زيارة سعادة السفير "آل جابر" لــــ" صنعاء وعدن"!

د. علي العسلي
الأحد ، ١٤ مايو ٢٠٢٣ الساعة ٠١:٠٠ مساءً

 

 
ما الفرق بين زيارة سعادة السفير "آل جابر" لــــ" صنعاء وعدن"؟!.. إليك بعض الفروق؟؟!
إن الفرق، اعتقد لواضح؛ ذهب سعادة السفير "آل جابر" للعاصمة صنعاء ضمن سلسلة من المشاورات والمفاوضات التي تجريها الرياض-باعتبارها وسيط- مع الحوثي، وهي محاولة لإقناعه بالتخلي عن القوة واستخدامها، والبناء على ما حققته الهُدن السابقة للموافقة على ديمومتها، لمصلحته أولاً، حتى لا يعمل ضد نفسه كما صرح بهذا السفير الفرنسي مؤخراً، من أن الحوثي يعمل ضد مصلحته أو كما قال!؛ ذهب السفير إلى هناك، فهلل وزغرد الحوثي واستعرض وصور ونشر، وألف زوامل وأنشدها، وما إلى ذلك؛ بينما السفير لم يأتي رافعاً راية الاستسلام!؛ أتى إليهم عارفاً بـــ"سذاجتهم" ليفهمهم أن مصلحتهم ألا ينفذوا كل ما تقوله ايران لهم، فالتفتوا إلى مصالحكم وما يفيدكم، فإيران لها مصالحها، ومصالحها اليوم اقتضت أن تقيم علاقة مميزة مع المملكة!؛ جاءهم ناصحاً مشفقاً عليهم، نصحهم أن يلحقوا أنفسهم ويجنحوا للسلام عبر الجلوس على مائدة المفاوضات اليمنية-اليمنية، أفضل لهم من الرفض والاستمرار في المعاندة والمكابرة؛ حيث كانت المملكة ومجلس التعاون الخلجي قد دشنوا في الرياض العام الماضي المشاورات، وتخلّف عنها الحوثي؛ وحان الوقت اليوم للانخراط من قبله بها، خصوصا بعد التقارب الحاصل بين دول الإقليم كافة! مطلوب انخراط الحوثي في إيجاد حل شامل، والمملكة أكيد ستتكفل بالدعم السياسي والاقتصادي، وفي إعادة الإعمار!؛ هذه هي خطة المملكة وخارطة الطريق التي تطرحها على الأطراف والمكونات اليمنية ؛ فالزيارة إذاً قد تكون تتويجاً لما تم التوصل إليه مع الحوثي، ويبدوا أن الحوثي نكث كعادته، ولا غرابة في ذلك؟!؛ طمع بمقدم السفير ربما، فطلب المزيد؛ أو أن الزيارة في الأساس كانت استكشافية واختبارية لمدى تقبل الحوثي للسلام ولخارطة الطريق المقدمة من قبل المملكة للحل الشامل في اليمن.. ذهب السفير السعودي إلى هناك، لعلّه يجد اللّيونة المطلوبة من قبلهم، غير أن الحوثي كعادته "أخوش"، قابل تلك الزيارة بالتعنت والفهم الخاطئ للزيارة، مما أوقعه في أوهام، ساقته إلى صناعة كذبة تضليل لعوامه، ما لبث أن صدقها هو نفسه، من أن السعودية قد عجزت على مواجهته، ومن أنها تريد إنهاء تدخلها والتخلي عن الشرعية وإنهاء الحرب في اليمن، وتروح لحال سبيلها، لتراعى مصالحها ومشاريعها التي تخشى عليها، وعلى تضرر رؤيتها فيما لو استمرت بمعاداة الحوثي؟!؛ تفكير واستنتاج غبي! يا محمد يا حوثي، فلا أحد نصح المملكة، ولا أحد نصحكم، فاترك الادعاء والاستعراض والكذب؟!؛
وثق وصدّق من أن المملكة لأجل إنجاح رؤيتها، لابد وأن تؤمّن حدودها وتُكَوّن القوة القادرة المقتدرة لمواجهات المعتدين، وبالتالي حماية المشاريع الاقتصادية العملاقة الناتجة عن تنفيذ الرؤية الطموحة عشرين-ثلاثين، لسمو الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة ورئيس الوزراء، لا أن تكون المملكة خاضعة للابتزاز من ميليشيات بيدها السلاح، وخارجة عن الدولة والقانون، و تهددها في أي وقت!؛ عند الزيارة رأينا كيف تسابق قادة الحوثة، والبعص منهم مطلوبين دولياً وللمملكة لأخذ الصور التذكارية مع سعادة السفير، ظانين أنهم بذلك قد انتصروا، ولم يعودوا مطلوبين، بل ستغدق عليهم المملكة وتملأ جيوبهم الخاصة مالاً!؛ هكذا سوّقوا ويسوقون أنفسهم من أنهم، هم من بصمودهم وقوتهم قد استطاعوا أن يأتوا بالمملكة إليهم، ويتفاوضون معها باعتبارها قائدة تحالف العدوان، وقد أتت تريد أن تنهي الحرب معهم، وبالتالي عليها أن تعتذر وتتسامح منهم عن عدوانها وتعوضهم العوض المحدّش!؛ حيث قال حسين العزي في هذه الجزئية" كل من حاربنا ولم يحل عليه غضب الله بعد عليه المسارعة إلى التماس رضانا والتسامح منا كمظلومين.. لقد كتب ربكم النجاة لمن غفرت له اليمن فقط".. ما هذا الكبر والغرور، وما هذه الالوهية وما هذا الغباء الذي ما بعده غباء!! غير أن سعادة السفير ومن صنعاء، ردّ على الضخ الاعلامي الحوثي مدّعي الانتصار على السعودية، غرد، فقال أن هدف زيارته" تثبيت الهدنة، ووقف اطلاق النار، ودعم عملية تبادل الأسرى، وبحث سبل الحوار بين المكونات اليمنية للوصول إلى حل سياسي شامل ومستدام في اليمن"؛ تلك كانت أهداف الزيارة وهذه هي خارطة طريق المملكة للحل، عناوينها ودلالاتها واضحة ومعروفة، ولا يوجد ما يجعل الحوثة يغمزون؟!؛ فلا يحمّلونها أكثر من ذلك!؛ التقطوا لهم صوراً في المكاتب مع حلوياتهم وقهوتهم المقدمة، بعكس ما رأيناه في الزيارة لعدن، إذ تختلف اختلافاً كلياً؛ زيارته لعدن في هذا الظرف، قد جعل الحوثي يُجن.. فأين ذهبت تلك الاجواء الايجابية لحوارهم معه في صنعاء؟!؛ إن أجواءهم الإيجابية بحوارهم مع سعادة السفير "آل جابر" في صنعاء، يبدوا أنها قد تلبّدت بالغيوم من زيارته لعدن، فأفقدتهم الرؤية الصائبة !؛بل حتى أفقدتهم حسن انتقاء الالفاظ في التحدّث والتعليق، حيث علق وريث بن بدر الدين في التحكّم فقال متهجما: " طبعاً جيد البناء، بس، حجر الاساس لمطار عدن الدولي، هل سيكون مواصفات هذا المطار كمواصفات مطار مارب الدولي، أو لحق، أم أنه والبقرة تشتي علف والعلف يحتاج مطر.. من لديه التصريحات عن المطارين يعلق بها"؛ كانوا لا يريدون سعادة السفير بعد زيارته لصنعاء ان يتواصل مع من يصفهم الحوثي بالأخر؛ يريدون ابقاء خيط التواصل معهم وحدهم ليغالطوا ما استطاعوا!؛ وكذلك فإن زيارة سعادة السفير "آل جابر" لعدن أتت في ظل اجواء تداعيات توقيع الميثاق الجنوبي الذي دعا إليه المجلس الانتقالي، وبلوغ حجم الإحباط مبلغه من الشرعية والتحالف على تفرجهم لهذا الفعل دون أية حركة أو موقف؛ فجاءت الزيارة، واستقبل السفير رسميا وشعبيا، وبالورود وبمقص شريط افتتاح المشروعات اليمنية العملاقة بعدن وباقي المحافظات، والمنجزة من قبل البرنامج السعودي للتنمية والاعمار!؛ ويلحظ انه ربّ ضارّة نافعة، فمن بعد توقيع الميثاق انفرجت الأمور على الشرعية ورئيسها، فقد خرج رئيس محلس القيادة الرئاسي مع سعادة السفير محمد آل جابر عدن الحبيبة كلها، فتفقدا المواطنين، وتلمّسا عن قرب احتياجهم، خرج رئيس مجلس القيادة ولأول مرّة لمديريات محافظة عدن بعد أن كان لا يغادر مربع قصر المعاشيق، تمنياتنا أن يستمر هذا؛ زار المؤسسات، وافتتح مستشفى عدن الاستراتيجي المقام من قبل المملكة بالتنسيق مع الحكومة اليمنية والمقدم للشعب اليمني، للجمهورية اليمنية، ووضع حجر الاساس للمرحلة الثالثة من مطار عدن، شعرنا فعلا بان موقع رئيس الجمهورية اليمنية الأول الآن، قد فعّل ويعمل بطاقته القصوى!؛ ومن واقع الحركة للرئيس والسفير، أطل رئيس مجلس القيادة الرئاسي من على شاشة العربية، والعربية الحدث يشرح للناس ما تمّ، ووضّح الدلالات الهامة والاستراتيجية لزيارة السفير ودعم المملكة الدائم والمستمر لليمن وشعبه والسلطة الشرعية!؛ ومما قاله من دلالات لهذا الكم الضخم من المشاريع في عدن، كونها العاصمة الاقتصادية اصلاً للجمهورية اليمنية، بالإضافة إلى كونها بفعل انقلاب الحوثي العاصمة السياسية المؤقتة لليمن!؛ وايضاً من الدلالات للزيارة لعدن، اعتقد أنها جاءت رداً على ما روّجه الحوثي من أن التفاوض الجاري مع المملكة هو لترتيب خروجها وانسحابها كلياً من اليمن، ومن أنها قد تتخلى على دعم السلطة الشرعية وحكومتها، فجاءت هذه الزيارة، وأطل كذلك سعادة السفير "آل جابر" من على شاشة العربية، ووضح فيها ما قامت وتقوم به المملكة العربية السعودية قبل واثناء البرنامج السعودي للتنمية ولإعادة الإعمار من مشاريع تنموية وخدمية لكل اليمن، فاليمن اخواننا كما قال، ويأتي كل الدعم، دعما للحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، فالسعودية هي الأولى في تقديم الدعم اللامحدود للشعب اليمني، سواء أكان في مناطق سيطرة الشرعية بالتنسيق مع الحكومة اليمنية أو في المناطق التي تخضع لسيطرة الحوثي عبر المنظمات المحلية والدولية.. ما تقدمه المملكة بحسب الاحصاءات الدولية هي الأولى بلا منازع، فالعلاقة بين الشعبين أخوية وعميقة!؛وركز في الحديث عن الصحة وما يعانيه هذا القطاع، فجاء انشاء مستشفى عدن ليحل جزءاً كبيرا من هذه المشكلة، وأشار إلى أن المملكة كانت سبّاقة في هذا المجال، وما مستشفى السلام بصعدة، والمستشفى السعودي بحجة إلا خير دليل على ذلك!؛ كان حريصاً في القول على أن المشاريع التي تقدمها المملكة هي لكل لليمن ولكل المحافظات اليمنية، منها ما قد نفذ، ومنها قيد التنفيذ، ومنها ما هو في الطريق مستقبلاً!؛ وجاءت الزيارة لتسليم رئيس مجلس القيادة الرئاسي، دعوة حضور القمة في التاسع عشر من الشهر الجاري بجدة!؛ تلكم هي بعض الفروق وأهم فرق في الدلالة الفارقة بين الزيارتين!!
إن المملكة تتحرك في اليمن ومساعيها للسلام بما تمتلك من قوة وتأثير ونفوذ في كل اليمن، فانتبه يا حوثي تدقها بطولة عليها!؛ وتحلم وتطمح أنها ستسلمك رموز الشرعية لمحاكمتهم بحسب اتفاقية الطائف حسب تغريدة الغبي حسين العزي !؛ صحيح انها جاءت لصنعاء هذه المرّة وغصن الزيتون بيدها، لكن ما زل الحوثة بلا عقل وبلا تفكير وبلا تعلّم من دروس الثمان سنوات، اعتبروا أن مجيء السفير دليل على أن المملكة باتت لا تتحمل حرباً، وأنها خائفة من التهديدات المستمرة من قبل الحوثي ، وعليه عند الزيارة رفع الحوثي السقف، وأخشى عليه من الوقوع إلى الأرض، حيث زاد من المطالب المستفزّة، فأجل التقارب إلى حين!؛ وصدقوني سيأتي الحوثي إلى المملكة، وستفرض عليه ما تشاء، بالوقت الذي تشاء، وبالكيفية التي تشاء!
وخلاصة القول المملكة مستمرة بمسار دعم الشرعية والتنمية من جهة، وعارضة على المكونات السياسية اليمنية بما فيهم الحوثي كمكوّن-لا كمكوّر لجولة دموية جديدة من الصراع-، خارطة طريق للحل لتحقيق السلام، وتقول أنها فرصة لليمنين ينبغي التقاطها واستغلالها، وتمارس دور الوساطة فيها، وهي مستمرة بدعمها للجمهورية، والوحدة اليمنية، وسلطة مجلس القيادة الرئاسي المعبّر عنهما!؛
-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي