غياب محمد علي الحوثي... هل هو اختفاء مؤقت أم تغييب مقصود؟

د. علي العسلي
الاثنين ، ٢٤ فبراير ٢٠٢٥ الساعة ٠٣:١٥ مساءً

 

كان يوم أمس مشهدًا لافتًا، حيث احتشد أتباع "محور المقاومة" في الضاحية الجنوبية للمشاركة في تشييع الأمينين العامين السابقين لحزب الله، وسط حضور مكثف لقادة الجماعات المرتبطة بإيران. ولم يتخلف عن المشهد سوى من لم يتمكن من الحضور جسديًا، فشارك عبر وسائط التواصل الاجتماعي.

لكن المفاجأة الأبرز لم تكن فيمن حضر، بل فيمن غاب! محمد علي الحوثي، القيادي البارز في جماعة الحوثيين، اختفى عن الأنظار وعن التغريدات—ما لم يكن قد غيّر حساباته أو كان ضمن الوفد الحوثي ويتكتمون على إظهاره حتى يرجع، وهو أمر يثير التساؤلات.

فمنذ خطابه الجماهيري الشهير في الخامس عشر من هذا الشهر، من منصة مسيرة "على الوعد مع غزة.. ضد التهجير، ضد كل المؤامرات"، والذي وجه فيه رسائل إلى السعودية والإمارات ومصر والأردن وغيرها، داعيًا إلى توحيد الجهود العربية لمساندة غزة وعدم السماح بالتهجير والاستهداف، وحين قال أيضًا إن السفينة الأمريكية "هاري ترومان" اصطدمت بإحدى السفن التجارية، معتبرًا أن هذا الحادث لم يكن ليقع لولا القلق والتوتر النفسي الذي يسببه "البأس اليماني"—وخاطب أتباع الحوثي قائلًا:

"ترسانة جيشكم عادت لما كانت عليه وجاهزة ومذخّرة، وكل الخيارات موضوعة على الطاولة، وكل شيء على أهبّة الاستعداد."

بعد هذا، لم يُسمع له صوت.

غياب محمد الحوثي عن الحديث حول تشييع حسن نصر الله، وعن هذا الحدث الكبير، يثير التساؤلات: هل هو غائب بإرادته أم مغيَّب قسرًا؟ هل هناك خلافات داخلية في صفوف الحوثيين دفعته إلى الابتعاد عن المشهد؟ أم أن هناك ترتيبات تجري في الخفاء أدت إلى إبعاده مؤقتًا؟ أم ماذا؟ وربما كان غيابه أفضل له حتى لا يقع في المصير نفسه الذي لاقاه آخرون في فضائح شركية، كما حدث مع معاذ الجنيد مثلًا، الذي اعتبر نعش نصر الله "عرش الرحمن"، ومن يحمل الجنازة "جبريل"، ومفردات شركية أخرى، والعياذ بالله من مثل هؤلاء الشعراء الذين في كل واد يهيمون.

ففي سياق سياسي وأمني معقد، حيث تسود التوترات في المنطقة، يصبح غياب شخصية قيادية مثيرة للجدل كمحمد الحوثي أمرًا يستحق التوقف عنده. فهل أُجبر على الصمت؟ هل تلقى تحذيرات بعد خطابه الأخير؟ أم أن الأمر لا يتعدى الإفلاس، وليس لديه ما يقوله؟ خصوصًا أن تغريداته المشفّرة لم تعد تلقى اهتمامًا في ظل التهدئة غير المعلنة للحوثيين مع الأمريكيين.

المثير أن كل قادة "المحور الإيراني" شاركوا في التشييع أو تفاعلوا معه، باستثناء محمد الحوثي، الذي يبدو وكأنه قد أُخرج من المشهد فجأة. فهل "أكلوه تفاحًا" كما يُقال في لغة اليمنيين، أم أن هناك شيئًا ما؟

الأيام القادمة وحدها ستكشف الحقيقة، لكن المؤكد أن غياب محمد الحوثي في الحديث عن حدث بهذا الحجم ليس مجرد مصادفة!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي