قاطع الطريق..ما لامستُه عن قرب وآلمني وترك أثرًا فيني أنا شخصيًا هو إرهاب مُدَعي التديُن لأغراض سياسية، ذلك المخلوق الذي له ملمس مختلف وألسن متعددة ووجه يختبئ وراءه أقنعة شتى..

 

وهو ذلك الذي أدواته أربع لإرهاب الآخر، الأولى القدرة على التحدث "الخطابة"، والثانية المنبر، والثالثة مظاهر التدين الزائفة، والربعة أهداف غير وطنية تفتقر إلى النُبل..أدوات لم يدرك أصحابها أنها باتت عتيقة في زمن المهارات المختلفة التي امتلكها الشباب اليمني ومنصات التواصل الاجتماعي الأثيرية المؤثرة التي باتت الأوسع تفوق ملايين المرات منصات المنابر..

 

وما تمارسه تلك الأشكال في تعز ضد الدكتور عبدالقوي المخلافي وكيل أول محافظة تعز خير دليل، إنها لا تستهدف شخصه ترهبه بسبب الرقي الفكري والمعرفي الذي أصابه، وخطابه الوطني الحضاري الحديث، لانفكاكه عن عباءات همس الزوايا اللاهوتية، وأنَّى لرجل في نظرهم ينتمي إلى حزب الإصلاح أن يخاطب كافة الناس بمسؤولية وحياد دون تحيز إلى فئة أو جماعة؟.

 

كيف له أن يحظر الفعاليات الوطنية المتعلقة بالتراث والحضارة والأنشطة التربوية والعروض الطلابية؟ ويصف الشباب بأقيال اليمن والشابات بالإكليلات، لماذا لم تُخيفه وتثنيه وترهبه خطابات شيوخ النكد المنبرية والعالقين في صوامع الكُره العتيقة؟ المصابين بأمراض نفسية مزمنة..

 

فإذا حل الحقد في صدر أخرق يصبح مصدر لجرائم اجتماعية خطرة تُعمي البصائر، تجعله لا يفرق بين صديق أو عدو، صادقٍ أو فاجر، تناسوا العدو الحقيقي الذي يحيط بمدنهم من كل جانب، ولن تغفر لهم خطاباتهم إذا ما تمكن منهم.. 

 

عاش علماء الغُصة والنكد وشيوخ السياسة الديناصورية، عاشوا زمنهم نزقًا حادًا، نصب كمائن دعوية واستحمار لمتابعيهم، خطبوا في الناس حثوهم على استساغة القهر، وطهي أوراق الشجر والإقامة في العراء والعيش في جحيم الفقر المادي السياسي والمعرفي وبأن موعدهم الجنة، ولم يخاطبوا الحوثي المتسبب بعاهات الفقر والفساد وسرقة لقمة الفقراء من أفواههم! 

 

 

ظلوا على صلة وثيقة بالإرهاب المنبري، خدموا بجهل المشروع الفارسي السلالي ساروا برفقته على جغرافيا اليمن منذُ قيام ثورة 26 من سبتمبر ألهبوا العامة بالأحقاد والخصومات، ولو لم يكن ذلك الخطاب والاحتراق الفكري لما عادت الإمامة وأطلت كالأفاعى برؤوسها من جديد.. 

 

تساوقوا مع العصابة الحوثية التي عجزت عن تقييم خطاباتها الدينية الارهابية، وردات الفعل لأفعالها من قبل الشعب اليمني، لاعتقادها بأنها ستجد قبول لما تمارسه في محيطها وعند خصومها..

ذلك هو اعتقادها وتقديرها لما ترتكب من جرائم إرهابية فكرية وتجريف لعقول الشبيبة، وذلك وما يفسر دائماً سلوك الجماعات الدينية في استهدافها القاسي للخصوم من خلال عمليات الخطاب الديني الذي توجهه وفقًا لحقدها وهواها..

 

وعليه فقد أصبحت الخطابات الإرهابية للسلالة العرقية ومن سار معها من أهم التحديات الأمنية التي يواجهها الشعب اليمني في أعقاب الحرب الأخيرة، تطرق إلى ذلك عالم الدراسات الاجتماعية الدينية مارك يورجنز وقال " ينبغي اعتبار الدين عاملًا عارضًا واحدًا فقط وأن هذا الإرهاب هو جيوسياسي في المقام الأول" 

 

ويمارس ذلك خطباء مأرب وتعز باعتبار أنهم حراس لعقيدة المعبد، يسلكون مسلك الرُهبان في الديانة المسيحية، وبتخلي تام عن الحشمة والوقار يقومون باستهداف الدكتور عبدالقوي المخلافي وكافة أنشطة الأقيال الثورية التي عزمت مع سقوط صنعاء في يد القبضة الهمجية الحوثية، وحزمت أمرها على محاربة الفكر السلالي العنصري والدفاع عن الهوية الوطنية واستعادة الدولة والجمهورية بكل الطرق..

 

نعتوا الفعاليات الوطنية لتجسيد الهُوية الوطنية تاريخ شعر فن أدب ومقالات سياسية عبر كل الوسائط بتهم التعدي كذبًا على الصحابة وإحياء التراث والرموز التاريخية الوثنية، التي تعمَدت الإمامة في عهودها تغييبها بل ومحاربة من يحاول الاقتراب منها، تخوفًا من اقتراب اليمني من تاريخه وحضارته التليده ورموزه حتى لا يعتد بنفسه ويتمرد على خرافاتها البالية..

 

 

ومع خفوت الأصوات الحزبية المنهكة يجب تبني حركة الأقيال ورعايتها لتصبح عوناً لها لا بديلاً عنها، تبني يليق بها عوضًا عن محاربتها، كونهم وقفوا دائما في الجانب الصحيح من التاريخ، عملوا على فهم القضايا المعقدة على غرار ما ورد في كتاب " عنصرية التجويع المركبة" للقيل همدان العليي" وكثير من الإنتاج التاريخي الفني والأدبي..

 

ختامًا يجب كف الخطاب الديني الاستفزازي لإرهاب حركة الأقيال وكل الوطنيين الشرفاء، وتكاتف جهود الصف الجمهوري وإن تعددت جبهاته وتحركاته، والالتفاف حول القيادة السياسية الشرعية وأخذ الأمر على محمل الجد ونبذ خطابات اللاهوت الديني..

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي