في ظل التدهور المتسارع للريال اليمني،والتضخم الجامح على السلع والخدمات الأساسية يتساءل الكثيرين عن من يقف وراء هذا الانهيار ففي غضون أيام فقد الريال اليمني 30% من قيمته لم يحدث هذا في تاريخ العملة اليمنية بل لم يحدث في مارس 2015م عندما بدأت الحرب.
يوم "الأربعاء الأسود عند البريطانيين في العام 1992م ترجمها جورج سوروس إلى "يوم الأربعاء المذهل".
فقد الجنيه الاسترليني في ذلك اليوم 25% من قيمته امام الدولار الأمريكي وأنفقت الحكومة البريطانية 27 مليار جنيه للحفاظ على سعر صرفه أمام العملات الأخرى، لكن دون جدوى.في نفس اليوم كان جورج سوروس في الضفة الأخرى من بورصة لندن يحتسي الشراب مع مجموعته منتظرين ساعة الصفر..بعد أن خططوا لشراء ما سوف تتدخل به الحكومة من العملات لدعم سعر صرف الجنيه الاسترليني ،والذي كان سعره ثابت أمام الدولار والمارك الالماني ،ولكن نتيجة الاختلالات التي شهدها الاقتصاد البريطاني آنذاك فلم يكن سعر صرف الجنيه حقيقاً،وإنما بأقل مما هو عليه حيث كان على الحكومة إما تخفيض قيمته أو تعويمه لإصلاح الوضع.
دعونا نفتش عن "سوروس اليمن" في النصف الثاني من العام 2015م،بعد مضي شهور عن بداية عاصفة الحزم كنت اتبادل الحديث مع أحد مالكي شركات الصرافة حول اسعار الصرف وأين ستتجه في ظل الحرب الدائرة في البلد ،والمشهد السياسي والاقتصادي، القاتم ، كان من ضمن ماقاله لي: ان هناك نقد من فئة الأف ريال جديدة تدخل السوق بغرض شراء الريال السعودي،وبمبالغ مهولة- للعلم كان الصرافين حينها لايقبلون بفئة الالف الريال الغير نظيفة مقابل ببيعهم عملات أجنبية وكان حينها أيضاً البنك المركزي اليمني يفرض عمولات على إيداعات الريال اليمني بالفئات الصغيرة ،ويرفض قبول فئة الخمسمائة ريال إذا كانت غير مرتبة ونظيفة ولا يقبل مئات الملايين المورده لخزينته لذات السبب !!
المهم في الأمر أن الريال السعودي أختفى حينها وبشكل مفاجئ من السوق مقابل النقد الجديد من فئة الف الريال،كان الجميع يستغرب هذا الأمر لماذا هذا الاقبال على شراء الريال السعودي؟!ولأننا لم نكن نعرف بعد عن "جورج سوروس" اليهودي الأصل الذي وصفته الصحف الغربية بأكبر مضارب بالعملة في التاريخ مرغ أنف بريطانيا في يوم الأربعاء الأسود 16 سبتمبر 1992م اليوم الذي لم يستطيعوا نسيانه البريطانيون لخساراتهم المليارات فيه –ونحن لم نكن لنعلم لماذا اختفى الريال السعودي!!
ضخ بن همام والقعيطي -كما فعل وزير المالية البريطاني حينها- اكثر من مليار دولار(نقداً وفي الحسابات بالخارج) من الاحتياطيات النقدية المتوفرة لدى البنك المركزي اليمني خلال عامي 2015،2016م إلى السوق الموازية للحفاظ على سعر صرف الريال وبعضها بيعت بالمزادات العلنية بطريقة كلاسيكية تفتقر إلى قليل من المنطق في ظل بلد لاتكفيه احتياطياته لاستيراد ماياكل لأكثر من شهرين .! احدهم ممن رسى عليهم مزاد من مزادات القعيطي اشترى في يوم واحد 10 مليون دولار.
في روايته لتفاصيل ما حدث يوم الأربعاء الأسود يقول جورج سوروس "عندما خرج وزير المالية البريطاني "نورمان لامونت" قبيل قرار تخفيض العملة ليقول إنه سيقترض ما يقرب من 15 مليار دولار للدفاع عن الإسترليني، كان الأمر ممتعاً بالنسبة لنا لأننا كنا نرغب في شراء ذلك المبلغ بالضبط".
تم تعويم المشتقات النفطية في أغسطس 2015 بعد أن بلغ سعر الدبة (عشرين لتر) قرابة 20 الف ريال بدلاً من 2500 ريال والبرميل الديزل(200 لتر) اكثر من 200 الف ريال بدلاً من 20 الف ريال ،كانت المشتقات النفطية تستنزف من موارد النقد الأجنبي بمتوسط 2.5 مليار دولار سنوياً خلال الثلاثة الأعوام قبل الحرب،وهذا معناه أن المستوردين سيشترون بعد تعويم المشتقات النفطية مايقارب 2.5 مليار دولار شهرياً من السوق الموازية، وفي هذه الحالة سترتفع اسعار الصرف بنسبة عالية هكذا حسبها أصدقاء "جورج سورس" الذين اشتروا الريال السعودي والدولار الأمريكي مقابل الألف الريال الجديدة ولهذا السبب عرفنا لماذا أختفى الريال السعودي حينها. فقد أرتفع سعر الصرف بعد مضي 7 أشهر من قرار التعويم ليقترب من 300 ريال للدولار الواحد ويفقد الريال 40% من قيمته.بينما ربح اصدقاء سورس مئات الملايين من فارق سعر الصرف.
حاول "جون ميجر" رئيس الحكومة البريطانية حينها رفع سعر الفائدة مرتين خلال يوم الاربعاء الأسود لكنه لم يفلح فقد رأى "سوروس" ومجموعته أن رفع أسعار الفائدة ما هي إلا سكرات رجل يحتضر، وتوقعوا أن تضطر بريطانيا لخفض قيمة عملتها أو تعويمها. وبالفعل هذا ماحدث .تم التعويم.
أصدقاء "سورس" من يخطط ويستغل ويترقب قرارات البنك المركزي اليمني اليوم ويستبقها بالشراء أو البيع ليكسبوا من وراء تلك العمليات صفقات مهولة. العرض والطلب الحقيقي للعملة منعدم والمضاربون (قد يكونون محلات صرافة أو أشباح يمثلون اطراف صراع) فقط هم من يفتعلون تلك الارتفاعات القياسية للعملة... المهم ليسو تجار ومستوردين.
كسب جورج سوروس في يوم الاربعاء الاسود مليار دولار وخسر جون ميجر رئيس الحكومة منصبه.
فإما حلول متكاملة (سياسات نقدية ومالية ) أو مضاربون يسودون كل أيامنا.
يعتقد البعض أن الحرب أو بعض العوامل الاقتصادية هي فقط السبب وراء انهيار العملات لكن الظاهر أن جورج سوروس موجود في كل بلد تشهد أزمات اقتصادية ومالية..فتشوا عنه فقد تجدونه على طاولة الاجتماع معكم !!