عندما يحارب المحافظ مع قيادة الدولة الطبقة المتعلمة أو أي مبادرة منهم، لن يبقى هناك شيء مع الدول غير الفشل والهدرة واسواق القات نسوقها كانجازات للناس. فاليوم طلعت امامي اخبار تهكم في ظاهرها، لكن اجد ان في محتوها تعكس كل خطط ومشاريع الدولة حكومة وقيادة وسلطة محلية. فقد طلع ان السلطة المحلية في تعز -من باب التهكم- تم ذكر وتحت رعاية المجلس الرئاسي والحكومة ووفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني فقد تم إفتتاح سوق قات في تعز كمشروع عالمي نووي ندخل به المستقبل. وبرغم هذا التهكم, لكني اجد كل مشاريع اليمن بنفس السياق، وهذه هي نوعية لمشاريع قيادات اليمن امام البشر من حيث الابعاد والاثر.
وفي الطرف الاخر من الكوكب تطلع اخبار مثل ان شركة سامسونج الكورية سوف تبني اكبر مصانع للرقائق الالكترونية في عاصمتهم سيول، وبمبلغ يصل الى ٢٢٨ مليار دولار. المشروع اليمني يعكس الفوضى حتى ولو السلطة المحلية ملهش دخل ، المشاريع اليمنية في طول البلد وعرضها تعكس ضعف عقولنا والفشل وحالة الاحباط لمجتمعنا، وكيف نتصور المستقبل حتى وان كان مجرد هدرة، واما المشروع الكوري يعكس تفوق للعقل الكوري، ورقم يوضح توجه وقوة وقدرة المجتمع. مشروع العاصمة سيول يعالج مشاكل العصر من بطالة ويفجر طاقات المجتمع في المعرفة والانفتاح والمنافسة والانتاج، ومشروع السلطات المحلية في تعز او غيرها يقود إلى العكس. هنا نشاهد الفرق في نمط التخطيط بين سلطات تعمل في ادارة الشأن العام وبين توجهين، الماضي وفشله عندنا، والمستقبل عند غيرنا.
اليوم نحن لانفتقر لعقول وقدرات بحيث نقول ذلك قدرنا، لكن البلادة في ادارة مقدرات البلد واضاعة الفرص وفوق ذلك التسلط ودفع مجتمع الى رحلة الماضي، كونه المكان الذي لاينافسنا احد عليه، فنشعر بنوع من الاهمية بداخله اننا شيء يذكر. كل ذلم هو ترجمة الفشل في واقعنا بفهم لغة العصر واداوته، ترجمة لافتعال الفهم ولتسلط الجهل على مقدرات المجتمع وبرمجته بنظام ادارة عتيق غير ملائم. لذا ليس معجزة او طلاسم أن نستنبط محطات نهاية الرحلة لابنائنا وبناتنا مستقبلا غير التوجه الى الادمان واسواق القات، فهن محطات اضاعات العقل والوقت، ومحطات الفقر والحاجة والتواجد في الاشارات والارصفة والاسواق لاستعطاف من لديه قدرة، ومحطات الانتظار لعطف العالم علينا، ومحطات التباكي أن العالم لم يساعدنا نتطور.
اليوم غيرنا يبنون مصانع ومدن وجامعات على اعلى المستويات، تمكن ابنائهم وبناتهم من السيطرة على المعرفة وادواتها والاسواق ومنتجاتها ونحن عكسهم. غيرنا يبنون مدن منظمة يطلق عليها مدن الجيل الرابع ونحن اسواق قات، وعشوائيات وهات فوق ذلك ياهدرة. وغيرنا يبنون مؤاني ومعاهد واسواق استقطاب لانهم يتجهون الى المستقبل ونحن عكس ذلك، فطبيعي يتحسن حالهم كل يوم افضل فافضل، ونحن نسقط في القعر اكثر فاكثر ونعيش الوهم ان العالم لم يساعدنا ويستهدفنا ونحن من يحرق المجتمع اولا بمحاربة كل فكر يبني او شيطنة كل شخص مخلص ويعمل.
