يؤكد الله أنه هو وحده الذي شرع دينه للناس، وأن لا شريك له بذلك، وأنه سبحانه أمر رسوله بأن يتلوا الوحي وإبلاغه واتباعه.
ومنع الله رسوله من التقول عليه، أو تبديل قرآنه، ويقسم الله ويؤكد في محكم تنزيله أن هذا الكتاب الذي أنزله على رسوله الخاتم، محمد عليه الصلاة والتسليم، هو من عنده سبحانه، وليس بقول شاعر، ولا كاهن، كما يؤكد سبحانه أن رسوله الخاتم لن يتقول عليه قولاً غير قوله ومخالفاً لتنزيل وحيه، بل ويهدد سبحانه رسوله الخاتم، أنه سيقطع منه الوتين إن تقول على الله، ولن يستطيع أحد أن يمنع ذلك، ويؤكد سبحانه أن وحي تنزيله تذكرة للمتقين، وأنه حق ويقين، وهو حسرة على الكافرين، ويعلم الله أن من الناس من يكذب بتنزيله، فكيف بعد هذ القسم الواضح من الله بصدق تنزيل وحيه، والمنع الصارم لرسوله الخاتم من التَقَوَّلَ عليه سبحانه ، نجد من يؤمن بمرويات تَقَوَّلْ منسوبة للرسول الخاتم، تخالف وحي الله.
لكن المؤمن بالله وكتابه الحق وبرسوله الصادق الأمين،لن يقبلها إيماناً منه وتصديقاً بالله، وبكتابه، ورسوله الصادق الأمين، الذي اتبع ما أنزل الله عليه، وبَلّغه كما أُنزل، وكما أمره الله، ولم يغيره، أو يبدله.
لنتدبر قوله سبحانه في محكم تنزيله:
أولاً: شرع الله دينه، وجعل رسوله على شريعة من الأمر، وأمره باتباعها، ومنعه من اتباع الأهواء، وأمره أن يدعوا بها ويستقم على ما أمره الله وشرع له.
﴿۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحࣰا وَٱلَّذِیۤ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ وَمَا وَصَّیۡنَا بِهِۦۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَمُوسَىٰ وَعِیسَىٰۤۖ أَنۡ أَقِیمُوا۟ ٱلدِّینَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِیهِۚ كَبُرَ عَلَى ٱلۡمُشۡرِكِینَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَیۡهِۚ ٱللَّهُ یَجۡتَبِیۤ إِلَیۡهِ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِیۤ إِلَیۡهِ مَن یُنِیبُ﴾ [الشورى ١٣]
﴿ثُمَّ جَعَلۡنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِیعَةࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَ ٱلَّذِینَ لَا یَعۡلَمُونَ﴾ [الجاثية ١٨]
﴿فَلِذَ ٰلِكَ فَٱدۡعُۖ وَٱسۡتَقِمۡ كَمَاۤ أُمِرۡتَۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَهُمۡۖ وَقُلۡ ءَامَنتُ بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَـٰبࣲۖ وَأُمِرۡتُ لِأَعۡدِلَ بَیۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡۖ لَنَاۤ أَعۡمَـٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَـٰلُكُمۡۖ لَا حُجَّةَ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَكُمُۖ ٱللَّهُ یَجۡمَعُ بَیۡنَنَاۖ وَإِلَیۡهِ ٱلۡمَصِیرُ﴾ [الشورى ١٥]
ثانياً: ليس لله شركاء يشرعون للناس دين الله.
﴿لَا شَرِیكَ لَهُۥۖ وَبِذَ ٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ﴾ [الأنعام ١٦٣]
﴿أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَـٰۤؤُا۟ شَرَعُوا۟ لَهُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا لَمۡ یَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةُ ٱلۡفَصۡلِ لَقُضِیَ بَیۡنَهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ﴾ [الشورى ٢١]
ثالثا: الله لا يبدل قوله ولا يبدل كلماته، ولا سنته، وليس بضلام للعبيد.
﴿مَا یُبَدَّلُ ٱلۡقَوۡلُ لَدَیَّ وَمَاۤ أَنَا۠ بِظَلَّـٰمࣲ لِّلۡعَبِیدِ﴾ [ق ٢٩]
﴿لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ لَا تَبۡدِیلَ لِكَلِمَـٰتِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ﴾ [يونس ٦٤]
﴿سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِی قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِیلࣰا﴾ [الفتح ٢٣]
رابعاً: لا يستطيع الرسول تبديل وحي الله.
﴿وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ ءَایَاتُنَا بَیِّنَـٰتࣲ قَالَ ٱلَّذِینَ لَا یَرۡجُونَ لِقَاۤءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَیۡرِ هَـٰذَاۤ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ قُلۡ مَا یَكُونُ لِیۤ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَاۤىِٕ نَفۡسِیۤۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا یُوحَىٰۤ إِلَیَّۖ إِنِّیۤ أَخَافُ إِنۡ عَصَیۡتُ رَبِّی عَذَابَ یَوۡمٍ عَظِیمࣲ﴾ [يونس ١٥]
خامساً: الله أمر رسوله بأن يتلو الوحي ويبلّغه للناس ويتبعه كما أنزله الله.
﴿وَٱتۡلُ مَاۤ أُوحِیَ إِلَیۡكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِهِۦ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدࣰا﴾ [الكهف ٢٧]
﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُۥۚ وَٱللَّهُ یَعۡصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ﴾ [المائدة ٦٧].
﴿مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَـٰغُۗ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا تَكۡتُمُونَ﴾ [المائدة ٩٩]
﴿ذَ ٰلِكَ مِمَّاۤ أَوۡحَىٰۤ إِلَیۡكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلۡحِكۡمَةِۗ وَلَا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ فَتُلۡقَىٰ فِی جَهَنَّمَ مَلُومࣰا مَّدۡحُورًا﴾ [الإسراء ٣٩]
﴿ٱتَّبِعۡ مَاۤ أُوحِیَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَۖ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِینَ﴾ [الأنعام ١٠٦]
﴿وَٱتَّبِعۡ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیۡكَ وَٱصۡبِرۡ حَتَّىٰ یَحۡكُمَ ٱللَّهُۚ وَهُوَ خَیۡرُ ٱلۡحَـٰكِمِینَ﴾ [يونس ١٠٩]
سادساً: منع الله رسوله من التَقَوَّلْ عليه، وهدده إن فعل بقطع الوتين.
﴿ فَلَآ أُقۡسِمُ بِمَا تُبۡصِرُونَ * وَمَا لَا تُبۡصِرُونَ * إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ * وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَاعِرٖۚ قَلِيلٗا مَّا تُؤۡمِنُونَ * وَلَا بِقَوۡلِ كَاهِنٖۚ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ * وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ * لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَٰجِزِينَ * وَإِنَّهُۥ لَتَذۡكِرَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ * وَإِنَّا لَنَعۡلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ * وَإِنَّهُۥ لَحَسۡرَةٌ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ * وَإِنَّهُۥ لَحَقُّ ٱلۡيَقِينِ * فَسَبِّحۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلۡعَظِيمِ﴾ [الحاقة ٣٨-٥٢]
كيف بعد هذه الآيات البينات، لمؤمن صادق الإيمان بالله، وكتاب وحيه، وبرسول الله الصادق الأمين، أن يُصَدِّقْ أن الرسول سَيَتَقَوَّلَ على الله بما يخالف وحيه سبحانه.
من يحب رسول الله، عليه تنزيهه، من مرويات التَقَوَّلْ على الله.
د عبده سعيد المغلس
٤ سبتمبر ٢٠٢٤ م
-->