بحكم المسؤولية والعرف الإنساني، ورغم أن ما سنتناوله من قضية، هي من صلب ومهام واختصاص وزير الشؤون الأجتماعية والعمل الدكتور محمد الزعوري، الذي سبق وأن استعرضنا موضوعنا هذا، دعيناه فيه الى تحمل مسؤولياته المتعلقه بإنصاف عدد (33) موظفا متعاقدا، تجاوزت خدمات فترة عملهم في مراكز الأسر المنتجة لتنمية المجتمع بمحافظة «عدن»، قرابة الـ 22 عاما، لم يتم بعدها تعيينهم أسوة بزملائهم متعاقدي بعض مرافق الدولة، عند التوظيف في مراحل سابقة سادت فيها المحاباة بعض الشيء .. الا أننا نراهم اليوم بحاجة شديدة لصرف رواتبهم المتوقفة منذ 6 أشهر.
بعد هذه الخدمة الطويلة التي قدموا فيها زهرة شبابهم وحياتهم مقابل فتات يسمى «راتب متعاقد»، لايغني ولايسمن من جوع، خلال مسيرة حياتهم العملية، متحملين أعباء الحياة المعيشية القاسية، على أمل ان يتم توظيفهم لضمان لقمة عيش كريمة لأسرهم على صفيح مستقبل ضبابي المشهد، في وطن أنهكته الحروب المصطنعة منذ زمن طويل، مرت سنوات عليهم، خدموا خلالها بوطنية ليجدوا أنفسهم بعد ذلك العمر، مهددين بالطرد، خاصة بعد ان تم استيعاب أعداد اخرى من المتعاقدين الى جانبهم من المقربين، لهذا او ذاك من المسؤولين، ليضع بذلك هذا الفعل علامة تساؤل واستفهام .. لماذا في ظل عدم الاحتياج يتم هذا الإجراء ؟!
ورغم مرور 6 اشهر على عدم استلام مرتباتهم، نراهم متفائلين على استحياء رغم العوز والحاجة التي يكابدونها في حياتهم اليومية، لعدم إمكانيتهم تلبية احتياجات اسرهم البسيطة، ليشعروا بآدميتهم في الحياة.. ومع ذاك نراهم مستعدين للعمل وبذل المزيد من العطاء، ايمانا منهم بعدالة قضيتهم في اخذ حقوقهم ليكون لهم كيان حقيقي في الحصول على فرص التوظيف بعد هذه الخدمة الطويلة.
.. ولكن على ما يبدو ان معاناتهم تزداد سوءاً، خاصة بعد قرار وزير الشؤون الاجتماعية والعمل والإدارة العامة للأسر المنتجة، بربط رواتبهم مع بقية زملائهم في المناطق المحررة، وكان هذا قراراً غير موفق، حيث ضاعف من معاناتهم، بدليل انقطاع رواتبهم منذ قرابة 6 اشهر، بعد ان كان يتم استلامه شهرياً بشكل منتظم، خاصة في مركز الأسر المنتجة بمحافظة عدن، هذا المركز الذي لا توجد له ميزانية تشغيلية، ناهيك عن عدم الاهتمام بعملية دمجه بمنظمات المجتمع المدني الداعمة، بهدف رفع قدراته وتحسين أوضاع موظفيه.
.. وبالتالي يواجه المتعاقدون أوضاعاً غير طبيعية في عدم الرعاية بتقديم أولوياتهم الحياتية في العيش الكريم، فهم من غير وظائف ولا رواتب ولا مراكز تعمل بالشكل الصحيح ولا حقوق ولا تسويات ولا تقدم لهم المساعدات ولا تحفيز ولا مساواة بإخوتهم الموظفين الرسميين الذين يستلمون من الباب الأول، ولا نرى هنا حراكاً يمكن من خلاله أن يعتلي احد لينتصر لقضايا هؤلاء من قبل المختصين، خاصة الوزارة ومكتب الشؤون الاجتماعية والعمل والإدارة العامة للأسر المنتجة، والتي تعتبر المسؤول الأول عن الوضع في المراكز.
دعوة نوجهها الى الوزير، للاهتمام بموظفي المركز والتوجيه بصرف مستحقات متعاقديه، والتصرف بمسؤولية تجاه هؤلاء أمام الله والمجتمع، لإحقاق حقوقهم التي كفلتها الشرائع السماوية والدساتير القانونية، لضمان استمرار حياتهم كبشر بحاجة الى ان يعيشوا، رغم الظروف المأساوية التي تعصف بحياتهم بعيدا عن التهديدات المستمرة من هذا أو ذاك النفر المسؤول، المتبجحين في ظل الظروف الحالية الاستثنائية التي يعيشها الوطن، بطرد هؤلاء عن العمل بعد ان افنوا حياتهم في خدمة المركز والمجتمع والبلد، وكلنا أمل في تحقيق العدالة الاجتماعية لهذه الشريحة من أبناء الشعب.
للتأمل: « إن الموارد البشرية تعد العامل الرئيسي للإنتاج الاقتصادي، أما الميكنة والمال، فإنها ليست سوى اشياء من صنع الإنسان ومن نتاج براعته».
-->