صواريخ الحوث-إيراني من اليمن... رسائل متبادلة بين إيران وأمريكا والكيان الصهيوني!

د. علي العسلي
الأحد ، ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٧ مساءً

 

أعلنت الوكالة الإيرانية "فيوور" أن الولايات المتحدة نفذت عملية اغتيال استهدفت قائدين بارزين في الحرس الثوري الإيراني في العاصمة اليمنية صنعاء يوم 16 ديسمبر. على الرغم من أهمية الحادث، لم تكشف الوكالة عن أسماء القياديين أو تفاصيل دقيقة حول أدوارهم في اليمن، مما يفتح الباب لتساؤلات استراتيجية حول أهداف إيران في استخدام الأراضي اليمنية.

 

وجود الحرس الثوري الإيراني في صنعاء يثير العديد من علامات الاستفهام. هل تسعى إيران إلى حماية مصالحها الإقليمية أو تأمين نفوذها الاستراتيجي من خلال هذا التواجد؟ 

وهل تعتقد أن هذه الخطوة قد تمنع أي عدوان أمريكي أو من قبل الكيان الصهيوني على أراضيها أو منشآتها النووية؟ 

التجارب السابقة، مثل وجودها في لبنان وسوريا، تشير إلى عكس ذلك؛ إذ لم تمنع تلك الأذرع عدوان الكيان المتكرر على مصالح إيران في سوريا ولا على المواقع الإيرانية في الأراضي الإيرانية. لذا، يبقى السؤال مفتوحًا حول فعالية هذا النهج في اليمن.

 

في الأسابيع الأخيرة، صعّد الكيان الصهيوني من عدوانه ضد منشآت حيوية مدنية في اليمن، مستهدفًا مواقع استراتيجية تشمل مطار صنعاء الدولي، محطتي حزيز ورأس كثيب لتوليد الكهرباء، وموانئ الحديدة، الصليف، ورأس عيسى على الساحل الغربي.

 

 هذا العدوان يأتي في سياق محاولات رئيس حكومة العدو (نتنياهو) التسخين بالحلقة الأضعف لتحجيم النفوذ الإيراني الذي يستغل الأراضي اليمنية لتحقيق أهداف إقليمية قبل الوصول إلى رأس الأفعى في طهران كما يحلو له ترديد ذلك دومًا.

 

الولايات المتحدة وبريطانيا بدورهما كثفا ضرباتهما الجوية ضد مواقع الحوثيين، مستهدفين معسكرات ومواقع استراتيجية، مثل معسكر الصيانة في حي النهضة ومطار صنعاء الدولي. هذه الهجمات تعكس سياسة واشنطن وبريطانيا تجاه الحوثيين.

 

الحوثيون الذين تصنفهم أمريكا كتنظيم إرهابي، تؤكد سعيها لاحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة ولضمان سلامة الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

 

منذ 19 نوفمبر، كثفت جماعة الحوثي هجماتها الصاروخية والبحرية، مدعية دعم المقاومة الفلسطينية في غزة. 

لكن التقارير الميدانية تفيد بأن تأثير هذه العمليات محدود للغاية، حيث لم تحقق أهدافًا ملموسة في دعم المقاومة، بل زادت من تعقيد المشهد اليمني فأدت إلى تعميق المعاناة الإنسانية في اليمن وتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وتضرر بلدان عربية كجمهورية مصر العربية التي خسرت مليارات الدولارات وزادت من عزلة الجماعة على المستوى الإقليمي والدولي.

 

الهجمات الحوثية البحرية والضربات باستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة التي وصلت إلى مناطق مثل تل أبيب "يافا"، وكذلك العدوان الأمريكي والبريطاني والكيان الصهيوني عبر عمليات عسكرية مركزة، تمثل تصعيدًا خطيرًا وتدل على تفاقم التوترات الإقليمية.

 

 الضربات الجوية التي تقودها واشنطن وحلفاؤها تحمل رسائل واضحة لطهران وحلفائها الحوثيين، مفادها أن النفوذ الإيراني لن يُسمح له بالتوسع دون رد. 

 

من جهة أخرى، تشير تقارير إلى انسحاب بعض قيادات الحرس الثوري الإيراني من اليمن، تاركين الحوثيين في مواجهة مصيرهم مباشرة مع الحلف الثلاثي (أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني)، ومع الضغوط الدولية والإقليمية، كما تُركوا غيرهم قبلهم.

 

في المقابل، تسعى إيران من خلال دفعها للحوثيين بمشاغلة أمريكا والصهاينة لتأكيد قدرتها على تهديد المصالح الأمريكية ودويلة إسرائيل عبر أدواتها في المنطقة. كلما عجز الكيان الصهيوني عن اعتراض الصواريخ الحوثية، يتعزز لدى إيران وحلفائها شعور بالقدرة على ردع أي استهداف مباشر لهم.

 

اليمن، إذن، يتحول تدريجيًا إلى ساحة مواجهة غير مباشرة بين القوى الكبرى، حيث تسعى إيران إلى استخدامه لتحقيق أهدافها الإقليمية، فيما تبذل واشنطن جهودًا مكثفة للحد من هذا النفوذ. هذا التصعيد يجعل اليمن في قلب العاصفة، حيث تتداخل المصالح الإقليمية والدولية على حساب الشعب اليمني.

 

ختامًا، إن التصعيد العسكري الحالي يُبرز تعقيد المشهد الإقليمي وتشابك المصالح الدولية، ويثير تساؤلات حاسمة: هل ستؤدي هذه التطورات إلى تصعيد أوسع نطاقًا أم ستجبر الأطراف على العودة إلى طاولة المفاوضات؟ 

 

اليمن اليوم يقف في قلب عاصفة سياسية وعسكرية، حيث تتداخل المصالح الإقليمية والدولية على حساب الشعب اليمني. فهل سنشهد قريبًا بارقة أمل نحو تسوية سياسية توقف نزيف الدم والمعاناة، أم أن الصراعات ستستمر في الهيمنة على المشهد؟

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي