اليمن بين قرارات الحرب و خيارات السلام

عبدالناصر العوذلي
الخميس ، ٢٣ ديسمبر ٢٠٢١ الساعة ٠٧:٣٤ صباحاً

 

السلام وإيقاف الحرب غاية لكل يمني ويمنية ذلك ان اليمن واليمنيين قد وصلوا الى مرحلة من التردي والتشظي التي لم يسبق ان وصل لها المجتمع اليمني منذ عقود . 

ولكن السلام المنشود هو السلام الذي يؤسس لدولة يتكامل فيها كل أبناء اليمن و يتساوى فيها الجميع تحت مظلة القانون وسيادة الدولة .

  من وجهة نظري أن الشرعية فشلت في استعادة الدولة وفشلت في حسم المعركة واستمرأت العيش الرغيد بعيدا عن هموم الوطن والمواطن وتركت الأمر للعابثين وللأجندات الخارجية التي تعبث بكل شيء، ولأن هذه الشرعية المترهلة قد استأثر بها المنتفعين والوصوليين  وأقصت عنها الوطنيين وكل المخلصين وتقوقعت حول نفسها .

لكن في المقابل وفي الضفة  الأخرى هل سيقبل الإنقلابيين الحوثيين بمبدأ السلام الشامل الذي يبنى على أساسات متينة ويؤسس لشراكة سياسية متكافئة ويقبلوا بالديمقراطية وصانديق الإقتراع ؟

من هنا يجب إيجاد رؤية واضحة وتصور شامل للسلام  ودراسة مستوفاه عن انماط السلام وركائزة ومداميكه، وماهي رؤيتنا نحن كيمنيين شرعية  وحوثيين واحزاب فئات مجتمعية  للسلام .

الحوثيون جماعة سلالية لديها مشروع سلالي عقائدي وتنظر للمستقبل من زاوية المذهب الذي يختزل الإسلام في فئة ترى أنها صاحبة الحق المطلق والإصطفاء الإلهي وان لها حق الولاية، وهي بهذا التصور السقيم تلغي الشراكة السياسية وتحجب الحق السياسي للتنظيمات والتيارات السياسية الأخرى .

 لأنها من زاويتها المذهبية  الضيقة تؤسس لإمامة وسلطة مطلقة لاشراكة فيها لأحد وهم بذلك ينطلقون من مقولتهم الشهيرة  من الحديث المكذوب على   الرسول صلى الله عليه وسلم  الذي يقولون فيه 

 《 انا مدينة العلم وعلي بابها 》ومن هنا يتضح فكرهم الإستحواذي والتسلطي وإغلاق الباب أمام  الأخرين فالنبي والدين والاسلام حق مكتسب لا نزاع فيه .

ومن خلال ماتقدم أقول أن السلام غايتنا نحن اليمنيون ولكنه ليس غاية ولا هدف للسلالة الرسية فكيف سنمضي في سلام وهم أي الحوثيين لا يتعاطون مع مفهوم السلام ، ويرون أنهم أصحاب حق وولاية . 

   فكيف إذا"  لجماعة وصلت الى سدة الحكم بطريقة لم تكن تحلم بها وامتطت لذلك عدة  متناقضات  ولعبت على كل التباينات ووصلت الى صنعاء وسقطت في يدها  دون جهد ولا مقاومة انفرط عقد صنعاء بل وتزينت لهم كعادتها التي لاترد غازيا  وبعد أن احكمت الجماعة سيطرتها ورأت ملامح  الإمامة والحكم قد بدأت تباشيرة تلوح في أفقهم ،

   ثم نقول لهم بعد ذلك تخلوا عن حلمكم وسلموا سلاحكم وتحولوا الى حزب سياسي منزوع السلاح ، وإقروا بالتعددية الحزبية والديموقراطية وارسوا دعائم النظام والقانون واقبلوا بالسلام .

 الحوثيون  يعلمون انهم بغير السلاح لايمكن أن يكون لهم وجود لأنهم في الأساس جماعة أيدولوجية مسلحة وليست جماعة سياسية، ومن هذا المنطلق اعتقد ان دعوات السلام  ستصطدم  بصمم وعدم قبول من جانب الحوثيين الذين أثخنوا في دماء اليمنيين ويخشون الإنتقام من القبائل التي انتهكت الجماعة حرماتها .

 السلام ليس من اولويات الجماعة الحوثية خصوصا وهم يرون أنهم  يحكمون السيطرة على الأرض  وهجماتهم مستمرة على مأرب وتعز وشبوة وبقية الجبهات وهم في طور المهاجم والشرعية على مدى سبع سنوات في طور الدفاع وهي مدعومة بتحالف يضم  أقوى دول المنطقة.

 ومن وجهة نظري أن الحوثيين أدركوا أن التحالف العربي قد سلك مسلكا إقتصاديا بعيد كل البعد عن حسم المعركة .

ثم كيف سيجنحون للسلم وهم  يرون  أن الشرعية متخمة ومترهلة وتمضي في مشروع غير مشروع التحرير،  واستعادة الدولة .

والحوثيون يلعبون على كل التباينات والمتناقضات ويؤسسون على الأرض لدولة إمامية والشرعية غائبة  وخارج الغرافيا اليمنية تتناوشها مصالح الأحزاب المترهلة العجفاء التي وصلت حد التخمة .

السلام المنشود يجب أن تتوفر له المعطيات على الأرض والتوافقات السياسية والتخلي عن المشاريع الفئوية ونبذ الأجندات الخارجية والتوجه نحو بناء يمن يتسع للجميع خالي من الإيدولوجيات الهدامة والمستوردة من دهاليز أنظمة ودول أخرى

الحجر الصحفي في زمن الحوثي