الجنوب هل يعيد التاريخ نفسه

عبدالناصر العوذلي
الخميس ، ٠٩ يونيو ٢٠٢٢ الساعة ٠٥:١٦ مساءً

الجنوب الذي لا يتسع لأبنائه ليس جنوبنا  الذي كنا نتوق إليه، بل هو  جنوب مخصص لأشخاص ومناطق وفئات بعينها .

الجنوب الذي يقصي أبين وشبوة وعدن لا يمثلنا بل يمثل مناطق تظن انها وصلت إلى مرحلة يمكنها أن تتنفذ منفردة وهذا من عمى القلوب قبل البصر  فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور . 

إن  من يدير هذا المشهد الإقصائي لا يعبر  عن طموحات أبناء الجنوب بل يعبر عن رغبة استحواذية وسيطرة لفئة تريد أن تفرض سيطرة مطلقة على الجنوب الذي ينادون باستقلاله .  ولكنه جنوب مبتور قاصر منتقص  .

أبناء أبين وشبوة وعدن وحضرموت والمهرة وسقطرى هم نسيج إجتماعي من الصعب إختزاله او تجاوزه فهذا لعمري قمة الخبال وقلة العقل وعدم  فهم أبجديات السياسة بل هو العقم السياسي وعدم القدرة على فهم المعطيات على الساحة .

إذ  كيف يعقل بمن ينادي بالحرية والإستقلال أن يحدث خللاً في التركيبة السكانية ويتجاوز فئات مجتمعية أصيلة وينحصر بطريقة قروية في مربع واحد وتيار  واحد وهو يعلم أنه بهذا العمل الغير سوي  يدق إسفين في جدار الصف الجنوبي .

هل يعيد التاريخ نفسه ففي عام 1994 وأثناء الأزمة بين المؤتمر  والإشتراكي تواصلت قيادات عسكرية من ابين وشبوة برموز إشتراكية كانت آنذاك هي الشريكة في الحكم والقيادة من أجل العمل على توحيد الطاقات العسكرية الجنوبية، لكن للأسف  رفضت تلك القيادات الإشتراكية السماح لقادة أبين وشبوة أن يكونوا جزءا ً من الجيش الجنوبي في الوقت الذي هم  احوج فيه إلى التلاحم ولكن قصر النظر وعدم تقدير المصالح  والمفاسد ،هو ماجعل البيض ورفاقه آنذاك  يقصون أشقائهم من الشراكة. 

وكان هذا انعكاس إيجابي للطرف الأخر وهو عفاش الذي التقط هذه الفرصة و فتح لأبين وشبوة آفاق واسعة من الإحتواء واستطاع بحنكته تغيير المعادلة السياسية والعسكرية وتم تثبيت الوحدة وهزيمة الانفصال !!

ما أشبه اليوم بالبارحة إذ يتم إقصاء أبين وشبوة تحديدا وتجريف المؤوسسات والهيئات والوحدات العسكرية منهم بطريقة لا تدل على استراتيجية وطنية بل تدل على عمل قروي ممنهج وتعميق الهوة بين الجنوبيين وهذا ينعكس على الطرف الآخر ويتم استثماره كعامل من عوامل ترجيح الكفة وهاهي معسكرات تجنيد أبناء أبين وشبوة تحت إطار الوية اليمن السعيد .

ماذا يجري وكيف يفكر الجنوبيون؟

هل يعي المجلس الانتقالي  خطورة  إقصاء أبين وشبوة في هذه المرحلة ؟

وهل يدرك مآلات أمر كهذا  على لحمة المجتمع الجنوبي ؟

يخطىء الإنتقالي كما أخطأ الاشتراكي سابقا حين اشترط قبل الوحدة في 90  إقصاء قيادات أبين وشبوة .

 وفي 94 رفض احتوائهم  واليوم تعاد الكره  .

هل عقليات  اليوم هي جزء من عقليات الأمس  أم هي الجينات السابقة تتصرف وفق الجين المناطقي ؟

لا أستطيع القول إلا أن السياسة القائمة في الجنوب بعيدة كل البعد عن البناء لمجتمع متكامل متعاضد متساو في الحقوق والواجبات، بل إنها سياسة لا تخدم إلا مجموعة تحاول أن تقول أنها هي الجنوب  وماعداها بلا هوية ...

الحجر الصحفي في زمن الحوثي