الشباب المؤمن من الزيدية المعتدلة الى الجعفرية الصفوية الكهنوتية

عبدالناصر العوذلي
الاثنين ، ٣٠ مايو ٢٠٢٢ الساعة ٠٦:٣٧ صباحاً

 

الحوثيون،  وما أدراك مالحوثيون،  هم جماعة راديكالية يمينية متطرفة، تحمل مشاريع وأجندات غير وطنية، وترتبط بالحوزة الصفوية، وبالمرجعية الشيعية، الجعفرية، وهي تحمل الولاء للولي الفقيه، في طهران، على اعتبار أنه إمام الزمان، في ظل تواري  الإمام  الغائب .

نحن اليمنيون لا نختلف مع الجماعة  الحوثية سياسيا فلو أنها سلكت المسلك السياسي فسيكون شأنها شأن التنظيمات والأحزاب السياسية الأخرى  .

وسواء اختلفنا معها او اتفقنا معها  فالسياسة أفق واسع وهي فن الممكن ، وقد نتواءم معها كجزء من العملية السياسية في البلاد  .

خصوصا ونحن بلد تعددي وديمقراطي  والعملية السياسية في اليمن فيها أحزاب اليمين واحزاب اليسار والليبراليين والعلمانيين ، وهذه الفسيفساء السياسية قامت عليها الوحدة اليمنية .

  والديموقراطية هي المعيار  السياسي العام حتى وان كانت الديمقراطية في بلدنا ناشئة ولم ترقى الى مصاف الديمقراطيات المتقدمة لكنها بداية لبلد جمهوري  يقع في أقصى جنوب الجزيرة العربية. 

إذاً  ماهو وجه الخلاف مع هذه الحركة  ؟

خلافنا  مع هذه الحركة هو خلاف عقدي وفكري وأيدولوجي  فهي حركة قائمة على المذهبية المستمدة من الحوزة الصفوية، رغم  أنها كانت تدعي انها جزء من المذهب الزيدي لكن الحقيقة التي تجلت أظهرت انها حركة شيعية إيرانية  حتى وإن هي خرجت من رحم المذهب الزيدي لكنها تبلورت منه الى الجارودية وهذه هي  انشقاق إثني عشري من المذهب الزيدي .

نعم إن خلافنا كيمنيين مع الحركة الحوثية خلاف العقيدة والمنهج فالشعب اليمني في تركيبته السكانية يعتبر[ 85 % ]   من المذهب  السني  بينما تشكل    الطائفة الزيدية مانسبته 15 % من إجمالي سكان الشمال   وتشكل الحوثية  أقل من  [1%]  من نسبة الخمسة عشر  في المائة  وهي النسبة  المئوية الزيدية  وكل من التحق بالحوثية  في السنوات الأخيرة  إنما التحق بها   لأغراض مادية صرفة بعيدة عن الإيمان بفكرها  . .

ولذلك منذ أن تأسست حركة الشباب المؤمن بعد حرب صيف 94 كانت الحركة في بدايتها وفي ظل رئاسة الأستاذ محمد عزان لها ،فإن الحركة ظاهرها كانت  لإحياء التراث الزيدي ورفد المدرسة الزيدية في مواجهة المدرسة الأخوانية المتمثلة في حزب الإصلاح  والسلفية المتمثلة في جماعة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي وقد استطاع بدر الدين الحوثي  وحسين بدر الدين الحوثي أن ينتزعا موافقة من الرئيس صالح في تشكيل جماعة الشباب المؤمن ودعمها من قبله .

 وأذكر أن المؤسس الى جانب محمد عزان كان محمد بدر الدين الحوثي وفليتة وعلي الحاكم والرزامي  بينما كان الإشراف العام يتمثل في بدر الدين الحوثي وولده حسين الحوثي وهما المرتبطان بالحوزة الشيعية في طهران  ..

من وجهة نظري أن هناك عناصر زيدية  وسطية كانت تظن أن الحركة قائمة للتجديد في أصول المذهب الزيدي وإحيائه وإعادة روح الحياة إليه بعد أن أفل في بداية التسعينات وهي ماسميت بفترة الصحوة حيث انشر المذهب السني وسيطر على اغلب مساجد اليمن .

 غير أن هذه الشخصيات إصطدمت بفكر بدر الدين الحوثي وحسين الحوثي وجعفريتهما الإثني عشرية فغادرتها وتوارت عنها في بدايتها وكان أبرز  المنشقين عنها احد كبار  مؤوسسيها ألا  وهو محمد عزان الذي اختط لنفسه خطا" بعيد عن هذه الحركة .

 ومؤخرا انشق عنها الأستاذ صالح هبرة وهو أحد منظريها وقياداتها  واعتقد جازما أن هذين القياديين عرفا أن الحركة تسير في نفق الملالي بمشروع سلالي لايحمل الصفة الوطنية بل ويجرف الهوية اليمنية العربية مشروع غير يمني يختزل الولاء والإنتماء للأرض اليمنية ويذهب بعيدا الى حضارات غابرة محاولة إحياء فارس وقوميتها في بلاد الإيمان والحكمة. 

واعتقد أن هذا ماجعل الحركة غير متوائمة مع المجتمع اليمني وعمق الهوة بينها وبين الشعب اليمني على اعتبار انها تضع نفسها عرق انقى ونسب أرقى وأن لها  اصطفاء إلاهي  وإرث نبوي  وأن اليمنيين تابعين ليس لهم من الأمر إلا الإنقياد في دعة  وخنوع وهذا ما لا يستطيع الشعب اليمني أن يتقبله  .

ولذلك نقول ان خلافنا مع الحوثيين ليس خلافا سياسيا فالسياسة أفق واسع بل أن  خلافنا معهم  خلاف العقيدة  نظرا لما تحمله هذه الحركة من  مذهبية مقيتة  تحمل خيث فارس  وحقد ملاليها ومحاولتهم العودة الى حكم اليمن من خلال التدليس بالمذهب المناصر لآل البيت وهم ابعد مايكونوا نصرة لآل البيت  . .

إيران عبر هذه الجماعة تريد العودة الى صنعاء واليمن بشكل عام والتحكم في مياهه الدولية والإقليمية من خلال محاولتها السيطرة  على مضيق باب المندب والجزر الاخرى لترسم هلالها الشيعي وليكون اليمن نقطة إنطلاقها نحو الجزيرة والخليج وصولا الى مكة المكرمة والمدينة المنورة وهي تسعى من خلال أذنابها الحوثيين أن تكون جارة للمملكة العربية السعودية من جنوب الجزيرة العربية  . 

لا اعتقد أن هناك آفاق للسلام مع الحوثيين  لسبب بسيط وهو أنهم وصلوا الى مرحلة من التخمة والإنفراد بخيرات البلاد التي تحت أيديهم ولا اعتقد انهم سيتنازلون عما حققوه خلال فترة الثمان السنوات .

وأيضا لا مجال عندهم للشراكة السياسية ولن ينزعوا سلاحهم فهم بغير سلاح لا يساوون شيء وسينقض عليهم المجتمع اليمني الذي أجاعوه ونهبوه وقتلوا خيرة أبنائه  ..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي