استعراض الأحداث والتطورات الأخيرة
الوضع في المنطقة واليمن لا يسرُّ أحدًا: حوثي متعنت ومضلل، وكيان صهيوني خبيث يسعى لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط بما يتناسب مع مصالحه. الغرب، من جانبه، يبدو غير إنساني، متجاهلًا جرائم الكيان الصهيوني وإبادته الجماعية للفلسطينيين، مما يزيد المشهد قتامةً.
أما في اليمن، فهناك خارطة طريق لا يعرفها بعد الشعب اليمني، ويُقال إنها تهدف إلى بناء الثقة وتخفيف معاناة الشعب، إلا أن الحوثيين يتعاملون معها وكأنها إعلان هزيمة للشرعية والتحالف العربي، وخصوصًا السعودية. في الوقت ذاته، يبدو محور إيران متهاويًا، لتبقى المليشيات الحوثية الورقة الأخيرة في يده، مما يجعل فرص الحسم العسكري أقرب من أي وقت مضى.
وفي خضم هذه التطورات، جاء عدوان الكيان الصهيوني على منشآت يمنية حيوية، منها موانئ ومرافق حيوية، ليعقّد المشهد أكثر، ويعطّل فرص السلام في اليمن، وربما ليطيل أمد الصراع بشكل متعمد.
انعقاد دائم... ونتائج غائبة
في ظل هذه الأوضاع، عقد مجلس القيادة الرئاسي اجتماعات مكثفة وهو في انعقاد دائم في الرياض، بحضور جميع أعضائه. وقد التقى بسفراء بعض الدول الكبرى والصغرى. تلا ذلك لقاءات منفردة بين أعضاء المجلس، وسط تساؤلات وتكهنات حول السيناريوهات المقبلة: هل يتجه اليمن نحو التصعيد العسكري، أم نحو اتفاق سلام بشروط غير عادلة؟
لكن اللافت في هذه الاجتماعات أنها، رغم كثافتها، لم تخرج بأي قرارات ملموسة لحد الآن، مما يثير تساؤلات عن جدواها. لغة الجسد لأعضاء المجلس خلال الاجتماعات بالسفراء أوحت بقلق وانزعاج واضحين، مما دفع الكثيرين للتساؤل: هل هذه الاجتماعات لتوحيد الصفوف أم لتكريس الأجندات الخارجية؟
حتى الآن، اقتصرت مخرجات الاجتماعات على عبارات عامة ومكررة مثل: "ناقش، استمع، أثنى، أكد، شدد، أدان". حتى الآن، يبدو أن اجتماعات مجلس القيادة الرئاسي تعيد للأذهان بيانات القمم العربية الشهيرة، التي غالبًا ما تتضمن قرارات بلا تنفيذ. أي أن اجتماعات المجلس تحصل دون قرارات عملية تُترجم إلى أفعال على أرض الواقع.
ربما الجديد في اجتماعات المجلس أنه يُقلد اجتماعات مجلس الأمن، إذ في جلساته المفتوحة يسمع للجهات المعنية لتعرض مشكلاتها، ثم يختلي المجلس بجلسات مغلقة ويتخذ ما يراه من قرارات. بالنسبة لأصحابنا لم نرَ أي شيء إيجابي ينعكس على الواقع حتى يعزز الثقة بهم من قبل شعبهم.
التحديات والفرص
تزامن هذه الاجتماعات مع عدوان الكيان الصهيوني على مقدرات الشعب اليمني يمثل تحديًا إضافيًا، حيث يستغل الحوثيون هذه الأحداث لتعزيز خطابهم الشعبوي وتقديم أنفسهم كمدافعين عن اليمن، بينما هم سبب كل معاناته.
غياب ردود فعل قوية من قبل الشرعية والاكتفاء بالإدانة للكيان الصهيوني وتحميل الحوثي المسؤولية يعزز الشعور بفقدان مجلس القيادة الرئاسي للرؤية الموحدة، ويضعف موقفه أمام الشعب، فهو من يمثل الشرعية والتي هي المسؤولة عن هيمنة الحوثيين على مقدرات الشعب ومواقعه ومؤسساته منذ سنوات.
خاتمة: نحو قرارات تعزز الثقة
الوضع الحالي يتطلب قرارات جريئة وحاسمة من مجلس القيادة الرئاسي. ينبغي اتخاذ خطوات عملية تعيد ثقة الشعب بالشرعية، مثل:
- طلب مجلس الأمن للانعقاد للنظر في العدوان الصهيوني المتكرر.
- توفير الخدمات الأساسية ودفع رواتب الموظفين بانتظام.
- إعادة هيكلة الوظائف العليا بناءً على الكفاءة.
- توحيد الجهود العسكرية والأمنية تحت قيادة مركزية موحدة.
- الإعلان بشكل واضح عن خارطة الطريق المعروضة، مع توضيح البنود التي تم الاتفاق عليها، وتلك التي تتحفظ عليها السلطة الشرعية.
مثل هذه الإجراءات لا تقتصر على تعزيز الثقة بين المجلس والشعب، بل تُمثل بداية فعلية نحو بناء يمن قوي ومستقر.
جمعة مباركة للجميع، لعلها تحمل قرارات تلامس تطلعات الشعب اليمني.
-->