قيفة .. معقل الصمود القبلي في وجه الدمار الحوثي

محمد مصطفى الشرعبي
الأحد ، ١٢ يناير ٢٠٢٥ الساعة ١٢:٢٠ مساءً

 

تعد منطقة قيفة رداع واحدة من أبرز رموز القبيلة في اليمن، وملاذاً أخيراً للقيم القبلية التي قاومت كل محاولات الهيمنة والاستبداد. تقع قيفة في محافظة البيضاء، وهي منطقة وعرة تتسم بتضاريسها الجبلية التي شكلت لقرون عدة حصناً منيعاً للقبائل

في السنوات الأخيرة، أضحت مأساة قيفة شاهداً حياً على حجم الكارثة الإنسانية التي أشعلها الحوثيون في اليمن. فلم تكتفِ الجماعة بالسيطرة على المدن والقرى، بل نقلت حربها إلى عمق المناطق القبلية، مستهدفة الهوية الاجتماعية والنسيج القبلي المتماسك.

 

هجوم الحوثيين على قيفة: دمار وانفجارات تهز القبيلة

 

شهدت قيفة واحدة من أعنف الهجمات العسكرية التي قادتها ميليشيات الحوثي، حيث استخدمت جميع أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة في محاولتها لاختراق الحصن القبلي. لجأ الحوثيون إلى القصف العشوائي للمنازل والقرى باستخدام المدفعية والطائرات المُسيّرة، ما تسبب في دمار هائل للبنية التحتية وسقوط عشرات الضحايا بين المدنيين.

تعمّدت الجماعة استهداف المدارس والمساجد، بل حتى خزانات المياه، في محاولة لتركيع سكان المنطقة وكسر إرادتهم. وكانت الانفجارات المتتالية التي هزت قيفة شاهداً على استخدام الحوثيين للعبوات الناسفة والألغام الأرضية التي زرعوها بكثافة حول المناطق السكنية، مما جعل العودة إلى القرى المهجورة شبه مستحيلة.

 

الحرب على قيفة: محاولة لكسر الهوية القبلية

 

قيفة، التي طالما عُرفت بصمودها وبأس رجالها، أصبحت هدفاً لحرب شرسة قادتها ميليشيات الحوثي. فبدلاً من الحوار أو السعي للتعايش، عمد الحوثيون إلى محاصرة المنطقة وقصفها بشكل عشوائي، ما أدى إلى تهجير المئات من السكان وتدمير القرى والمزارع.

هذه الحرب لم تكن مجرد مواجهة عسكرية؛ بل كانت حرباً على روح القبيلة التي ظلت صامدة أمام محاولات الطمس والاستبداد.

القبيلة في مواجهة الاستبداد

في قيفة، لا تزال روح المقاومة متأججة رغم كل الجراح. استطاع أبناء القبيلة الصمود لفترة طويلة أمام آلة الحرب الحوثية، مستندين إلى تاريخهم الطويل في الدفاع عن كرامتهم وأرضهم. ومع ذلك، فقد دفعت المنطقة ثمناً باهظاً نتيجة الحرب، حيث تفاقمت معاناة المدنيين وانعدمت أبسط مقومات الحياة.

 

الكارثة الإنسانية في قيفة

 

المأساة في قيفة ليست فقط عسكرية، بل إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. مئات الأسر شُرِّدت، وأطفال فقدوا حقهم في التعليم، وانتشرت الأمراض بسبب الحصار ونقص الخدمات الأساسية. ومع ذلك، فإن المجتمع الدولي لا يزال عاجزاً عن اتخاذ موقف حازم لإنهاء هذه المأساة.

تُوجّه قيفة اليوم رسالة إلى العالم: أنقذوا القبيلة اليمنية من الاندثار، واحفظوا قيمها وهويتها التي تمثل جزءاً أصيلاً من التراث الإنساني. فالصمود الذي أبدته قيفة وأبناؤها لا ينبغي أن يُترك وحيداً أمام مشروع يسعى لإلغاء التنوع وقيم التعايش.

ختاماً، تظل قيفة آخر حصون القبيلة في اليمن، وشاهداً على أن الكرامة والحرية لا تزالان حاضرتين في قلب الإنسان اليمني، رغم كل المحن والآلام.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي