مقدمة إيضاحية ١- أنهيت كتابة هذا المقال قبل سماع كلمة فخامة الرئيس رشاد العليمي أمام هيئة رئاسة البرلمان ورؤساء اللجان البرلمانية والذي وضع فيه النقاط على الحروف لكل القضايا المثارة والتي تواجهها الشرعية، ويحتاج لرؤية تحليلية، تبين الخطوط العامة للسير والمسار، في نهجه ومجلس الرئاسة.
٢- ما يدفعني لما أقول وأكتب دوماً، هو عودتي لمنهج العقل والفكر، والتدبر والتغيير، الذي يبدأ بالنفس، وليس منهجية التجييش والشعبوية والغوغائية، التي تخاطب عاطفة الناس وتثيرهم، متجاوزة الواقع وتأثيراته، لأني عاصرت فترة التجييش والشعبوية والغوغائية، بأبعادها القومية واليسارية والصحوة الإسلامية. وكنت من دعاتها ببعديها القومي والإسلامي، وعاصرت وعشت المسار الذي قادتنا له، والوضع الذي أوصلتنا له، ونحن اليوم نعيش مأساة نتاجها.
٣- هناك قاعدة طبية تقول دون التشخيص الدقيق للمرض، ودون اعتراف المريض بمرضه، ورفضه استخدام العلاج، لن يشفى من مرضه ،وهي قاعدة تعكس نفسها على أمراض وعلل المجتمعات، والشعوب، والدول، ووسائل علاجها، وسماها الله بوحي تنزيله بقانون التغيير ﴿لَهُۥ مُعَقِّبَـٰتࣱ مِّنۢ بَیۡنِ یَدَیۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ یَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُغَیِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ وَإِذَاۤ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمࣲ سُوۤءࣰا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ﴾ [الرعد ١١]، ﴿ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ یَكُ مُغَیِّرࣰا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ﴾ [الأنفال ٥٣].
جذور ومسببات الصراع والحروب اليمنية. من غير التشخيص الدقيق للعوامل المختلفة والصانعة لحروبنا ومآسينا لن نستطيع الخروج منها وتتمثل إجمالاً بما يلي:
١- الهروب من المسؤولية وتحميلها الأخر، وما تُعرف بالقابلية، كظاهرة ثقافية وسلوكية نمارسها بإدمان، تبعدنا عن المعالجة الحقيقية والموضوعية، لأزماتنا وحروبنا، والكامنة فينا وقابليتنا، وفق قانون الله ( قل هو من عند أنفسكم).
٢-الصراع وحروب الكراهية، هي إشكاليتنا الأزلية، فلا نخرج من حرب حتى ندخل أخرى، وترتكز الجذور والأسباب لذلك بمنهجية ثقافية واحدة، مهيمنة على عقول الجميع، هي ثقافة عدم التعايش، وعدم القبول بالأخر، وهي قائمة على جذر مؤسس واحد، هو الثقافة المغلوطة للعقل الجمعي المُكَوّن لليمنيين، بأبعادها الدينية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، ويمكن حصر أهم عوامل تشكيلهابما يلي:
١-ثقافة هجر القرآن، ومنهج الرحمان للتعايش والتعارف، والأخوة الإيمانية، وهذا العامل هو المؤسس لبقية العوامل. ٢-ثقافة الجذور المذهبية للفقه المغلوط.
٣-ثقافة العنصرية القرشية والهاشمية ببعديها السني والشيعي المؤسس للهيمنة على السلطة والثروة.
٤-ثقافة القبلية والمناطقية.
٥-ثقافة الفيد والغنيمة.
٦- ثقافة الولاء للغير.
٧-ثقافة المعادلة الصفرية (الغاء الأخر بالكلية) وهو المنهج الشيطاني.
٨-ثقافة الذاتية وتصدر المشهد، داخل المكونات المختلفة، لذات التوجه الواحد، عند الإسلاميين والقوميين واليساريين.
٩-ثقافة الهيمنة على السلطة والثروة.
١٠-جذور ارتباط النشأة الحزبية للأحزاب والمكونات السياسية، بمختلف عناوينها بتأثيرات الخارج.
١١- غيبة ثقافة الشورى (الديمقراطية) عند الأحزاب والمكونات.
١٢-ثقافة الارتباط والتمويل الخارجي، للكثير من منظمات ونشطاء المجتمع المدني. هذه الجذور والعوامل والأسباب عملت وتعمل على تغييب حضور وبناء شرعية الدولة، ومحاربتها، بهدف استبدالها بسلطة العصبية والعنصرية.
السير في حقل الألغام. وسط تأثيرات كل هذه الجذور العاصفة، وارتباطاتها وتشبيكاته وتشابكها، داخالياً وإقليمياً ودولياً،تحركت الشرعية السابقة بقيادة الرئيس السابق هادي، وتتحرك الشرعية اليمنية الحالية، بقيادة رئيس مجلس القيادة، فخامة الرئيس رشاد العليمي، ومعه اعضاء المجلس ، ولا مخرج لليمنيين من كل هذا غير الإلتزام بمنهجين وتوفر ضمانتين.
أولاً: بخصوص المنهجين.
فالأول: منهج الولاء للشرعية، واليمن الجمهورية والثورة والوطن، ومشروع بناء اليمن الجديد، بمخرجات الحوار الوطني، والدولة الاتحادية، والمواطنة المتساوية، والتوزيع العادل للسلطة والثروة.
ويكون هذا الولاء أقوى إن لم يكن متجاوزاً كل العصبيات والانتماءات والثقافات المغلوطة، والحزبية، والمناطقية، والقبلية، والولاء للغير. والثاني: منهج التغيير.
والذي يعتمد على مشروعه السياسي، والديني. ١- المشروع السياسي للتغيير:
والذي يبدأ سياسياً باستعادة شرعية الدولة الوطنية من الانقلابيين، من خلال التمسك بالشرعية اليمنية، والنظام الجمهوري، ووحدة الأرض والشعب، وهو ما أجمعت عليه الشرعية الوطنية والإقليمية والدولية، وبقيادة فخامة الرئيس رشاد العليمي ومجلس الرئاسة، والتمسك بمشروع مخرجات الحوار الوطني وبناء الدولة الاتحادية، وفق مخرجات الحوار الوطني، والقرارات الدولية، وتجاوز طبيعة المحاصصة بتقديم الولاء للمكونات، على حساب مشروع الدولة والوطن، أو تقديم ولاء الأشخاص على القدرة والمقدرة والكفاءة، وعدم القبول بالأخر والتعايش، فهذا النوع من المحاصصة، لا يبني دولة ولا شرعية، ولا وطن ولا مكونات سياسية، ولا استقرار ولا تنمية ، ولبنان والعراق نموذج ذلك، وعلى القوى السياسية أن تدرك جيداً أن هذا هو مخطط رأسمالية التوحش في المنطقة.
وهدف هذا المشروع استعادة الدولة من الانقلاب، وبناء يمن المستقبل بدولته الاتحادية وركيزتها المواطنة الواحدة، والتوزيع العادل للسلطة والثروة.
٢- المشروع الديني للتغيير.
كل مشاكلنا ذات العناوين الدينية مؤسسة على مرويات منسوبة كذباً لوحي الله ودينه ورسوله وعلى رأسها الإمامة والولاية.
ولذا نحن بحاجة لمشروع تغيير للمفاهيم المغلوطة للفقه المغلوط، فلا وجود لتطرف او اعتدال أو وسطية في دين الله فدين الله حق واضح بكتابه الذي حمل موازين العدل، في موازين الكون والإنسانية والعلاقات بين الأمم والشعوب، وهو لا يحمل شقاء الإنسانية وتخلفها، بل سعادتها واستقرارها، هي قطعاً مفاهيمنا الفقهية التي حملت مسميات التطرف والوسطية والاعتدال وهي التي بحاجة لإعادة صياغة تربط بالوحي الصادق والدين الحق والعصر.
وهذا المشروع من نظري له بعدين:
الأول: فضح الفقه المغلوط، بتفنيد مروياته الزائفة، وعلى رأسها الإمامة العنصرية والمذهبية، وذلك من خلال تفنيد مروياته، وعدم وجود لمرجعيتها وأساسها الديني، سواء في القرآن، وصحيح سنته عليه الصلاة والسلام. الثاني: استعادة كتاب الله ودينه الحق بوحيه، بمشروع ديني وثقافي وتعليمي متكامل يعالج كل عناوين الجذور والعوامل المقسمة للمجتمع فقهياً -لا دينيا- على مستويات الفرد والمجتمع والشعب.
وأما ما يخص الضمانتين:
فالأولى: توحيد رؤى ومشاريع قوى مجلس الرئاسة، وكل القوى الوطنية حول الشرعية اليمنية، ومخرجات الحوار الوطني، ومشروع اليمن الاتحادي، وتحالف دعم الشرعية والتوجه نحو اسقاط الانقلاب.
والثانية: دعم تحالف دعم الشرعية، اللا محدود، لرئيس مجلس الرئاسة والمجلس، والحكومة، بكل ما يساعدهم، على توحيد الصف لاستعادة الدولة، من الانقلاب، وفق المرجعيات المتفق عليها، ودعم الاقتصاد، والتنمية، واعادة الاعمار . د عبده سعيد المغلس ١٣ أغسطس ٢٠٢٢
-->