في قلب عاصمة القرار العربي، الرياض، تتوالى الاجتماعات بين قيادات الدولة اليمنية بحثاً عن توافق حقيقي يوحد الصف الوطني، حيث أصبح هذا التوافق ضرورة ملحّة لتجاوز المرحلة الراهنة التي تهدد بقاء اليمن كدولة مستقلة ومستقرة.
وبينما تجتمع القيادات السياسية، يتناوب السفراء الدوليون على عقد اللقاءات مع الشخصيات اليمنية، في مشهد يبرز حجم الاهتمام الدولي بمستقبل اليمن، لكنه يكشف في ذات الوقت عن خطورة الرهان على الخارج في حل معضلات الداخل.
الميليشيا الحوثية لم تعد مجرد تهديد محلي يعيق استقرار اليمن؛ بل تحولت إلى أداة تخريب إقليمية ودولية. إنها لا تقف عند حد الانقلاب على الشرعية، بل تذهب إلى أبعد من ذلك، حيث ترهن اليمن وشعبه لمصالح إيران، وتستخدمهم كورقة ضغط لتحقيق أجندة طهران التوسعية في المنطقة.
الحجج التي تروجها هذه الميليشيا، مثل موقفها من القضية الفلسطينية، ما هي إلا ستار زائف يخفي أهدافها الحقيقية: خدمة النظام الإيراني والتفريط بمصالح اليمنيين ومستقبلهم. لكن الحقيقة الصارخة هي أن المواقف الإقليمية والدولية ليست ثابتة.
العالم يتحرك بناءً على مصالحه، لا عواطفه، وقد جاءت ردود الفعل الدولية الأخيرة تجاه الحوثيين نتيجة شعور الدول بخطر مباشر يهدد أمنها الإقليمي والدولي. هذا التحرك الدولي ليس مضمونا استمراره، وإذا لم نستفد منه حالياً بتوحيد صفوفنا وتوجيه جهودنا لاستئصال هذا التهديد المشترك، فقد تتغير هذه المواقف عندما تُقلم أظافر الحوثي التي يهدد بها الإقليم والعالم. وهنا تكمن الخطورة، إذا لم نستغل هذه الفرصة النادرة لتحرك المجتمع الدولي تجاه الحوثيين، فقد نجد أنفسنا أمام مواقف دولية مختلفة، ونكون قد أضعنا فرصة قد لا تتكرر لاستئصال هذا الورم السرطاني الذي ينخر في جسد الوطن ويحطم آمال المواطنين.
لقد جاء تشكيل التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية كخطوة بالغة الأهمية في هذا السياق، حيث يهدف إلى أن يكون رافعة سياسية تمثل تطلعات اليمنيين في استعادة دولتهم. يسابق هذا التكتل الزمن ليترجم توافق القوى السياسية إلى مشاريع حقيقية على الأرض، وليرفع راية وطنية تجمع تحتها كل اليمنيين في مواجهة الميليشيا الحوثية وأجندتها الإيرانية.
إن ميليشيا الحوثي الإرهابية ليست مجرد عدو داخلي، بل هي عصابة تخدم نظام ولاية الفقيه في طهران، وتحول اليمن إلى رهينة بيد إيران. استمرار الانقسامات السياسية والعسكرية في الصف الوطني لن يخدم سوى هذه الميليشيا ومن يقف خلفها. لذلك، فإن التوافق السياسي والتنسيق العسكري بين القوى الوطنية يجب أن يكون أولوية قصوى، لأن كل يوم يمر دون تحرك جاد هو خسارة للوطن والشعب.
الرسالة اليوم واضحة: لا مجال للمصالح الضيقة أو الحسابات السياسية العابرة. المعركة ضد الحوثيين هي معركة وجود، واليمنيون أمام فرصة تاريخية لتوحيد كلمتهم وصياغة مستقبلهم بعيداً عن قبضة عبيد إيران. الوقت الآن للعمل، والعمل فقط، من أجل يمن حر ومستقل.
-->