كيف يستجدي مدرس جامعي زميله السلالي؟!

د. محمد شداد
الاربعاء ، ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٥٤ صباحاً

أنَّى لك أن تعيش في ظل سلطة عنصرية قسَّمت المجتمع إلى طوائف وفِرق، وزعت الوظيفة العامة والاستحقات المادية مرتبات وأجور بحسب المعتقد العرقية والولاء؟.. أن تعمل في مؤسسة تحكمها سلطة قسمت موظفي الدولة إلى طبقات يعطى البعض منهم أجورهم ومستحقاتهم بطرق ملتوية كاملة، ويحرم آخرون من أبسطها يصبح المحروم تحت رحمة صاحب العرق السامي يستجديه مائة ريال كي يركب الباص أو مبلغ كي يشتري به علبةً من دواء..

طامةٌ  كبرى أن ترى ميزانيات الأمة مداخيلها العامة منهوبة، ومداخيلها المتحصلة من القطاع الخاص تذهب للحروب ولعمل دورات طائفية لتهشيم المجتمع، وبناء مراكز أبحاث تهدف إلى مسخ الشباب وتحويلهم إلى مجرد أصوات فقراء مفرغة من القيم الدينية الوطنية والقومية، وتحويلهم إلى وحوش بشرية تطلقهم على ابناء عمومتهم يمارسون تفجير الدور القتل والتعذيب وهتك الأعراض دون رادع من عقل أو وازع من ضمير..

مصيبة أن ترى طبقة تتكئ على العرق لا تملك أي مؤهل تأكل لحم الضأن ترفل في الحرير وأسود القوم ورجاله موصدين على أنفسهم أبوابهم لا يجدون ما يسد رمقهم تهمتهم أنهم أحرار رفضوا بيع الكرامة والعمل وفقًا لمنهجية السلطة الغاصبة وهواها القاتل..

موحش أن ترى المتسولين من الرجال والنساء يملؤن شوارع المدن بما فيها العاصمة صنعاء وغيرهم يمرون بسيارات حديثة مدرعة قيمة الوحدة منها  قد تدفع مرتبات مؤسسة أو وزارة لشهور، وإذا  لمحت راكبيها ترى نظرات السخرية من الفقراء والكِبر يملآن عيونهم وقلوبهم..

هادم للقلب أن وصل  الناس إلى زمان أُهين فيه الكريم  وكُرِّم فيه الوضيع وقُرِّب فيه الجاهل وأبعد المتعلم وأصبحت المعايير الإنسانية والقيمية  معكوسة يسود عالم الغاب على عالم النظام العدل والقانون وقيم والمساواة..

محزن أن يصبح الفقر سلاحًا أحال المجتمع إلى خصوم يشي بعضهم ببعض، ويبغض بعضهم البعض الآخر، ويتهمه بل يتجرأ أحدهم على خطف طفلة في التاسعة من عمرها يغتصبها غير آبه بردة فعل المجتمع المحافظ بالقبيلة شرفها وأعرافها والسلطة وقوانينها بالعار وهدم الكرامة الإنسانية التي ستحل بأهلها بمختلف درجات النسب بعيدهم والقريب..

غايةٌ في الحزن أن يتسول موضف زميله في العمل، وهما يعملان في مؤسسة واحدة محتلة سلاليًا، مصادر دخلهم واحد دائرتهم المالية واحدة، وكشف الرواتب واحد، غير أن هذا يتقاضى كل ما لا يستحق وذاك لا يحصل على أي شيء مما يستحق.. محزن أن ترى الرويبضة يسودون في صنعاء، يتحدثون بشأن قضايا الأمة ومصائرها أمنها وعلاقاتها الدولية والإقليمية، وعقلائها وعلماؤها وحكمائها معقودي الألسن حبيسي الإرادة يبلعون أراءهم ورؤاهم يودعونها بطونهم رهبةً وخوف في زمن صارت العقل فيه منقصة والحكمة فيه عندهم جهلٌ وظلال..

مخيف أن ترى الشهائد الجامعية تباع، وشهائد الثانوية العامة تُمنح لأناس لم يحضروا الاختبارات، أن ترى الهدم العلمي والمعرفي يمارس عنوة، أن ترى طالب يعود من الخارج كان ابتعاثه بمعدل زائف، اصطدم بأول مسألة حسابية بقانونٍ فيزيائي بتجربة في الكيميا ثم عاد، أن ترى طلاب دراسات عليا تائهين يبحث المبتعت منهم في مواضيع تافهة لا تمت إلى ظواهر المجتمع اليمني الملئ بالجهل والخوف والفقر والمرض بصلة.. محزن أن يُستلب جيشًا بأكمله يخوض حرب لهدم بنيان جمهوريته بيده، وترى جيشًا من حملة الشهائد في جهل مركب، أنصاف متعلمين  طغوا بالجهل واغتصبوا السلطة، وبات الفضاء الرحب يطفح بقادة الصراعات والحقد والانتقام..

مصيبةٌ  كبرى أن ترى سلالة على خلاف أنظمة الحكم في كل الدنيا وعبر التاريخ تريد أن تحكم شعب نظَّم الجيوش شيد القصور والبنى والسدود ساد وحكم آلاف السنين وعرفت حضارته البشرية أجمع، كل طوحاتها أن تراه متسول ذليل جائعٌ ومريض بل وتستمتع برؤية الأسى في عينيه والألم في مفرداته حتى الثمالة..  فظيعٌ جهـل مـا يجـري وأفظـع منـه أن تـدري  وهل تدريـن يـا صنعـاء مـن المستعمـر السـري  غــزاة لا أشـاهـدهـم وسيف الغزو في صـدري  رحمك الله يا بردوني جواب العصور، المصور البصير لحالات اليمن وعاهاته المتوالدات..

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي