المحرمي.. قائد العمالقة وأحد رموز التحول الوطني

د. علي العسلي
الأحد ، ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٣١ مساءً

المقدمة

 

تُعد التحولات التي يمر بها الأفراد، وخاصة القادة الذين يتركون بصمات واضحة في الميدان، مؤشرات على تطورات تتجاوز حدودهم الشخصية لتلامس قضايا وطنية أوسع تتعلق بمستقبل البلاد. في اليمن، تبرز شخصية العميد عبد الرحمن أبو زرعة المحرمي، قائد قوات العمالقة وعضو مجلس القيادة الرئاسي، كأحد أبرز الأمثلة على هذا النوع من التحولات. من قائد عسكري لقيادة قوة غير مهزومة، هي ألوية العمالقة التي جعلت منه رمزًا عسكريًا مميزًا، إلى شخصية سياسية محورية، يُعتبر المحرمي حالة تستحق التأمل. ألهمت مسيرته العديد من اليمنيين وأثارت تساؤلات حول تأثير هذا التحول على مشهد البلاد المعقد.

 

قائد ألوية العمالقة وإنجازات الميدان

 

يعد العميد المحرمي واحدًا من أبرز القادة العسكريين الذين برزوا خلال سنوات الحرب في اليمن. قاد ألوية العمالقة، القوة العسكرية التي لم تُهزم أبدًا، ما أكسبه سمعة قوية كقائد حاسم وفعّال. لعبت قواته دورًا حاسمًا في تحرير العديد من المناطق الاستراتيجية على الساحل الغربي، وصولًا إلى مشارف الحديدة، ومن ثم إلى شبوة وحريب مأرب. بدأ المحرمي مقاومة الحوثيين من عدن، ثم خاض معاركه من باب المندب، محققًا انتصارات ميدانية حاسمة، حيث حرر أكثر من 237 كيلومترًا من الأراضي. أصبحت إنجازاته محط أنظار الأوساط الوطنية والدولية.

 

لكن المحرمي لم يقتصر على مسيرته العسكرية. فقد انتقل إلى الساحة السياسية بانضمامه إلى مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022، وهو تحول كبير في مسيرته. ومن هنا، تطرح تساؤلات عديدة حول كيفية تأثير هذا التحول على إرثه العسكري، وهل سيتمكن من الحفاظ على مكانته الوطنية في هذا المشهد اليمني المعقد؟

 

التحديات السياسية ومسار التحول

 

الانتقال من القيادة العسكرية إلى القيادة السياسية يتطلب رؤية استراتيجية قادرة على موازنة التحديات السياسية والطموحات المستقبلية. انضمام المحرمي إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، رغم مكانته في الساحة العسكرية والسياسية اليمنية، يضعه أمام تحديات جسيمة. أمامه اختبار حقيقي: كيف يمكنه الحفاظ على تأثيره الوطني بعيدًا عن التورط في مشاريع سياسية ضيقة قد تضر بمستقبله القيادي أو تتناقض مع مصالح الوطن العليا؟

 

من جهة أخرى، يحمل المحرمي في شخصه رمزية وطنية كبيرة. أصبح يُنظر إليه كقائد قادر على إلهام الشعب اليمني لاستعادة سيادته على أراضيه. لكن التورط في مشاريع سياسية محدودة قد يُقلل من هذا الدور الوطني، خصوصًا إذا تعارضت هذه المشاريع مع المصالح الوطنية العليا.

 

دروس من التحولات القيادية

 

تقدم تجربة المحرمي دروسًا هامة في فنون التحول القيادي. إذ تبرز الحاجة إلى التخطيط الاستراتيجي والرؤية الواضحة عند الانتقال من مجال إلى آخر. فالنجاح العسكري لا يضمن النجاح السياسي إلا إذا كان مدعومًا بأهداف وطنية تشمل جميع الأطراف. وقد شكلت قوات العمالقة تحت قيادته نموذجًا للإصرار والانتصار، مما أضاف إلى التاريخ العسكري اليمني نجاحات غير مسبوقة.

 

يظل الهدف الأسمى في مسيرته هو مواصلة المساهمة في تحرير اليمن تحت قيادة المجلس الرئاسي. أمامه فرصة تاريخية لتجديد التزامه الوطني بعيدًا عن الاستقطابات الضيقة. ستساهم قراراته المستقبلية بشكل كبير في تحديد مسار مستقبله كقائد وطني، قادر على تقديم نموذج قيادي يجمع بين الإنجازات العسكرية والمواقف السياسية الحكيمة.

 

الخاتمة

 

العميد المحرمي، الذي قاد قوات العمالقة التي لا تُهزم وحقق انتصارات ميدانية بارزة، يمثل نموذجًا للقيادة العسكرية الناجحة. ولكن لضمان استدامة هذا الإرث، فإن المحرمي بحاجة إلى مراجعة دقيقة للمسار السياسي الذي يتبعه، بما يعيد تموضعه كرمز وطني جامع. اليمنيون الذين استلهموا من انتصارات قوات العمالقة القوة والأمل، يتطلعون إلى أن يواصل قائدهم دوره المحوري في تحرير اليمن من المليشيات الحوثية واستعادة سيادته.

 

التحول الذي يعيشه المحرمي يمثل فرصة لتقديم نموذج قيادي قادر على موازنة الإنجازات العسكرية مع المواقف السياسية الحكيمة، ليظل قائدًا وطنيًا محوريًا في المستقبل وأحد أبرز رموز التحول الوطني في اليمن.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي