يشير العدوان الصهيوني الأخير على اليمن إلى سياق معقد قد يكون في صالح الحوثيين، إذْ أتاح لهم استغلال الوضع لصالحهم وتعزيز خطابهم السياسي داخليًا وخارجيًا. فبعد أن كان الحوثيون في موقف ضعيف، جاء العدوان الصهيوني على غزة وحاليًا على اليمن ليعيد إليهم القدرة على التصعيد وكسب الدعم الشعبي المحب للشعب الفلسطيني والداعم للقضية الفلسطينية مستفيدًا الحوثي من هذا المزاج.
إن الضربة التي شنّها الكيان الصهيوني فجر اليوم على اليمن جاءت في توقيت حساس، حيث كانت الاجتماعات المكثفة لمجلس القيادة الرئاسي تشير إلى تحولات حاسمة قد تشمل التوجه نحو التصعيد العسكري أو توقيع اتفاق سلام. هذه الهجمات قد تكون قد أعاقت قرارات مهمة أو خلطت الأوراق، مما يجعل التساؤل مشروعًا: هل كان هدفها إحباط مساعي السلام والاستقرار في اليمن واستمرار الفوضى بهذه البقعة المهمة من العالم؟
الهجمات التي استهدفت منشآت مدنية في صنعاء وموانئ الحديدة، عكست معادلة معقدة. فمن جهة، أصبحت القيادة الشرعية في موقف يتطلب إعادة ترتيب أولوياتها، ومن جهة أخرى، قد تدفع هذه الضربة المجتمع الدولي إلى تعزيز الضغوط لتجنب تصعيد جديد في اليمن. يجب أن تكون هذه الضربة ناقوس خطر يتطلب اتخاذ قرارات صعبة، منها أن يتنازل اليمنيون لبعضهم البعض بدلاً من التصعيد، والتركيز على التفاوض والتوصل لحل يجنب اليمن مزيدًا من الدمار، ويستعيد الدولة ويحافظ على السيادة اليمنية.
الهجوم على البنية التحتية اليمنية، من محطات كهرباء وموانئ، وهي مقدرات الشعب اليمني، يثير أسئلة حول الأهداف الحقيقية لهذه الضربات. إذا كان الهدف هو ردع الحوثيين، فلماذا يتم استهداف الكهرباء وخزانات الوقود وباقي البنى التحتية للشعب اليمني التي يستفيد منها الشعب اليمني قبل الحوثيين؟ ولماذا يتحمل الشعب اليمني وزر هذا العدوان؟ ولماذا تضخيم مقدرة وخطر الحوثيين؟ ولماذا يعترف (نتنياهو) بالعجز، ليقر بأن الحوثيين هم المتبقون الأخيرون من أذرع إيران؟ مثل هذه الأسئلة تُظهر أن الغارات الصهيونية قد تكون تُشنّ لأهداف مشبوهة، لتعزيز الفوضى وتداعيات كارثية، وبالتالي قد تمثل طوق نجاة للحوثيين.
الحلول والمقترحات
على السلطة الشرعية أن ترفض بشكل قاطع استهداف مقدرات الشعب اليمني، وأن تدين العدوان الصهيوني على الأراضي اليمنية. من الضروري أن تطلب الحكومة اليمنية انعقاد مجلس الأمن بشكل عاجل لإدانة الغارات الصهيونية الأخيرة، لأن هذا العدوان يمثل اعتداءً على سيادة اليمن، كما أنه سيُفاقم الوضع الإنساني في البلاد. هذه الرؤية ستقوي الشرعية في مواجهة التهديدات القائمة، وستسحب البساط من تحت أقدام الحوثيين. وعليه، ومن أجل تعزيز موقفها، يجب على السلطة الشرعية تعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي، توحيد الصفوف، ووضع رؤية وطنية شاملة تقوي الموقف وتؤدي إلى حسم مسألة المراوحة في التفاوض مع الحوثيين.
خاتمة
المرحلة الراهنة تتطلب من القيادة القدرة على تحقيق التوازن بين المصالح الوطنية والضغوط الدولية. كما أن تحقيق السلام المستدام يتطلب شراكة حقيقية مع كافة الأطراف، دون تقديم تنازلات تمس سيادة الدولة وحقوق الشعب اليمني. إن العدوان الصهيوني يعد تهديدًا كبيرًا للسلطة الشرعية، ليس فقط من حيث الأضرار المباشرة التي لحقت بالبنية التحتية، ولكن أيضًا من حيث تأثيره على الموقف السياسي داخليًا وخارجيًا. استغلال الحوثيين لهذا العدوان يشكل تحديًا إضافيًا، حيث يتيح لهم استقطاب الدعم الداخلي والخارجي عبر تفعيل قضية فلسطين، ما يضع الشرعية أمام تحدٍ أكبر في مواجهة هذا الموقف. من الأهمية بمكان أن تتخذ السلطة الشرعية موقفًا حازمًا يعكس دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني، والدفاع عن مصالح الشعب اليمني والحفاظ على سيادة البلاد. مواجهة هذا العدوان تتطلب توحيد الصفوف داخليًا وتعزيز التعاون مع المجتمع الدولي، خصوصًا في هذه المرحلة التي تتطلب حكمة في اتخاذ القرارات.
فهل سيستطيع مجلس القيادة الرئاسي تجاوز هذه التحديات؟ الإجابة تكمن في قدرتهم على تجاوز الانقسامات الداخلية وصياغة رؤية موحدة تخدم اليمن وشعبه.
خميسكم وجمعتكم مباركة..
-->