اليوم انظروا حولكم فالكل يتغير الى الافضل ولسوف تجدون بجوارنا من كان افقر منا يتطور، فاثيوبيا ذو العرقيات واللغات والديانات المختلفة تخطط لبناء اكبر مطار في افريقيا خلال السنوات القادمة ليصل الى ١٢٠ مليون راكب سنويا ونحن نبني مطارات مخجلة ونصور ذلك انحاز او نفتتح سوق القات لم نرتقي بمشاريعنا الى بناء فرزت باصات سع الخلق، بمعنى غيرنا امتلكوا مشروع تنمية ومشروع دولة جامعة وفريق اداري واستراتيجيات، وهم ينفذون ذلك خطوة خطوة مهما كانت المعوقات، وهذا فقط مشروع واحد بسيط لديهم. نحن تركنا المهم والاهم، والسبب اننا اواني فارغة تحدث فقط ضجيج ولانمتلك شيء.
اليوم من كان افقر منا مثل اثيوبيا تخطط لتنتج من الكهرباء مايتجاوز حاجز ٣٠ جيجاوات اي ٣٠ ألف ميجاوات، وهذا مشروع آخر لهم، ونحن لم نمتلك حتى منظومة كهرباء لمدينة صغيرة سع البشر، ولا ننظر لذلك وانما ان حل مشاكلنا بناء مزارات دينية وهدرة، لانه لم نتعلم بعد معنى تنمية مجتمع.
اعرف ان كلامي مزعج، لكن غيرنا ليس افضل منا، لكنهم تعلموا. فاثيوبيا قبل ٢٥ سنة كانت افقر من اليمن ب ٤ مرات، اي بواقع ٧ مليار دولار دخل قومي للبلاد و ٤٠ مليون فقير ومجاعات وبلد ممزق وعرقيات مختلفة جمعها التنمية كمشروع شامل مثل المغناطيس، واليوم دخلها القومي ١١١ مليار دولار، اي افضل من اليمن ب ٥ مرات، تضاعف ١٦ مرة عن قبل ٢٣ سنة، ونحن عكسهم لم نتعلم وفوق ذلك نمثل الفهم، وهات ياهدرة. هم نظروا إلى مشاكلهم وعملوا بادوات المعرفة والعلم، مما جعل معدل الفقر ينخفض في السنوات الاخيرة ٥٠ في المائة، بينما في اليمن بسبب لن اقول امراضنا المذهبية والمناطقية وانما بسبب القيادات الغير عقلانية والغير متزنة ارتفع المعدل الى ارقام فلكية وصار حال البلد مهددة بمجاعة وننتظر سلات الغذاء ونستجدي غيرنا لاننا شاغلين انفسنا ليس بحل مشاكلنا، وانما بكثرة الهدرة.
ومثال اخر من الطرف الاخر للكوكب كوريا كون ذكرتها في مستهل حديثي هنا، فقد انتقلت من مستوى الفقر في الفترة ١٩٥٠ الى ١٩٦٥ الى ما نشاهده اليوم من نتائج مبهرة كمعجزة للعقل التنموي، وذكرت مثال واحد ان مصنع واحد سوف يكلف ٢٢٨ مليار دولار يعني مدينة تقنية جديدة يفوق تصورها يعكس رحلة المجتمع. هذا كله في بلد لو كانت انتهجت نفس سلوكنا بكفاءات مثلنا لظلوا فقراء مثلنا ولقرون عدة. نحن لا المال الوطني تركناه ينمو ولا الموارد الداخلية وسعناها، ولا الدعم الخارجي استفدنا منه في التنمية.
ومختصر الموضوع نحن نمارس العبث، واول ما نصحى سوف نجد الفجوة بيننا وبين غيرنا في المنطقة المجاورة كبيرة، لن نقدر على تقليصها بمجتمع منهك اهدر قوته ونشاطه وشبابه وفرصه، مما يحولنا بشكل طبيعي الى مجتمع عالة، وفي احسن الاحوال شقاة باليومية عند الغير في بلدنا، ومقابل سلة غذاء او اوهام لن تتحقق. لذلك اول خطوة لحل مشاكلنا ترك عجلة قيادة البلد وادارة الشأن العام لمن يفهم حسب برامج نقيمها ونحاسب اصحابها بدل العك، ومشاريع اسواق القات وغيرها ، التي عفى عنها الزمن.
-->