خطاب الرئيس .. ونكبة أوروبا الحروب

د. محمد شداد
السبت ، ٠٥ نوفمبر ٢٠٢٢ الساعة ٠١:٠٠ مساءً

معيار نكبة اليمن في معاير نكبات الشعوب أثناء الحروب ومغادرة الحكومات الوطنية لأراضيها ولجوءها إلى دولٍ أخرى هي الأخف والأقل وطئاً منها لأن لديها المنطلق للتحرير من أراضيها وجيشها الوطني والالتفاف الشعبي والدولي من حولها ولازال معها كونها السلطة الشرعية التي ارتضاها الشعب وضحى معها بكل غالٍ ونفيس... لجأت القيادة الفرنسية  إلى بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية واكتساح النظام النازي الألماني لها ولم تتحرر إلا بتحالف قوة دولية كانت هي الأبرز والأقوى في زمانها أمريكا رزفلت وبريطانيا تشرشل ولم يكن الشعب الفرنسي ليقدر على ذلك لولا تدخل تلك القوى.. دول الشرق الأوروبي كانت كلها قد سقطت حكومات وشعوب تحت وطأة الجيش النازي نفسه  ولم يتم تحريرها إلا بزحوف الجيش الأحمر الاستاليني من الشرق بقيادة أساطير العسكرية الروسية  المارشال "جيورجي جوكوف" والمارشال " قسطنطين روكوسوفسكس"  واصلت الزحوف عبرها حتى سقوط الرايخ وهزيمة ألمانيا في الثامن من مايو 1945م توقف إطلاق النار بعد ست سنوات من حربٍ عالميةٍ خلفت   وراءها ستين مليون قتيل وثمانين مليون جريحٍ ومعاق ناهيك عن الخراب الذي حل بنصف المعمورة..  كما لجأت دولة الكويت الشقيقة إلى المملكة العربية السعودية أميراً وحكومة أثناء الغزو العراقي لها ولم تُستعاد إلا بتحالف دولي تكون من ثلاثين دولة على رأسها ثلاث دول عظمى هي الأكبر ودائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وبلغت تكلفة الحرب 600 مليار دولار..  إذن لم كن اليمن اشتثاءً في نكبته الأخيرة وخيانة من وثق الشعب اليمني بهم حتى جلبوا لها الأعداء لدمارها هويةً أرضاً بنيةً وإنسان واستولوا بغدرٍ محكم على جيشها بكل ما يملك ومؤسساتها وقاعدة بياناتها الحكومية وبنوكها ومخزونها المادي الذي بلغ حينها أربعة مليار دولار وترليون و600 مليار ريال يمني كلها انتهبت واصبح الموضف الحكومي يبحث عن راتبه المفقود ليقتات.. تعرضت القيادة للتبعثر والشلل وبدأت البناء من الصفر من مأرب وتعز وعدن وكل الجبهات حتى بنيت الجيوش ولولا اختلاط الأوراق وتعدد الأهواء وظهور المستبطنات تحت العباءات لحسم الشعب اليمني أمره من وقت مبكر تعطل الخطاب السياسي تسب سوء  اختيار حاملي ملف القضية اليمنية بالتعثر  فتم التدخل في اتخاذ القرار وإدارة السياسة الخارجية والمؤسسات الداخلية في عمومها والخاص.. ولم تشعر الأمة باستعادة روح القيادة والخطاب السياسي الواعي والرصين بلغةً عميقة مفهومة في المحافل العربية والدولية إلا بعد تولي الدكتور رشاد العليمي الذي عكس روح اليمن العربية الحقيقية، الرجل الأمني والأكاديمي وأحد خبراء وعرابي السياسة اليمنية  بعد قطبيها د. عبدالكريم الارياني وعبدالعزيز عبدالغني إذ بعد رحيلهم أضاع المبصر نظارته وعصاه وأقعدنا على المنحدر الأخطر في تاريخ اليمن المعاصر.. عادت كل دول الحرب العالمية الثانية إلى سابق عهدها واستقرت بل استفادت من تلك الحرب الكثير من الدروس أهمها مبدأ التعايش العادل بين كل مكونات المجتمعات على اختلاف مشاربها الفكرية والدينة والعرقية وحُلت الخلافات فيما بينها بالطرق السلمية بسيادة القانون والإيمان الصادق بمبدأ احترام القيادة وأهمية الدولة واتجهت للبناء والتركيز على أهمية الفرد وترقيته كونه الثروة الأهم تظاهي ما تمكلة الدول الريعية قاطبة.. وكذلك حتماً ستعود اليمن إلى أفضل مما كانت عليه بعد أن بانت الورمات والعقد العرقية والمناطقية والإيديولوجية والمذهبية وبمراهم الصبر والسياسة ستزول الجروح وسيؤمن اليمني كأطنابه في العالم الحر بأن خيارات الحرب والصراع كوسيلة للوصول إلى السلطة وحل الخلافات ليست الحل وإن اعتبرها البعض موسماً للفيد ومصدراً للاقتيات غير أن مآسيها وآثارها على كل الصعد هي الكفيلة بإيقاض العقل وصحيان الظمير والتوقف ملياً عند محطات الدولة والجمهورية والنظام العادل  والايمان المطلق بها وبضرورة وجودها لحماية المجتمع من الجرائم وحفظ مصالحة الاقتصادية من النهب والفساد وحماية أمنه القومي من العمالة والاختراق..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي