المغالطات الفقهية، للإمامة، وآل محمد، وأهل البيت، نكبت الأمة حين تحولت هذه المغالطات لدين بديل لدين الله، فهل فقه الإمامة والآل وأهل البيت من دين الله؟ سؤال مشروع نحاول تفنيده في هذا المقال وتفنيد دلالة الفقه في كتاب وحي الله.
حقائق قرآنية لا لبس فيها.
١- الدين دين الله شرعه الله لخلقه عبر رسله ورسالاته يقول سبحانه:
﴿۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحࣰا وَٱلَّذِیۤ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ وَمَا وَصَّیۡنَا بِهِۦۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَمُوسَىٰ وَعِیسَىٰۤۖ أَنۡ أَقِیمُوا۟ ٱلدِّینَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِیهِۚ كَبُرَ عَلَى ٱلۡمُشۡرِكِینَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَیۡهِۚ ٱللَّهُ یَجۡتَبِیۤ إِلَیۡهِ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِیۤ إِلَیۡهِ مَن یُنِیبُ﴾ [الشورى ١٣]
٢- الدين دين الله ولا شريك له بدينه يقول سبحانه:
﴿أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَـٰۤؤُا۟ شَرَعُوا۟ لَهُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا لَمۡ یَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةُ ٱلۡفَصۡلِ لَقُضِیَ بَیۡنَهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ﴾ [الشورى ٢١]
٣- دين الله لا يأتيه الباطل مطلقاً.
﴿لَّا یَأۡتِیهِ ٱلۡبَـٰطِلُ مِنۢ بَیۡنِ یَدَیۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِیلࣱ مِّنۡ حَكِیمٍ حَمِیدࣲ﴾ [فصلت ٤٢]
٤- دين الله لا اختلاف فيه.
﴿أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَیۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُوا۟ فِیهِ ٱخۡتِلَـٰفࣰا كَثِیرࣰا﴾ [النساء ٨٢]
هذا دين الله، هو من الله شرعه لخلقه، ولا يشاركه به أحد من الناس، ولا يأتيه الباطل مطلقاً، ولا اختلاف فيه، بينما الفقه رأي بشري، في فهم دين الله، قد يصيب وقد يخطئ، فيه الباطل والاختلاف، ولذا مذاهب الفقه مختلفة باختلاف المذاهب، وهو ليس بدين، وإذا كان الفقه دين كما يزعم البعض، فلماذا نواجه الفقه الشيعي الإمامي، الذي يؤسس للإمامة، في آل محمد من البطنين، فلا تطرف في القول أن الفقه من الناس، والدين من الله، بل التطرف هو الافتراء على الله بالقول بأن الفقه دين بديل لدين الله.
وندلل على ما سبق بما يلي:
أولاً: دور محمد رسول الله.
١- محمد يدعوا إلى الله لا لنفسه.
﴿وَٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ یَفۡرَحُونَ بِمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَۖ وَمِنَ ٱلۡأَحۡزَابِ مَن یُنكِرُ بَعۡضَهُۥۚ قُلۡ إِنَّمَاۤ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَلَاۤ أُشۡرِكَ بِهِۦۤۚ إِلَیۡهِ أَدۡعُوا۟ وَإِلَیۡهِ مَـَٔابِ﴾ [الرعد ٣٦]
٢-الرسول آمن بما أنزل إليه من ربه وليس بكتاب أخر.
﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَـٰۤىِٕكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَیۡنَ أَحَدࣲ مِّن رُّسُلِهِۦۚ وَقَالُوا۟ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ غُفۡرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَیۡكَ ٱلۡمَصِیرُ﴾ [البقرة ٢٨٥]
٣- الرسول يتبع ما يوحى إليه.
﴿ٱتَّبِعۡ مَاۤ أُوحِیَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَۖ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِینَ﴾ [الأنعام ١٠٦]
﴿وَٱتَّبِعۡ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیۡكَ وَٱصۡبِرۡ حَتَّىٰ یَحۡكُمَ ٱللَّهُۚ وَهُوَ خَیۡرُ ٱلۡحَـٰكِمِینَ﴾ [يونس ١٠٩]
﴿وَٱتَّبِعۡ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣰا﴾ [الأحزاب ٢]
﴿وَإِذَا لَمۡ تَأۡتِهِم بِـَٔایَةࣲ قَالُوا۟ لَوۡلَا ٱجۡتَبَیۡتَهَاۚ قُلۡ إِنَّمَاۤ أَتَّبِعُ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیَّ مِن رَّبِّیۚ هَـٰذَا بَصَاۤىِٕرُ مِن رَّبِّكُمۡ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣱ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ﴾ [الأعراف ٢٠٣]
٤- الرسول لا يستطيع تبديل القرآن.
﴿وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ ءَایَاتُنَا بَیِّنَـٰتࣲ قَالَ ٱلَّذِینَ لَا یَرۡجُونَ لِقَاۤءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَیۡرِ هَـٰذَاۤ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ قُلۡ مَا یَكُونُ لِیۤ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَاۤىِٕ نَفۡسِیۤۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا یُوحَىٰۤ إِلَیَّۖ إِنِّیۤ أَخَافُ إِنۡ عَصَیۡتُ رَبِّی عَذَابَ یَوۡمٍ عَظِیمࣲ﴾ [يونس ١٥]
٥-الرسول لا يتقول على الله.
﴿ وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ * لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَٰجِزِينَ﴾ [الحاقة ٤٤ -٤٧]
٦- الرسول يُبلغ ما أنزل إليه.
﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُۥۚ وَٱللَّهُ یَعۡصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ﴾ [المائدة ٦٧]
هذه توجيهات الله لرسوله، فمن هم الأئمة والفقهاء المعصومين، الذين يعتقد بهم التابعين، ويكونون أعظم من الرسول، ويتجاوزون دوره.
ثانياً: الفقه والفقهاء، يقولون في الغالب ب "آل محمد" وأنهم وحدهم سفينة نجاة الأمة، وهم مصابيح الهدى، ومفاتيح القرآن، ومن لا يصلي عليهم فلا صلاة له، بينما لا وجود لهم في كتاب الله، ولا توجد آية تذكر "آل محمد" فكيف يكون "آل محمد" من الدين، ولا وجود لهم في كتاب وحي الله؟
ثالثاً: دين الله أنزله الله هدى للناس جميعاً، وحجته عليهم ليحاسبهم الله به يوم الحساب، ولم ينزله لعلماء وفقهاء فقط، فكيف يحاسب الله الناس، على دين لا يفهموه ولا يفقهوه،﴿سُبۡحَـٰنَهُۥ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا یَقُولُونَ عُلُوࣰّا كَبِیرࣰا﴾ [الإسراء ٤٣]
ولنتدبر هذه الآيات:
١- ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ فِیهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدࣰى لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَـٰتࣲ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡیَصُمۡهُۖ وَمَن كَانَ مَرِیضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَۗ یُرِیدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡیُسۡرَ وَلَا یُرِیدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُوا۟ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا۟ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [البقرة ١٨٥]
هنا يقول الله القرآن هدى للناس وليس لعلماء وفقهاء وكلنا من الناس.
٢- ﴿وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةࣲ جَاثِیَةࣰۚ كُلُّ أُمَّةࣲ تُدۡعَىٰۤ إِلَىٰ كِتَـٰبِهَا ٱلۡیَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [الجاثية ٢٨]
لاحظوا هنا "جاثية تدعى بكتابها" وكتابنا الذي سندعى به، هو القرآن، لا سواه.
رابعاً: دين الله غير ناقص، فقد أكمله الله وأتمه، في كتاب وحيه، وسبحانه ليس بحاجة لفقهاء ليتموه ويكملوه، يقول سبحانه:
﴿……، ٱلۡیَوۡمَ یَىِٕسَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن دِینِكُمۡ فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِۚ ٱلۡیَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِینَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ نِعۡمَتِی وَرَضِیتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَـٰمَ دِینࣰاۚ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ فِی مَخۡمَصَةٍ غَیۡرَ مُتَجَانِفࣲ لِّإِثۡمࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾ [المائدة ٣].
لاحظ أكمل الله دينه وأتم به نعمته على خلقه.
خامساً: الله سبحانه ليس نسياً، ليأتي مخلوق من خلقه ليذكره بدينه الذي أنزله، يقول سبحانه:
﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمۡرِ رَبِّكَۖ لَهُۥ مَا بَیۡنَ أَیۡدِینَا وَمَا خَلۡفَنَا وَمَا بَیۡنَ ذَ ٰلِكَۚ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِیࣰّا﴾ [مريم ٦٤]
لاحظ قوله سبحانه وما كان ربك نسيا.
د عبده سعيد المغلس
١٨-١٠-٢٠٢٤ م
-->