جنرالات العسكرية شرفاً وهزائم

د. محمد شداد
الجمعة ، ١٣ يناير ٢٠٢٣ الساعة ٠٣:١٣ مساءً

من خلال تتبعي لحياة الكثيرين من قادة العسكرية وعلماءها عرباً وأجانب وجدت منهم العلماء المبدعين في مجالات الحياة العسكرية والمدنية والعلمية حد أنهم صاروا أمثلة في تاريخ الحروب أمثال الألمان " إرفين رومل  وهاينز جوديريان" والروس أمثال "المارشال جورجي جوكوف والمارشال قسطنطين  روكوسوفسكي" قادة نصر الاتحاد السوفيتي ضد النازية الألمانية في الحرب العالمية الثانية..  ومونتجمري البريطاني والأمريكي دوغلاس ما كارثر أيضاً برزوا أثناء الحرب العالمية الثانية ضد الألمان والجنرال المصري عز الدين الشاذلي الذي برز في حرب اكتوبر ضد الكيان الإسرائيلي والجنرال العراقي نزار الخزرجي الذي تألق في الحرب العربية العراقية الايرانية في ثمانينات القرن الماضي..

وغيرهم من القادة الكثير الكثير الذين كتبوا وألفوا في علومهم وعلوم إنسانية وأدبية وتاريخية أخرى..

ولا أنسى عالم العسكرية الصيني " سون تزو" الذي ألف كتابه بعنوان "فن الحرب"  أطروحة عسكرية صينية كتبت أثناء القرن السادس قبل الميلاد أي قبل 25 قرن من الآن وترجم إلى عدة لغات ولا زال يدرس في كثير من الكليات العسكرية حتى اليوم ويعتبره الكثير من القادة مرجع حتى في علوم الإدارة والاقتصاد..

أبدع كل أولئك في مجالاتهم وفي علوم أخرى ليس في التناولة مجال لذكرها غير أن الظروف ساعدت البعض على النصر والبعض قادتهم إلى الهزيمة بل والمحاكمات والانكسار..

 وظلت أسماءهم تطرق مسامع كل من طرق شأن العسكرية وعلومها حتى الآن وستبقى إلى ما شاء الله..

إذن لم تكن العسكرية كما يعرفها عامة الناس تحديداً اليمنيون الذين حفظوا مقولة الزبيري رحمه الله عن عسكري الإمامة "وعسكريٌ بليدٌ للأذى فطن كأن إبليس للطغيان رباهُ" وأسقطوا ذلك على كل عسكري بعد الثورة ارتفع شانه أو قل تهكماً على محدودية القدرة الاستيعابية والعلمية لبعض الضابط لماذا؟..

هل لأنهم خُلقوا ناقصي عقلٍ وإدراك أم أن اختيارهم في المؤسسة العسكرية بتلك القدرات مقصود أم أن  الأقدار والضروف المعيشية ساقت الكثير ممن التحق بالكليات العسكرية وهم ذوي قدرات فأصبح الواحد منهم ضابطاً خارجاً عن إرادته وهو عبقريٌ قادر على الإبداع ليصبح رهين مقولة الزبيري التي قيلت في عسكري الإمامة الجاهل الفقير المتخلف حد أنه لم يعرف من حياته إلا الأذى والبطش بالآخرين لصالح نزواته وجلاده الحاكم؟..

في اعتقاد الكاتب أن معضلة العسكرية وآثارها في اليمن ليست كما يراها البعض إذ أن فيهم من لديه من القدرات والعقل والذكاء والإبداع والتميز ما لا يوصف ولن أذكر هنا أحد بعينه حتى لا يسقط من الذاكرة آخر، فيتحسس الكثيرون ولكن تضل المعضلة العسكرية في اليمن قائمة وقد تأرجحت بين عاملين..

 عامل الضروف المعيشية القهرية الصعبة التي دفعت بالكثير في اتجاه المؤسسة العسكرية، وكذلك الجهل وعدم القدرة على اللحاق بمجالات علمية أو مدنية أو الخوض في مجالات اقتصادية أخرى..

والأهم من هذا وذاك التوجه العام للقيادات السياسية والتي لم يحرص على اختيار الأوائل والمبدعين والمتميزين وحرصت على تشجيعهم بهدف للحاق بركب العسكرية كونها أشرف واجب يؤديه الانسان في حياته تجاه الوطن وكونها الدرع الحصين والمجال السامي لحماية أمن الشعب وسيادة الوطن  الذي يتطلب البناء والابداع في مجالات الدفاع والتصنيع العسكري وتربية القيادات على الانتماء الوطني والفداء والتضحية في سبيل الوطن..

 فتصدرها من الصنف الآخر محدودي القدرات درسوا في الداخل أم سافر للدراسة العسكرية خارج اليمن وتسلق بحكم القرابة والوساطة والعزوة والقبيلة...

 حتى أن محافظات كبيرة وشاسعة حرمت من اللحاق بالكليات والمدارس العسكرية وانحصرت في قبائل ومحافظات دون عدلٍ ومعايير في التولي والتمكين والإختيار والتوزيع..

 فأصبحت العوامل سالفة الذكر هي المعول الذي هدم البناء العسكري الهش فانهارت العسكرية بين عشيةٍ وضحاها وتفتت بعد أن أنفق الشعب عليها دماء قلبه واستقطع من نفقات متطلبات حياته الصحة والتعليم والبنى التحتية ليجد معظمه توزع بين متخاذل ومخذل وساعٍ وراء مطمعه الشخصي فحارب مع الشيطان لأجل التكسب الاقتيات..

وأخيراً  كل ما قيل في كفه وأن الجيش لم يبن الجمهوري تحديدا المتاخر منه على أسس وطنية ولم يتم تربيته على قيم الثورة والنظام الجمهوري ومحاربة الظلم والوقوف في صف الشعب عند تعرضه للظلم وبناء دولة العدل المساواة بين الطبقات دون تمييز على أي أساس عرقي جهوي أو مذهبي كفةً أخرى..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي