إيران بين الطموحات التوسعية وتدمير استقرار سوريا واليمن

د. علي العسلي
الاثنين ، ١٦ ديسمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٣٨ مساءً

 

(كيف تساهم إيران في تعميق الأزمات الإنسانية والسياسية في منطقتنا العربية؟)

 

تجسد الطموحات التوسعية لإيران في سوريا واليمن الوجه الحقيقي لسياساتها القائمة على الهيمنة والتدخل في شؤون الدول الأخرى. هذا التدخل لم يقتصر على زعزعة الاستقرار السياسي، بل امتد ليشمل تداعيات كارثية على المستويات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، ما جعل إيران سببًا رئيسيًا في تعميق الأزمات بدلاً من المساهمة في حلها.  

إيران وسوريا: شريك في الدمار  

في سوريا، قدمت إيران دعمًا غير محدود للنظام الحاكم عبر ميليشيات مثل "حزب الله" و"فيلق القدس"، ما ساهم في إطالة أمد الصراع المستمر منذ ثلاثة عشر عامًا. أدى هذا التدخل إلى تعقيد المشهد السياسي وغياب أي أفق لحل مستدام. وصلت الأوضاع الإنسانية في سوريا إلى مستويات كارثية، حيث نزح أكثر من (14 مليون شخص) داخليًا وخارجيًا، ودُمرت البنية التحتية، وأصبح (12 مليون سوري) يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

ورغم التكاليف الهائلة، فشلت إيران في تحقيق أهدافها طويلة المدى. على العكس، بات يُنظر إليها كقوة استغلالية تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة. وتجلّى هذا الاستغلال مؤخرًا بمطالبة الحكومة السورية الجديدة بدفع أكثر من (30 مليار دولار) تكاليف تدخل إيران لصالح النظام.  

إيران واليمن: ميليشيات الفوضى  

في اليمن، أعادت إيران السيناريو نفسه من خلال دعمها الكبير للحوثيين بالتسليح والتدريب. حوّلت هذا الدعم الحوثيين إلى أداة تخريبية تسعى لزعزعة استقرار اليمن، وفرض نموذج شبيه بـ"حزب الله" في لبنان.

أدى هذا التدخل إلى استمرار الصراع لأكثر من عقد، حيث نزح أكثر من (4.5 مليون شخص) داخليًا، وكثير منهم تعرض للنزوح المتكرر بسبب استهداف الميليشيات لمخيماتهم. بالإضافة إلى ذلك، يعتمد نحو (80% من السكان) على المساعدات الإنسانية، في ظل انهيار الخدمات الأساسية وانتشار الأوبئة مثل الكوليرا.

المشهد الإنساني الكارثي: تشابه بين سوريا واليمن

في البلدين، تبرز مآسي النزوح القسري، والانهيار الشامل للبنية التحتية، وتفاقم الأزمات الصحية والتعليمية. في سوريا، غياب الأمل في مستقبل أفضل أصبح سمة عامة. أما في اليمن، فالمجاعة والأوبئة باتت تهدد حياة الملايين.

إيران: نمط متكرر من الفشل

التشابه بين المشهدين السوري واليمني يوضح إخفاق إيران في تحقيق الهيمنة الكاملة في الدول التي تتدخل فيها. فبينما لم تتمكن من فرض سيطرتها الكاملة على سوريا، تواجه في اليمن رفضًا شعبيًا واضحًا لمشروعها التخريبي. الشعب اليمني يقاوم استبداد الحوثيين، مصممًا على استعادة حريته وأراضيه من سيطرة الميليشيات.

الحلول: مواجهة المشروع الإيراني بفعالية

مواجهة التدخل الإيراني تتطلب تحركًا عربيًا ودوليًا مشتركًا لدعم جهود السلام والمبادرات الأممية. كما يجب التركيز على:  

1. إنهاء تمويل الميليشيات المسلحة.

2. تعزيز بناء الدول الوطنية من خلال دعم المؤسسات الشرعية في سوريا واليمن.

3. تقديم المساعدات الإنسانية والاقتصادية لإعادة بناء هذه الدول واستقرارها.

 

رسالة إلى الحوثيين

لقد أفاق العالم على جرائمكم التي أطفأت قناع "المظلومية". لا مجال بعد اليوم للعبث بأمن اليمن والمنطقة. إذا كنتم أذكياء، فلديكم خارطة طريق جاهزة للسلام. وقّعوا عليها وامنحوا اليمنيين فرصة لإعادة بناء ما دمرتموه.

أما محاولات التهديد الإقليمي والعالمي، فقد فقدت فعاليتها. أنتم المعتدون قبل وبعد، وصاعدو التوترات في البحر وأثناء العدوان على غزة. المسرحية انتهت، والدلال الدولي تبدد. عودوا إلى رشدكم، وتمسكوا بهويتكم اليمنية قبل فوات الأوان.

دعوة للمجتمع الدولي

إنهاء النفوذ الإيراني التخريبي يتطلب استراتيجية شاملة تعيد سيادة الدول وتحمي شعوبها من التدخلات التي لا تجلب سوى المزيد من الفوضى والمعاناة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي