بينما تمطر المقاتلات الامريكية سماء اليمن بالقصف على مواقع ميليشيا الحوثي وبينما تتوسع العقوبات الدولية في تضييق الخناق على الجماعة يقف اليمن عند مفترق طرق اخر العالم يتحرك والاحداث تتسارع لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة اين هي الشرعية من كل هذا
ضربات امريكية وشرعية غارقة في صراعاتها
ان ما يجري اليوم ليس مجرد هجمات عسكرية عابرة بل اعادة تشكيل لمعادلة الصراع في اليمن واشنطن التي كانت تفضل نهجا دبلوماسيا طيلة السنوات الماضية قررت كسر الصمت والرد بقوة على تهديدات الحوثيين للملاحة الدولية
وفي الوقت الذي كان يفترض فيه ان تكون الشرعية اليمنية حاضرة بقوة تقود الجهود الدبلوماسية وتعزز مكاسبها العسكرية وجدناها غارقة في معاركها الداخلية بين رئيس وزراء يتصارع مع وزرائه ووزراء يبحثون عن معارك جانبية هذه المشاهد الهزيلة انعكست بوضوح على صورة الشرعية امام العالم الذي يراها عاجزة عن استثمار الفرص المتاحة
كيف يمكن الاستفادة من اللحظة
1 تحويل العقوبات الى ورقة ضغط دولية
العقوبات الامريكية والاوروبية ليست مجرد اجراءات روتينية بل يمكن استخدامها لدفع المجتمع الدولي نحو خطوات اكثر صرامة مثل اعادة الحوثيين الى قوائم الارهاب وقطع التمويل الايراني عنهم لكن هذا يتطلب تحركا دبلوماسيا نشطا وليس فقط بيانات الترحيب التي تنشر دون ان يتبعها عمل حقيقي
2 استعادة الخطاب القوي والموحد
لا يمكن للشرعية ان تظل رهينة ردود الافعال الباهتة عليها ان تستغل التصعيد الامريكي لاعادة تعريف الصراع دوليا والتاكيد على ان الحرب ليست حربا اهلية بل معركة بين الدولة وميليشيا ارهابية يجب ان يصل هذا الصوت الى صناع القرار في واشنطن واوروبا بدلا من ان يضيع في اروقة الخلافات الداخلية
3 ملف الاتصالات فرصة يجب اقتناصها
احد الملفات المطروحة حاليا هو المقترح الامريكي لنقل ادارة الكابلات البحرية الى عدن مما يعني انهاء سيطرة الحوثيين على قطاع يستخدمونه لتمويل عملياتهم الاستخباراتية والعسكرية هذه فرصة حقيقية لضرب الحوثيين في نقطة ضعفهم لكن هل ستتقدم الحكومة بمشروع واضح وجاد ام ستغرق في الجدل الداخلي حتى تضيع هذه الفرصة ايضا
4 تحقيق مكاسب عسكرية بدلا من الاكتفاء بالمشاهدة
لا يمكن للحكومة ان تكتفي بمشاهدة الطائرات الامريكية تقصف الحوثيين ثم تتوقع ان يتغير ميزان القوة تلقائيا هذه الضربات تمنح الجيش الوطني والتحالف فرصة للضغط ميدانيا لكن ان لم تتحرك القوات على الارض فستبقى هذه الهجمات مجرد جولة اخرى تضاف الى الارشيف دون نتائج ملموسة
5 البناء على وحدة القوى السياسية
في ظل هذه المتغيرات هناك فرصة حقيقية للبناء على توحد القوى السياسية في اطار التكتل الوطني لللاحزاب والمكونات السياسية الذي يمثل خطوة متقدمة نحو انهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة هذا التكتل يمكن ان يشكل رافعة سياسية قوية تعزز موقف الشرعية امام المجتمع الدولي وتخلق جبهة موحدة في مواجهة الحوثيين لكن نجاحه مرهون بمدى قدرته على تجاوز الحسابات الضيقة والعمل بفاعلية ككيان وطني جامع
العالم لا ينتظر والفرصة لا تتكرر
الواقع واضح جدا من لا يستغل الفرص يخسر هذه ليست المرة الاولى التي تجد فيها الشرعية نفسها امام نافذة سانحة لتغيير المعادلة لكنها في كل مرة تتردد وتتباطا ثم تندب حظها عندما تفوت الفرصة
اليوم قرر المجتمع الدولي ان الحوثيين يشكلون خطرا لا يمكن تجاهله لكن ان لم تكن هناك حكومة يمنية تتصرف كدولة وتتحرك بجدية فلن يكون هناك تغيير حقيقي
الكرة في ملعب الشرعية فهل ستتصرف هذه المرة بحجم اللحظة ام انها ستسجل فرصة ضائعة اخرى في سجلها الطويل من الاخفاقات
-->