الصراع الحوثي الاسرائيلي بين السياسة و الدعاية

صفوان سلطان
الاربعاء ، ٠١ يناير ٢٠٢٥ الساعة ١٠:٠٦ مساءً

 

في تصريح مفاجئ، أعلنت إسرائيل أنها في حالة حرب مفتوحة مع ميليشيا الحوثي، وذلك بعد تزايد استهدافها من قبل الحوثيين في الآونة الأخيرة. قد يبدو التصريح للوهلة الأولى بمثابة إدانة واضحة للحوثيين كطرف عدواني، لكن تداعيات هذا الإعلان تحمل أبعادًا أعمق قد تصبّ في مصلحة الحوثيين على المستوى الإعلامي والدعائي.

 

الحوثيون والدعاية “المقاومة”

 

يُروّج الحوثيون منذ سنوات لأنفسهم كحركة تدافع عن القضية الفلسطينية في وجه “العدو الصهيوني”، رغم غياب أي ممارسات حقيقية تدعم الشعب الفلسطيني أو تقاوم الاحتلال الإسرائيلي على أرض الواقع. تصريح إسرائيل الأخير يمنح الحوثيين فرصة لتثبيت هذه الرواية المضللة أمام أنصارهم وأمام جمهور أوسع في المنطقة، مما يعزز مكانتهم كـ”مدافعين عن القضايا العربية والإسلامية”، وهو أمر عارٍ تمامًا من الصحة.

 

الواقع: الحوثي يخدم إسرائيل من حيث لا يدري

 

إسرائيل تدرك أن تصريحاتها قد تُعزز من مكانة الحوثيين لدى البعض، لكنها في ذات الوقت تستغل هذا الأمر لإبراز نفسها كضحية في مواجهة تهديد إيراني إقليمي شامل. فالحوثيون ليسوا سوى أداة في المشروع الإيراني الذي يستهدف زعزعة أمن المنطقة، بما يخدم مصالح القوى الكبرى التي تتغذى على استمرار الفوضى.

 

هل هناك تخادم غير مباشر؟

 

بالنظر إلى المشهد، يمكننا طرح تساؤل مشروع: هل يخدم هذا التلاقي الظاهري الحوثيين وإسرائيل على حد سواء؟

 • الحوثيون: يستفيدون دعائيًا بإظهار أنفسهم كـ”مقاومين”.

 • إسرائيل: تعزز سردية “الخطر الإيراني” الذي تمثله أذرع طهران، ومنها الحوثي، مما يبرر تصعيدها العسكري وتوسيع نطاق عملياتها.

 

إن العلاقة قد لا تكون مباشرة بين الطرفين، لكن نتائج التصعيد تخدم كليهما بشكل غير مباشر. الحوثي يعزز من دعايته الداخلية، وإسرائيل تبرر استراتيجياتها الإقليمية والدولية.

 

الحقيقة التي يجب توضيحها

 

ميليشيا الحوثي ليست سوى جماعة انقلابية تخدم مصالح إيران، التي تستخدم شعار “المقاومة” لتحقيق أجنداتها في المنطقة. القضية الفلسطينية ليست ضمن أولويات الحوثي، بدليل أن سياساته لم تحقق سوى المزيد من التدمير والانقسام داخل اليمن والمنطقة.

 

على المواطن العربي أن يكون واعيًا لهذه المناورات الدعائية التي تسعى لاستغلال عواطفه تجاه القضايا العادلة كفلسطين، بينما يتم توظيفها لخدمة أجندات مشبوهة تسعى لتكريس الفوضى وإضعاف الشعوب.

 

ختامًا، إعلان إسرائيل عن حرب مفتوحة مع الحوثيين يعكس أبعادًا تتجاوز التصعيد العسكري. إنه جزء من لعبة سياسية معقدة، يُستخدم فيها الحوثي كأداة بيد إيران، بينما تسعى إسرائيل لتكريس سرديتها عن تهديدات إقليمية تُبرر سياساتها العدوانية.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي