هناك من يقول إن ثورة ٢٦ سبتمبر لم تحقق أهدافها، وللأسف أن هناك من ينجر وراء هذا الكلام بعاطفة وسذاجة؛ لأنه -ببساطة- غير صحيح.
صحيح كان هناك قصور فى بعض الجوانب، لكن الهدف الأساس من ثورة ٢٦ سبتمبر تحقق.
ثورة ٢٦ سبتمبر حوّلتنا من رَعيّة وقبائل وعبيد -لمن يزعم أنه صاحب الولاية والوصية- إلى مواطنين نتمتّع بكل حقوق المواطنة.
أهم هدف من أهداف ٢٦ سبتمبر هو إزالة الفوارق والطبقية، وتحقيق المواطنة المتساوية، فالثورة جعلت مواطنا بسيطا ابن أسرة فقيرة يصل إلى منصب رئيس الجمهورية.
هذا هو جوهر ثورة ٢٦ سبتمبر، التي يسعى رموز الإمامة الجديدة، اليوم، إلى طمسه تماما.
بغض النظر عن أداء كل رؤساء الجمهورية الذين حكموا اليمن؛ بدءا بعبدالله السلال حتى مجيء رشاد العليمي؛ وصولهم إلى الحكم يعتبر منجزا سبتمبريا كبيرا؛ لأنهم جاءوا من عامة الشعب.
فالإمامة تعتقد أن الحكم حقها الحصري الذي لا يجوز لأحد أن ينازعها إياه.
إنهم يريدون استعادة السلطة والحكم والسيطرة، وإن بشكل آخر؛ يقولون: "نحن لا نريد مناصب، ولا نسعى إليها، وليس عندنا مانع أن يكون رئيس الدولة من أي مكان"؛ هذا كلام قد ينطلي على البسطاء، الذين لا يفهمون، والذين ينظرون إلى الأمور بنظرة سطحية، لكن من يفقه السياسة، ويعرف أساسيات علم الاجتماع السياسي، سيعلم يقينا أنهم اليوم يريدون استعادة ما يزعمون أنه "الحق الإلهي".
علينا أن لا ننجر وراء هذا الكلام العاطفي، الذي ينظر إلى الأمور نظرة سطحية، صحيح أننا لم نصل إلى المثالية التي ينبغي أن نكون عليها، وكان هنا قصور في كثير من الجوانب، لكن هناك كثير من الأهداف والمبادئ السبتمبرية تحققت.
ألم نكن نذهب إلى صناديق الاقتراع ونختار من نريد بكل حرية؟ ألم يكن يحق لكل المواطنين الترشح لمناصب القيادة بما فيها منصب رئيس الجمهورية.
دعك من الممارسات التي كانت تحدث، والتزوير، واللعب بالنتائج؛ هذه كلها ممارسات يتحمّلها الأشخاص، لكن أنت
اُنظر إلى المبادئ والقيم هل كانت موجودة، ويمارسها المواطن العادي، أم لا؟ هذا كله كان بفضل الله ثم بفضل ثورة ال٢٦ من سبتمبر.
كانت الأمور تتحسن، والأوضاع تتطور، ولم يوقفها إلا الانقلاب الإمامى الذي جاء من أجل إسقاط كل مبادئ ثورة ٢٦ سبتمبر، وإعادة الإمامة.
وعودة الإمامة معناها عودة القبلي والرعوي والسادة والعبيد، وانتهى كل معالم المواطنة، وانتهى شيء اسمه مواطن يمني.
هناك فرق كبير جدا بين المواطنين والرعايا؛ المواطن هو من يتمتع بكامل الحقوق السياسية والمدنية، والرعوي من تُنتقص وتُسلب منه هذه الحقوق.
-->