ماذا عن انتخابات الإصلاح؟

موسى المقطري
الاثنين ، ٣١ يوليو ٢٠٢٣ الساعة ١١:٥٧ صباحاً

 

تشكل الديمقراطية الداخلية للأحزاب تحدٍ صعب ومهم تُبنى عليه تقييم القدرة على التجديد من عدمها سواء على صعيد القيادات أو على صعيد القرارات وتركيبة المؤسسة ، أو على صعيد الفعل السياسي كون البناء الداخلي المتجدد خطوة تنعكس إيجاباً على كافة أشكال وأنماط النشاط السياسي ، ومن هنا أدرك الإصلاح ضرورة تفعيل الديمقراطية الداخلية لتجديد الحزب واستمرار فاعليته السياسية ، وكان هذا الإدراك مبكراً فانتظمت مؤتمراته العامة بدوراتها وما ينتج عنها من انتخابات لمجلس الشورى والأمانة العامة بدوائرها المختلفة والمكاتب التنفيذية للمحافظات ومجالس الشورى المحلية ، لكن الانقلاب الحوثي والحرب التي أعقبته أربك الوضع السياسي في البلد عموماً ، وتوقفت كل الأحزاب السياسية دون استثناء عن إقامة الانتخابات في مؤسساتها الداخلية .

منذ انقلابها المشؤوم في العام 2014م وكجزء من إجرامها بحق اليمن واليمنيين عملت مليشيا الحوثي الانقلابية على عسكرة الحياة بشكل عام ، والقضاء على أي مظهر من مظاهر الحياة المدنية فنهبت وأغلقت مقرات الأحزاب والمنظمات المحلية والنقابات والأندية ومراكز البحوث ، وقتلت وأخفت وشردت الرموز السياسية والمدنية ، وركزت على اجهاض كل ما يمت إلى الحياة المدنية بصلة ، وأرادت بهذه الممارسات اسكات أي صوت مخالف لها من جهة ، ومن جهة أخرى القضاء على منجزات الجمهورية التي انقلبت عليها ، ومن أهم هذه المنجزات الحياة السياسية والمدنية بشكل عام ، لكن هذا النهج الهمجي لم ولن يكن مجدياً في وأد الحياة المدنية وخاصة في شقها السياسي ، وكمثال على فشل هذا النهج  تجلت قدرة الإصلاح على تجاوز كل هذا المثبطات والاستمرار في أداء دوره السياسي ، وقرر الانطلاق نحو مرحلة جديدة في حياة هذا الحزب الرائد رغم أنه كان الأكثر استهدافاً وأعضائه وقيادته الأكثر تضرراً من سلوك هذه المليشيات الانقلابية .

يمتلك الإصلاح دائماً قدم السبق ويرتدي شارة التميّز  ولذا بدأ في إعادة تجديد ذاته مقاوماً الظروف الصعبة التي تحول دون ذلك ، فبدأت المحافظات في انتخابات قياداتها ، وكل يوم نشهد الإعلان عن انتخابات ومحافظات جديدة تنظم لقائمة الشرف الاصلاحية ، وهذا يعني الكثير ليس للإصلاح والإصلاحيين فقط لكن لليمنيين بشكل عام ، وعلى وجه الخصوص حياتنا السياسية التي تشهد حالة من الركود تمكّن الإصلاح من كسرها ، وستحذو حذوه بقية الأحزاب والقوى بالتأكيد ، وسيتحدث التاريخ السياسي كيف أنه في لحظة الانتشار المليشاوي وتوقف العملية السياسية استعادت عافيتها من داخل أروقة الإصلاح ، الذي يؤكد بذلك للمرة الألف أنه صمام أمان الحياة السياسية ونسقها الأول ودرعها الحامي ، وأن زمام المبادرة لا يمكن أن يطلقه إلا من يحملون همماً عابرة لأحزابهم وتكويناتهم السياسية هادفين إلى تغيير المناخ السياسي الذي يضمهم مع غيرهم من الأحزاب الأخرى .

هو الاصلاح إذن ، وهم الإصلاحيون من أطلقوا صافرة البداية لمرحلة سياسية جديدة أساسها إعادة إنتاج الذات بما يتناسب مع تغيرات الوضع في اليمن والعالم بشكل عام ، واختاروا الخروج من قوقعة الواقع المشتت الذي فرضه وضع البلد إلى الأفق الرحب المتسم بالحرية المُنتزعة من أفواه خفافيش الظلام خريجي الكهوف المظلمة ، والذين يسعون إلى نشر هذه الظلمة لتعم الجميع، ويسعى الاصلاح مع كل شرفاء الوطن وقيادته المخلصة إلى استعادة الجمهورية ببهائها ورونقها وانجازاتها .

هنيئاً للإصلاح وللإصلاحيين ولليمنيين والحياة السياسية اليمنية هذا الانجاز  ، ودعوة لكل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ومؤسساته بشكل عام إلى عدم الاستسلام للواقع الصعب ، والسير في اتجاه تغيير هذا الواقع إنطلاقاً من تجديد وإعادة انتاج الذات بطرق مبتكرة تتناسب مع الحالة اليمنية الراهنة التي أفرزتها كتلة الغباء السياسي الحوثية التي يبدو أنها لم ولن تتعلم من أخطائها وسيرها بالوطن إلى حافة الهاوية .

كل التبريكات والتهاني مكللة بالحب والاحترام لكل القيادات الإصلاحية الفائزة في الانتخابات المحلية للمحافظات التي انجزت هذا الاستحقاق الرائع وسنكون بالتأكيد أكثر سعادة باكتمال هذا العرس الديمقراطي المميّز  .

دمتم سالمين .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي